يتثاءب سيداتي – سائق بإحدى شركات النقل – ويبدو عليه القلق والضجر، وتعلو محياه آثار التعب والإرهاق، أثناء استعداده لاستئناف السفر، متحدثاً عن خطورة الرحلات التي يقوم بها بشكل يومي بين العاصمة نواكشوط والمحافظات الشرقية من موريتانيا.
على طول "طريق الموت"التي تحصد عشرات الأرواح يومياً، يسابق السائق الزمن لنقل المسافرين، حيث تتطلع شركة النقل التي يعمل بها إلى جلب عدد أكبر من الركاب يومياً.
مشاهد مرعبة
يروي سيداتي مشاهد مرعبة لحوادث سير تقع بالجملة وبشكل أسبوعي على أطول الطرق الموريتانية (1107 كيلومترات)، معتبراً أن النجاة من الموت على "طريق الأمل" تعد شبه معجزة نظراً لاستمرار الحوادث في إزهاق الأرواح.
يقول السائق الموريتاني لـ "عربي بوست" إن حجم المآسي التي تخلفها حوادث السير على الطريق "ترتفع وتيرتها في موسم الخريف، نظراً لتدفق المواطنين على المدن والأرياف بحثاً عن الراحة والاستجمام بعيداً عن العاصمة".
"شاهدت حوادث سير على طول الطريق مئات المرات، تعود أسبابها إما للسرعة المفرطة من السائقين، أو لوجود حيوانات على الطريق"، ويتابع، "ألسنة الرمل المنتشرة على الطريق، والتقعرات الكثيرة، وغياب الصيانة، تعد هي الأخرى من أسباب حوادث السير".
طريق الأمل.. عنوان الموت
ويرى الناشط الشبابي الشيخ ولد عابدين أن "طريق الأمل عنوان للموت، فقد أصبحت تعرف حوادث بشكل مستمر، وحصدت آلاف الحوادث عدداً كبيراً من الأرواح، وتسببت في عاهات للمئات من المسافرين".
ويحمل ولد عابدين مسؤولية ذلك إلى إهمال الشركة الوطنية لصيانة الطرق، وتهور السائقين، وعدم قيام الأجهزة الأمنية بدورها في مراقبة حمولة السيارات وسرعة السائقين.
وأطلق عدد من الشباب حملة "أوقفوا النزيف" قبل للحد من حوادث السير في البلاد، فردموا عدداً من الحفر والتقعرات الموجودة، إلا أن مبادرتهم لم تلق أي تفاعلٍ رسمي.
واعتبر محمد الأمين ولد الفاظل أحد مؤسسي حملة "أوقفوا النزيف" أن حوادث السير تتسبب، زيادة على الخسائر البشرية، خسائر اقتصادية جسيمة وآثار نفسية، مشيراً إلى أنه لم تعد هناك أسرة موريتانية إلا ولها ذكريات أليمة مع حوادث السير، بما في ذلك أسرة الرئيس التي فقدت أحد أبنائها في حادث سير مروع وأليم على "طريق الأمل"، مشيراً إلى أن الحملة طالبت الجهات الرسمية بالإسراع في ترميم الطرق وتفعيل نقاط التفتيش، والصرامة في منح رخص السياقة، ومعاقبة كل من يخالف قوانين السير.
هاشتاغ "أوقفوا النزيف"
كما أطلق القائمون على حملة "أوقفوا النزيف" هاشتاغ "معاً للحد من الحوادث"، وذلك من أجل لفت انتباه الجهات الرسمية لخطورة استفحال الظاهرة.
وعلق المدون والناشط أحمد شوقي قائلاً، "#أوقفوا النزيف #طريق الأمل ينزف"، وأضاف عبر حسابه على فيسبوك، "بفعل التجاهل وعدم الصيانة وتآكل جنبات الطريق، وضيقها، وزيادة السرعة، وعدم الرقابة، والحمولة الزائدة".
أرقام مذهلة
وكان وزير التجهيز والنقل الموريتاني ذكر في تصريحات سابقة أمام البرلمان، أن حصيلة حوادث السير بلغت 5843 حادث سير في العام 2014، أغلبها على "طريق الأمل" الذي يعتبر أكثر الطرق حيوية في البلاد. واعتبر الوزير أن حوادث السير أسفرت عن أضرار بشرية تقدر بحوالي 1850، من ضمنها 219 حالة وفاة.