إذا سألت أي شخص عن أعظم ابتكار سهَّل عليه استخدام المطبخ، سيجيب: اختراع غسالة الأطباق! ونحن ندين بالفضل في ابتكارها لسيدة أرستقراطية، كانت مثلنا لا تحب غسيل الأطباق، وكانت مثل أمهاتنا اللاتي يحببن الأطباق الصينية باهظة الثمن المتوارثة من جيل إلى جيل، ويغضبها كثيراً أن ينكسر أحد هذه الأطباق عندما يغسلها العاملون بالمنزل.
لقد مرت غسالة الأطباق بعدد من التغييرات والتطويرات على مدار تاريخها الممتد 170 عاماً، لكن على الجميع ألا ينسوا فضل السيدة الأمريكية، ربة المنزل، ومبتكرة فكرة غسالة الأطباق؛ جوزفين كوكران.
اختراع غسالة الأطباق
في الواقع تنسب فكرة اختراع غسالة الأطباق إلى المخترع الأمريكي جويل هوتون، كونه أول شخص يحصل على براءة اختراع للغسالة في العام 1850، إذ ابتكر صندوقاً خشبياً يستخدم عجلة يدوية لرش الماء على الأطباق المتسخة، وبعدها بعشر سنوات، قام المخترع لا إلكسندر بتحسين آلة هوتون بإضافة آلية موجهة تسمح للمستخدم بتدوير الأطباق في حوض من الماء.
غسالة أطباق هوتون التي عمل إلكسندر على تطويرها لم تكن كافية لإرضاء السيدة جوزفين كوكران (1839 – 1913)، أو ربما لم تصلها، إذ قالت السيدة الأرستقراطية: "إذا لم يخترع أي شخص آخر آلة غسيل أطباق [ميكانيكية]، فسأقوم بذلك بنفسي"، فقد ملت السيدة من تكسر الأطباق أثناء غسلها.
ربة المنزل التي لم تحب فكرة غسيل الأطباق يدوياً
بدأت كوكران تعاني من مشاكل غسل الصحون بعد أن تزوجت من التاجر الثري ويليام كوكران (عام 1858)، وباعتبارهما شخصيات اجتماعية تنتمي لطبقة أرستقراطية، إذ كان زوجها سياسياً في الحزب الديمقراطي، كان من المتوقع أن تقيم الأسرة حفلات عشاء متكررة، خصوصاً مع انتقالهم إلى قصر كبير عام 1870.
كانت كوكران تقدم الوجبات على أطباقها الخزف الصينية باهظة الثمن، وعندما تغسل الخادمات الأطباق، غالباً ما تنكسر الأطباق الرقيقة منهن، لذلك قررت أن تغسل الأطباق بنفسها، ولكن بعد أن أتلفت عدداً من أطباقها الغالية، قررت تصميم وبناء آلة يمكنها التعامل مع هذه المهمة الصعبة، بشكل أسرع وبعناية أكبر.
وعلى الرغم من عدم امتلاكها خلفية فنية أو ميكانيكية، إلا أنها جاءت من عائلة من المهندسين والمخترعين، إذ كان والدها، جون جاريس، مهندساً مدنياً أشرف على بناء عدد من المطاحن بالقرب من نهر أوهايو في ولاية إلينوي الأمريكية، كما اخترع جدها الأكبر جون فيتش أول قارب بخاري يمنح براءة اختراع أمريكية.
وفقاً لملف تعريف كوكران على موقع USPTO التابع لوزارة التجارة الأمريكية التي تُصدر براءات الاختراع للمخترعين والشركات، فقد صممت سليلة المهندسين نموذجها الأول في سقيفة خلف منزلها في شيلبيفيل بولاية إلينوي، لكن افتقارها إلى التعليم الهندسي الرسمي أصبح عقبة، لذلك سعت إلى البحث عن شخص يمكنه المساعدة، ليوافق الميكانيكي جورج بوترز على مساعدتها في بناء النموذج الأولي.
ولجعل الغسالة تغسل الأطباق بكفاءة، قاس كوكران عرض وطول وارتفاع الأطباق والأكواب والصحون وبنى شبكات يثبت عليها الصيني، في الجزء السفلي من الجهاز كان هناك وعاء يحتوي على الصابون. وزعت هذه الشبكة الحاملة للأطباق داخل عجلة مثبتة بالمرجل النحاس، وركب محرك لتشغيل العجلة، لتدور حتى يتم رش الماء والصابون على الأطباق لتنظيفها.
وعندما توفي زوجها المدمن على الكحول في عام 1883، بينما كانت تبلغ من العمر 45 عاماً، وسط سيل من الديون وقليل من المال الذي تركه زوجها الراحل، قررت المضي قدماً في تطوير غسالة الصحون. (كان لديهما طفلان، الطفل هالي الذي توفي في سن الثانية، والطفلة كاثرين).
حصلت كوكران على براءة اختراع أمريكية في عام 1886 لآلتها، والتي أطلقت عليها اسم غسالة أطباق كوكران. ولتوسيع سوق أجهزتها، أسست Garis-Cochran Manufacturing في أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر، وقد تم تغيير اسم الشركة إلى Cochran's Crescent Washing Machine Co في عام 1897.
ساعدها ذلك على التواصل مع المطاعم والفنادق المهتمة بشراء غسالة أطباقها، وأيضاً مع المستثمرين، كما لفت موقع ThoughtCo. الغريب أن العديد من المستثمرين طلبوا من كوكران الاستقالة لبيع الشركة لرجل، وفقاً لمقال مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية، لكنها رفضت واستمرت في تمويل العمل بنفسها.
ولزيادة المبيعات عرضت كوكران مكينتها في معرض شيكاغو العالمي عام 1893، حيث فازت بجائزة لتصميم الماكينة ومتانتها، ثم تدفقت الطلبات عليها، وتمكنت من فتح منشأة تصنيع لغسالات الأطباق بالقرب من شيكاغو.
لكن في ذلك الوقت لم تكن غسالات الأطباق عليها إقبال شديد، سواء لأن بعض السيدات كن يستمتعن بغسيل الصحون، أو لأسباب مادية، وأيضاً بسبب عدم وجود ما يكفي من الماء الساخن لتشغيل الغسالة، إذ استخدمت العديد من المنازل التي بنيت قبل الخمسينيات من القرن الماضي الفرن لتسخين المياه، ولم تكن الأفران في ذلك الزمان قادرة على توفير المياه الساخنة بمقدار كبير، كما لفت موقع Charter Spectrum.
لم تعش كوكران حتى ترى فكرتها موجودة في معظم المنازل، إذ ماتت (1926) وتركت شركتها التي استحوذت عليها شركة kitchenaid، التي أصبحت الآن جزءاً من Whirlpool. لكنها كرمت متأخراً جداً على هذه الفكرة، إذ أدخل اسمها إلى قائمة المخترعين الوطنية الأمريكية في عام 2006.
قد يهمك أيضاً: لم يكن مارتن لوثر كينغ أول من بدأ النضال.. عن المرأة صاحبة الفضل في إنهاء الفصل العنصري بأمريكا