يمكن مقارنة جنون بيتكوين هذه الأيام، مع "هوس التوليب" في هولندا في القرن السابع عشر، والذي أدى بشكل مأساوي إلى العديد من حالات الانتحار والإفلاس!
الزهرة التي تتمتع بجمال استثنائي وهالة من الرومانسية تسببت في فقاعة اقتصادية هائلة في أوروبا إذ ارتفعت أسعارها بشكل جنوني سريعاً ثم انهارت فجأة لتتسبب بالعديد من التأثيرات والدروس أيضاً عن الربح والثروة.
جاءت زهرة التوليب من آسيا إلى الأناضول مع السلاجقة. بعد تأسيس الإمبراطورية العثمانية، وزينت زهور التوليب مختلف مناحي الحياة. كانت هناك حدائق خاصة تسمى "هاس بهجة"hasbahçes ، والتي تم إعدادها للسلاطين في إسطنبول. على الرغم من أن الأوروبيين لم يكونوا يعرفون هذه الحديقة، إلا أن السلاطين كانوا قادرين على الابتعاد عن شئون الدولة المتعبة والاسترخاء فيها
جنون التوليب
في القرن السابع عشر تزايد الطلب على بَصَل زهرة التوليب مما أدى إلى ارتفاع ثمنها إلى حد غير مسبوق، ثم انهار سعرها فجأة في العصر الذهبي الهولندي، فكانت فقاعة اقصادية هائلة ما بين 1635 وعام 1637.
كان السفير النمساوي دي بوسبيك المعروف بكتابه "الحروف التركية" في الأراضي العثمانية في خمسينيات القرن السادس عشر، وأحضر معه عند عودته للنمسا بصيلات التيوليب من الحدائق الامبراطورية العثمانية.
واستطاع لوكلوس الذي كان مسؤولاً عن الحدائق، استنبات هذه البصيلات وقام بتحسين نوعية خاصة منها قادرة على تحمل المناخ في المناطق المنخفضة (مثل هولندا التي تعني حرفياً الأرض المنخفضة) ولأنه بروتستانتي، اختار أن يذهب إلى هولندا في نهاية القرن مع تزايد الاضطهاد الكاثوليكي.
وفي هولندا بدأت التوليب في تزيين منازل وحدائق الهولنديين بفضل كارولوس كلوسيوس، ونمت زهورها الملونة الحمراء والصفراء والبيضاء مع كل منها أسماء مختلفة، مثل "أميرال، جنرال، وغيرها من الأسماء بعضها مرتبط بالبحرية الهولندية" وكان أروعها تلك المصابة بفيروس يكسبها لوناً مثل ألسنة اللهب المشتعل.
هل تشتري قصراً في أمستردام أم ٤٠ زهرة توليب؟
في الربع الأول من القرن السابع عشر، ازدهر هوس التيوليب في هولندا، وبيعت الأزهار بأسعار لا تصدق
وعندما بلغ ثمن بعض الزهور ما يعادل سعر قصر في أمستردام عام ١٦٢٩، انتبه الجميع للعملة الثمينة التي ارتفع ثمنها بطريقة جنونية، فقد بلغ سعر ٤٠ بصيلة في إحدى صفقات البيع حوالي ١٠٠٠٠٠ فلورينة (وكان يمكن بنفس الرقم شراء قرابة ٣٠٠ رأس من الأغنام في ذلك الوقت).
حتى الفقراء بدأوا في زراعة زهور التوليب. وبعد بيع زهور التوليب تم شراء بصيلات باهظة الثمن.
وكانت هذه التجارة تغزو جميع مناحي الحياة، وبعد ازدهار زهرة التوليب، ووقع بائعون ومشترون عقوداً بالآجل تفيد أنهم سيشترون زهور التوليب في نهاية الموسم بأسعار غالية جداً.
وبسبب زيادة الطلب على زهور التوليب في بلدان مثل فرنسا أيضاً ، ازدادت الأسعار أكثر يوماً بعد يوم. أصبح سعر التيوليب النادر غير قابل للسيطرة عليه.
تجارة الرياح
في خريف عام 1636، وصل الهوس إلى أعلى مستوى، وأصبحت تجارة التوليب مقامرة. كان يتم بيعها في الحانات، وقد يزيد التوليب 10 أضعاف في اليوم.
تم تسجيل كل صاحب توليب وإعطاؤه وثيقة تثبت أنه هو المالك.
وكان الناس يبيعون أراضيهم وممتلكاتهم لتداول زهور التوليب. وهكذا، وصار يشار لتداول التوليب باسم "تجارة الرياح" وأصبح كثير من الناس أغنياء جداً بهذه التجارة، واعتقد الناس الحالمون بالثروة أنهم باستمرار يمكن أن يشتروها مهما كانت غالية ويبيعوها بأسعار أغلى وأن ذلك سيستمر.
لكن في ذلك الوقت بالتحديد كانت الفقاعة الاقتصادية في نهايتها غير المتوقعة! كما يوضح المخطط التالي
كيف انفجرت فقاعة التوليب؟
لم يتمكن التجار من الحصول على أي عقود بسبب الأسعار المرتفعة للغاية. وبدأ الهولنديون في بيع زهور التيوليب بدلاً من شرائها. فانخفضت الأسعار أكثر من 95 في المئة في أسبوع واحد في فبراير 1637.
وبسبب هذا تولد ذعر بين مالكي التوليب زاد من عمليات البيع ولم يعد يرغب كثيرون في الشراء فانهار السعر أكثر، وكانت المشكلة أكبر لدى أصحاب العقود الآجلة الذين دفعوا ثمن التوليب قبل زراعته، فقد صاروا يحملون إيصالات بقيمة زهرة عادية لا تساوي قيمة ما دفعوه فيها.
انتحر بعض الناس، في حين كان آخرون يحتفلون بالثروات التي حققوها وخرجوا من اللعبة قبل انفجار الفقاعة.
في عام 1637، وضعت الدولة ترتيباً جديداً لتجارة التوليب، وخلقت وضعاً تمكن السيطرة عليه.
وحينما يكتب علماء أو متخصصون عن السلوكيات الاستثنائية للجماهير، أو الفقاعات الاقتصادية فإنهم لا يزالون يستخدمون الهوس بالتوليب كمثال على فقاعة اقتصادية ربما يحدث أن تشبه فقاعة البيتكوين.