عيّن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، ولأول مرة على الإطلاق، امرأة لرئاسة 12 متحفاً في المدينة الباباوية، والسبب وفقاً لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، إعطاء الكنيسة الكاثوليكية درساً في حق المرأة بالقيادة في عالم الفن.
وتضم المتاحف 200 ألف عمل فني، يزورها 6 ملايين زائر سنوياً، تتضمن أحجاراً كريمة، وأيضاً كنيسة سيستين كبرى الكنائس الموجودة في القصر الباباوي، والتي تتميز بأعمال فنية من رسومات فنانين كبار؛ أبرزهم الرسام مايكل أنجلو ودافنشي، وتشتهر بالفن العائد لعصر النهضة الذي يضفي عليها طابعاً مميزاً.
وأوضحت الصحيفة أن تعيين امرأة لهذا المنصب يعتبر "ثورة صغيرة" في الفاتيكان؛ المؤسسة التي يتولى فيها كل المناصب الإدارية رجال، مشيرة إلى أن الكرادلة والأساقفة رحبوا بذلك التعيين.
من هي تلك المرأة؟
اختيار البابا لمؤرخة الفن الإيطالية، باربرا جيتا، لقيادة إدارة المتاحف، لم يأت من فراغ، كما أوضحت الصحيفة؛ فهي تنحدر من عائلة فنية.
وُلدت جيتا عام 1962، ودرست في جامعة نابولي، وهي أم لـ3 أبناء، وجدتها لأمها ووالدتها وشقيقتها رسامين.
ويعتبر تعيين باربرا جيتا ثورة صغيرة داخل الكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان، في الوقت الذي يتخذ فيه الذكور مناصب إدارة المتاحف الكبرى في العالم، مثل اللوفر في فرنسا، والمتحف البريطاني ومتحف برادو بمدريد ومتحف متروبوليتان بالولايات المتحدة الأميركية.
أهمية الوظيفة
إنها وظيفة مهمة، ليس فقط لنفوذها الليتورجي -أحد علوم اللاهوت الذي يهتم بالعبادة المسيحية- ولكن لأن متاحف الفاتيكان، التي تحتوي على 12 متحفاً تضم 1400 غرفة، تشكل مصدراً مهماً للدخل بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية.
وأهم متاحف الفاتيكان، هو معرض الفنون والمتحف المصري والمتحف الميلادي ومتحف الخرائط.
ويمكن للزائر أن يرى لوحات ليوناردو دافنشي ورفائيل وكراناتش وتيتيان وكافاجيو وفان غوخ وكا ندينسكي وجورجيو دي كيريكو وبيكاسو ومايكل أنجلو.
صحيفة ذا غارديان البريطانية، أكدت أن هذه الوظيفة تعتبر أعلى رتبة فنية، سوف تشغلها امرأة، مشيرة إلى أن مؤرخة الفن الإيطالية باربرا جيتا، كانت تتقلد منصب المنسق العام للمتاحف، ووصلت إلى منصب نائب المدير، إلا أن البابا فرانسيس عيّنها لخلافة المخرج أنطونيو باولوتشي البالغ من العمر 77 عاماً.
ماذا ستقدم جيتا للفاتيكان؟
هذا ليس سؤالاً غريباً، وإنما تعتبر الفاتيكان من الدول القليلة التي ظلت تهتم بفنون مدن العصور الوسطى في أوروبا ويديرها كرادلة ويحرسها حرس سويسري، خاصة أن الفاتيكان يعتبر مجمعاً دينياً يجمع الفن بالدين.
لهذا السبب، هناك العديد من اللوحات الفنية الدينية المرتبطة بعلم الليتورجيا، يجب الاعتناء بها جيداً، خاصة أن هناك الملايين من الزائرين يقفون في طوابير طويلة؛ لمشاهدتها.
وأكدت الصحيفة البريطانية، أن جيتا ستكون امتداداً متصلاً بين الفن والدين، خاصة أن ليوناردو دافنشي المتدين قدم لوحات رائعة، وأيضاً رسومات القديس جيروم وكارافاجيو اللذين رسما من قبلُ السيد المسيح معلقاً على أسقف أحد المتاحف، وأيضاً الفن المصري غير العادي، وأيضاً فناء أوبلوو بيلفدير، الذي يعتبر أقدم معرض فني على وجه الأرض والذي يعتمد على النحت الكلاسيكي.
وكانت كل هذه الأعمال الفنية قصراً على الارستقراطيين في أوروبا لزيارتها، فهي تعتبر الجولة المقدسة الأكبر في رحلات الأوروبيين، خاصة الشباب الأوروبي الذي يأتي فقط لرؤية تمثال أبولو بيلفيدير الإله الإغريقي.
وترى ذا غارديان، أن تعيين جيتا مديراً جديداً للمتاحف "أمر رائع"؛ لأنها ستعمل على تحديث المتاحف بما يتناسب مع العصر الحالي، مثل: توسيع المساحات لاستقبال حشود أكبر، واتخاذ التدابير اللازمة الآمنة كافة للحفاظ على اللوحات الجدارية، خاصة الموجودة في كنيسة سيستين، وهي دائما مهددة وفقاً للعدد الهائل من الزوار الذين يمرون بجانبها خلال السنة.
صراعات مع باولوتشي
ونوهت الصحيفة البريطانية إلى أن جيتا كانت في صراعات مع المدير السابق أنطونيو باولوتشي، حول اتخاذ التدابير الآمنة بخصوص اللوحات المعلقة داخل جدران المتاحف والكنائس.
وتحاول جيتا التخفيف من الاكتظاظ من أجل الحفاظ على المقتنيات الثمينة داخل المتاحف، وذلك ببساطة من خلال توفير المزيد من المساحات وتوسيع المداخل حتى يأخذ الزوار الراحة في التجول لمشاهدة اللوحات.
وأضافت الصحيفة أن الحفاظ على هذه الأمجاد يجب أن يكون تحت عيون ساهرة؛ للحفاظ على روح الأعمال التاريخية داخل المتاحف، مشيرة إلى هناك ظاهرة ثقافية كبيرة تساعد الفاتيكان على التغيير والتحول من دولة دينية خفية للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.