جذبت إسبانيا من يمكن القول إنهم ألمع 3 نجوم في عالم الساحرة المستديرة، إذ إن كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد، وليونيل ميسي ونيمار، لاعبي برشلونة تبرز مهارات ثلاثتهم في بطولة الدوري الإسباني (لا ليغا).
واعتاد مشجعو كرة القدم خلال العام 2016 رؤية الاتهامات بالتهرب الضريبي وهي تلاحق اللاعبين الثلاثة، بالإضافة إلى جرائم مالية أخرى تتهمهم بها المحاكم الإسبانية.
وهم ليسوا اللاعبين الوحيدين الذين يقعون في مرمى اتهامات المحاكم الإسبانية. ففي ذات العام حُكم على ليونيل ميسي وزميله في الفريق الإسباني خافير ماسكيرانو، بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ عقوبةً للاحتيال الضريبي.
ثلاثة لاعبين.. ثلاث محاكمات
اتُّهم ليونيل ميسي وأبوه خورخي بالاحتيال على السلطات الإسبانية من خلال التهرب من ضرائب مستحقة بقيمة 4.1 ملايين يورو (4.6 مليون دولار) على حقوق صور ميسي، التي تديرها شركات أجنبية في بليز وأوروغواي.
وحُكم على كليهما بالسجن لـ21 شهراً في حكمٍ أقرَّته مؤخراً المحكمة العليا في إسبانيا.
والآن ينبغي على المحكمة الابتدائية الأصلية في برشلونة أن تقرر ما إذا كانت ستوقف الحكم وفقاً للعرف الإسباني الذي يتعامل بتلك الطريقة مع من ارتكبوا جريمة لأول مرة ولم تتجاوز فترة حبسهم عامين.
كما أوصى محامو الادعاء العام بالحبس لمدة عامين ودفع 10 ملايين يورو غرامة ضد اللاعب البرازيلي نيمار، الذي بُرئت ساحته من تهمة الاحتيال، لكنه مثُل للمحاكمة في مزاعم حدوث فساد في صفقة انتقاله من نادي سانتوس البرازيلي إلى ناديه الحالي برشلونة الإسباني.
فيما صار رونالدو الآن ثالث اللاعبين وآخرهم انضماماً إلى ثلاثي الصفوة في بطولة "لا ليغا" الإسبانية، الذين يواجهون اتهامات جنائية، وذلك بعد أن أعلن محامو الادعاء العام أنهم كانوا يلاحقون لاعب مانشستر يونايتد السابق وصاحب الاثنين والثلاثين عاماً في أربع تهم تهربٍ ضريبي.
وقال مصدر قريب من رونالدو لـBBC "إنه حزين ومستاء للغاية" من هذه المزاعم، موضحاً "أنه لا يرغب في البقاء في إسبانيا، ويريد في هذه اللحظة أن يرحل".
كيف بدأت أزمة اللاعبين في إسبانيا؟
البداية كانت بعد فترة قصيرة من انتقال ديفيد بيكهام إلى ريال مدريد في العام 2003، كان النجم الإنكليزي المتقاعد قادراً على الاستمتاع ببرنامج إعفاء ضريبي جديد كان يرمي إلى جذب المواهب الأجنبية إلى إسبانيا في كل القطاعات.
صار البرنامج يُعرف باسم "قانون بيكهام"، عندما صار أول اللاعبين الذين يوقعون على عقد لمدة ستة أعوام بسقف ضريبي يبلغ 24%، وهو تقريباً نصف ما يدفعه الإسبان على الدخول التي تزيد عن 6 أرقام.
كانت إسبانيا في وسط حالة غير مسبوقة من الازدهار الاقتصادي، لتشكل أرضيةً مثاليةً لنجومٍ من أمثال الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو، وذلك قبل وصول كريستيانو رونالدو وظهور معجزة برشلونة ليونيل ميسي.
بيد أن قانون بيكهام أُلغي تطبيقه في العام 2010 على الرواتب التي تتجاوز 600 ألف يورو، ومنذ ذلك الحين بدأ مفتشو الضرائب في أن يفطنوا لاستخدام العمليات المالية المعقدة التي تستخدم شركاتٍ أجنبيةً وهميةً للتملص من القوانين الضريبية.
وأوضح كارلوس كروزادو، رئيس نقابة مفتشي الضرائب الإسبانية (غيسثا) قائلاً: "إن الخيط بين تجنب الضرائب والتملص من دفع الضرائب رفيعٌ للغاية، وكثفت مصلحة الضرائب الإسبانية في الأعوام الأخيرة من مراقبتها للاعبي كرة القدم وشركاتهم؛ لتحري ما إذا كانت هذه الشركات مجرد وجهات أو إذا كانت حقاً نشطة اقتصادياً".
ومثل اللاعبين الثلاثة اتهم خوسيه مورينيو مدير مانشستر يونايتد الحالي بالتهرب من دفع 3.3 مليون يورو، وذلك خلال الفترة بين عامي 2011 و2012، أي أثناء عمله مع فريق ريال مدريد.
اللاعبون يدافعون عن أنفسهم
قال القاضي المنوط به النظر في قضية ليونيل ميسي، إن الاعتراف بالجهل لا يُعتد به دفاعاً، وجادل أن أباه كان الشخص الوحيد الذي يعرف كيف تُدار أمواله.
وقد أنكر نيمار ارتكاب مخالفاتٍ، وأخبر المحكمة المنوطة بالتحقيق في قضيته أن أباه وشركاءه تعاملوا مع المسائل المتعلقة بالجوانب التجارية خارج الملعب.
وعلق رونالدو في أول ظهور له عقب اتهام المحكمة قائلاً: "لدي ضمير صاف"، بمعنى أن خطأه كان بنية حسنة، كما دافع النادي عن نجمه العالمي، نافياً الاتهامات الموجهة له.
وقال الفريق القانوني لكريستيانو رونالدو: "لا يوجد مخططٌ للتهرب الضريبي… لم يكن هناك أبداً أي إخفاء أو نية لإخفاء أي شيء".
هل سيذهب أي منهم إلى السجن؟
يبدو أن نيمار وليونيل ميسي سيكونان بمنأى عن دخول السجن بسبب القاعدة الإسبانية غير المكتوبة، المتعلقة بالأحكام التي تكون لمدة عامين (أو أقل)، حتى إذا ثبتت إدانة نيمار في نهاية المطاف.
قد يكون أمر كريستيانو رونالدو مختلفاً، إذ إن ثلاثة من اتهامات التهرب الضريبي الأربعة يعتبرها محامو الادعاء العام "قوية"، لذا فإن كلاً منها يستوجب حكماً بالسجن لعامين على أقل تقدير، وإذا ثبُتت إدانته في أربعة اتهامات، فقد يواجه حكماً بالسجن يصل إلى سبعة أعوام.
غير أن ثمة حاجةً لأن يصدِّق قاضي التحقيقات على ادعاءات محامي الادعاء العام، وهو ما قد يستغرق شهوراً أو حتى أعواماً.
حتى إذا تولى قاضي التحقيقات القضية، سيكون أمام اللاعب البرتغالي خيارات عديدة. كما أن إثبات الإدانة لا يعني بالضرورة دخوله السجن.
إذ يمكنه أن يعترف بالذنب، ويدفع الضرائب والغرامات مقدماً ويقلل حكم السجن النهائي إلى نصف الحد الأدنى القانوني أو ربعه. بهذه طريقة قد يقلل المدة لتصل إلى أقل من حد العامين مع مرتكبي الجرائم لأول مرة، ومن ثم سيشهد وقف تنفيذ الحكم.