2020 كانت سنة مليئة بالتغيرات على جميع الأصعدة الحياتية بسبب جائحة كورونا، وبشكل خاص أثر هذا الوباء بشكل هائل على المجال الصناعي، سواء كان ذلك ضغوطاً غير مسبوقة على الخدمات الصحية أو إغلاق الشركات غير الأساسية أو محلات السوبر ماركت، التي اضطرت إلى تغيير تكتيكات إعادة التخزين وساعات العمل. ولكننا اليوم سنتحدث عن التغيرات الكبيرة التي حدثت في 2020 في صناعة الأزياء التي عانت أيضاً من آثار الأزمة الصحية العالمية بشكل كبير.
على الرغم من الاعتقاد أن صناعة الملابس ليست ذات أهمية اقتصادية بالغة إذا ما قورنت مع صناعات خدمات الخطوط الأمامية التي تقاتل لإبقاء الناس على قيد الحياة وتغذيتهم، إلا أن صناعة الأزياء هي على حد سواء إبداعية وواحدة من أهم نقاط الثقل المالي في العالم. ويسبِّب تدهورها تأثيراً خطيراً على الاقتصاد العالمي، ناهيك عن حالة البطالة لملايين المصممين والخياطات وغيرهم.
من احتمال حدوث أزمة إنسانية في بنغلاديش، إلى مليارات الجنيهات التي تبرعت بها شركات الأزياء الفاخرة، إليك التغييرات الجذرية التي حصلت في 2020 في مجال صناعة الأزياء تحت ضغط فيروس كورونا.
المتسوقون يصطفون لشراء الملابس وأوقات محددة للتسوق
دعونا نعترف بأن شكل التسوق اختلف تماماً في 2020، أين كل ذلك الزحام في المتاجر؟ عدا عن صف الزبائن الذي ينتظر على أبواب المحال مع مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي، لم يعُد من الممكن دخول عدد غير محدود من الزبائن إلى المتاجر. فقد تم في أغلب الدول تحديد أعداد الزبائن التي يمكن أن تدخل في نفس الوقت وتتجول في المتاجر وتشتري . كما تم تحديد الأوقات التي يمكن أن يقضيها الزبون داخل المتجر والتي قد تكون ربع ساعة أو أكثر قليلاً.
كما أن المتاجر أصبحت تحاول أن تكون أكثر ودية مع الزبائن لتشجيعهم على العودة مرة أخرى. ذكرت صحيفة التلغراف أنه في باريس كان لدى زارا ملصق يقول "سعيد لرؤيتك مرة أخرى".
دور المؤثرين والمشاهير
في حين أن العديد من الناس كان يشعر أنه لا يقوم بشيء خلال 2020 بسبب الوباء المنتشر، فقد أخذ المؤثرون والمشاهير على السوشيال ميديا المهتمون بالموضة على عاتقهم إيجاد طرق للمساهمة وتخفيف أزمة الوباء وتقديم الدعم للناس.
على سبيل المثال، قام بعض المصممين ببيع الملابس بطريقة ممتعة وتفاعلية في قصص Instagram الخاصة بهم، لجمع الأموال لكل من منظمة أطباء بلا حدود وHelp Them Help Us الخيرية.
بينما حصل موقع إعادة البيع الفاخر Vestiaire Collective على تبرعات للملابس من علامات تجارية مثل Kate Moss وThandie Newton وCamille Charriere، لإعادة بيعها لمساعدة الجمعيات الخيرية المحلية بما في ذلك منظمة الصحة العالمية.
كما أصدر زهير مراد إصداراً محدوداً من قميص (تي شيرت) لجمع الأموال للإغاثة من الكوارث في بيروت بعد انفجار مرفأ بيروت، وقد ارتدت هذه القطعة بالفعل مجموعة من المشاهير.
القميص مزخرف بشعار "قم من الرماد"، وهي العبارة التي مثلت روح الشعب اللبناني منذ انفجار 4 أغسطس/آب في 2020. انتشرت على السوشيال ميديا صور العديد من عارضات الأزياء مثل أليساندرا أمبروسيو وديفون وندسور ونجمة فريندز كورتيني كوكس وصوفيا فيرجارا مرتديات القميص على Instagram.
وعلقت فيرجارا على صورة لها وهي ترتدي القميص: "أنا أنضم إلى زهير مراد في مساعدة أهل بيروت. لقد فقدوا الكثير في هذه المأساة".
وأوضح مراد على موقع إنستغرام الخاص بالعلامة: "100% من أرباح هذا القميص المحدود الإصدار سيدعم جهود الإغاثة التي تقوم بها Offrejoie، [منظمة إنسانية] موجودة حالياً على الأرض اللبنانية وتستجيب للاحتياجات الإنسانية لسكان بيروت".
ماركات الأزياء تلغي الطلبات في بنغلاديش
بسبب إغلاق المتاجر وتراجع المبيعات، تقول فوربس إن العلامات التجارية للأزياء الغربية ألغت طلبات تزيد عن 2.8 دولار (2.26 جنيه إسترليني) من الموردين البنغاليين، مما قد يؤدي إلى أزمة إنسانية.
كما أن ما لا يقل عن 1.2 مليون عامل في بنغلاديش قد تأثروا بشكل مباشر بإلغاء الطلبات، ومن بين آلاف المصانع والموردين الذين فقدوا عقودهم: 72.4% قالوا إنهم لم يتمكنوا من توفير بعض الدخل لعمالهم عند الإجازة، وقال 80.4% إنهم غير قادرين على توفير تعويض إنهاء الخدمة عندما أدى إلغاء الأمر إلى تسريح العمال.
لحسن الحظ، حث النشطاء بالفعل الشركات (مثل H&M) على تقديم نوع من التعويض لمورديها، وهناك أمل في أن يحصل ذلك.
الماركات الفاخرة تتبرع
على الرغم من التأثير الواسع المتوقع لجائحة كوفيد 19 على سوق السلع الفاخرة العالمية، فإن دور الأزياء قامت بالتبرع في وقت الأزمة هذا.
صرحت رئيسة مؤسسة Tiffany & Co أنيسة كامادولي كوستا: "خلال هذه الأزمة الصحية العالمية، يجب علينا جميعاً الاستجابة للحاجة الملحة من مجتمعاتنا العالمية"، وأعلنت في بيان أن الشركة ستخصص 750 ألف دولار (606،350 جنيهاً إسترلينيًا) لصندوق تضامني مع الجائحة للصحة العالمية المنظمة التي تدعمها مؤسسة الأمم المتحدة ومبلغ 250 ألف دولار (202.120 جنيهاً إسترلينيًا) لصندوق تابع لمجتمع نيويورك.
واختتمت كامادولي كوستا حديثها قائلة: "نحن فخورون بدعم المنظمات التي تقدم الإغاثة الفورية للمجتمعات المتضررة من الجائحة، بما في ذلك مسقط رأسنا في نيويورك".
كما أعلنت الشركة أنها ستمنح تبرعات الموظفين لمنظمة غير ربحية مؤهلة تدعم الإغاثة من الجائحة.
تبرعت العلامة التجارية LVMH في البداية بمبلغ 2.2 مليون دولار (1.78 جنيه إسترليني) للصليب الأحمر الصيني، ثم أعادت تجهيز وحدات العطور ومستحضرات التجميل لتصنيع كميات كبيرة من الهلام الكحولي المائي وتعهَّدت بتقديم 40 مليون قناع طبي.
تبرع الرؤساء التنفيذيون لـ Prada بوحدات العناية المركزة والإنعاش لثلاثة مستشفيات. وقد تبرعت Dolce & Gabbana لجامعة Humanitas من أجل مشروع بحثي يأمل في المساعدة في مكافحة فيروس كورونا.
كما قدمت Versace تبرعاً كبيراً لمؤسسة الصليب الأحمر الصينية للمساعدة في نقص الإمدادات الطبية. منذ تبرعهما الأولي، أعلنت دوناتيلا فيرساتشي وابنتها أليجرا فيرساتشي أنهما ستتبرعان بمبلغ 200 ألف يورو لوحدة العناية المركزة في مستشفى سان رافاييل في ميلانو.
وبالمثل تبرع Giorgio Armani بـ 1.25 مليون يورو للعديد من المستشفيات والمؤسسات الإيطالية.
الأحداث أصبحت تقام على الإنترنت
على الرغم من أن العديد من الأحداث تم إلغاؤها عام 2020 مثل الأولمبياد، إلا أن الموضة تبحث عن طرق أخرى لإبقائنا على تواصل واطلاع بآخر التطورات من خلال شاشاتنا.
على سبيل المثال، بدأ أسبوع الموضة في شنغهاي في 24 مارس/آذار افتراضياً على الإنترنت بالكامل. من خلال دعم منصة دعم المواهب "Labelhood"، عرض 31 مصمماً مجموعات جديدة من خلال القنوات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية. وأطلقت علامة الملابس النسائية Shushu/Tong، فيلماً قصيراً لمجموعة AW20 الخاصة بها من خلال البث المباشر.
تم إلغاء عروض الأزياء
خلال الأسبوع قبل الأخير من موسم AW20، شق فيروس كورونا طريقه من آسيا إلى أوروبا، وتأثر أسبوع الموضة في ميلانو بشكل مباشر.
العديد من العلامات التجارية الصينية ألغيت بسرعة وبالإجماع خلال أسبوع الموضة في ميلانو. وفي باريس تم إلغاء ستة عروض أزياء لعلامات تجارية صينية، بما في ذلك Masha Ma وShiatzy Chen وUma Wang وJarel Zhang وCalvin Luo وMaison Mai.
وكانت Chanel وArmani من بين أوائل العلامات الغربية التي توقفت عن العروض. ففي 17 فبراير/شباط، أعلنت Chanel أنها لن تعرض مجموعة Métiers d'Art بعد الآن في بكين في مايو/أيار.
وفي 22 فبراير/شباط، ومع انتشار الفيروس في شمال إيطاليا ألغت Armani الدعوات قبل أقل من 24 ساعة، وطلبت من المدعوين مشاهدة بث مباشر للعرض بدلاً من ذلك.
وفي أسبوع الموضة في باريس، استمرت عروض Chanel وLV وDries van Noten وPaco Rabanne – على الرغم من أن العلامتين السابقتين منعتا الموظفين الأمريكيين من الحضور، وقدمت الأخيرتان للضيوف أقنعة واقية.
في 2 مارس/آذار، أعلنت Gucci عن إلغاء عرضها في San Francisco Cruise 2021، المقرر أن يحدث في 18 مايو/أيار. وفي 16 مارس/آذار، ألغت كل من Chanel وDior عروضهما في أوائل مايو/أيار، وكان من المقرر عقدهما في إيطاليا. كما تم إلغاء عروض المنتجع/ الرحلات البحرية في جميع أنحاء العالم مثل عروض برادا في اليابان وعروض ماكس مارا في سان بطرسبرغ وعروض هيرميس في لندن وعروض أرماني في دبي.
كما تم إيقاف أسابيع الموضة العالمية اللاحقة في طوكيو وبكين وشنغهاي ولوس أنجلوس وساو باولو وسيدني.
إغلاق العديد من المتاجر
قبل الإعلان الرسمي للحكومة عن الإغلاق في 23 مارس/آذار، أعلنت كل من Primark وH&M Group وInditex وArcadia عن إغلاق متاجرها بالفعل في بريطانيا.
كما أغلقت المتاجر البريطانية الشهيرة مثل Harvey Nichols وHarrods وSelfridges
وLiberty متاجرها مؤقتاً.
كما أعلن John Lewis أيضاً أنه لأول مرة في تاريخه البالغ 155 عاماً والذي واجه خلاله العديد من الفترات الصعبة، بما في ذلك الحربان العالميتان والأزمة المالية لعام 2008، أنهم سيغلقون متاجرهم.
على الرغم من إغلاق أبواب متاجرها، إلا أن معظم العلامات التجارية طمأنت العملاء أن متاجرهم عبر الإنترنت تعمل بشكل أو بآخر كالمعتاد، مع تأخيرات محتملة في التسليم وفترات إرجاع ممتدة، بدون إعطاء تواريخ إعادة الفتح.
الخسائر المالية المتوقعة لماركات الأزياء
مع إغلاق المتاجر غير الأساسية وفقدان الوظائف، تلقت وزارات العمل والمعاشات التقاعدية الكثير من الطلبات للحصول على ائتمان شامل وتعويضات، بسبب الخسائر المالية الناتجة عن الجائحة.
كما أنه من المتوقع أن تشهد العلامات التجارية انخفاضاً قدره 10 مليارات يورو (8.78 مليار جنيه إسترليني) في المبيعات هذا العام وفقاً لتقرير جديد صادر عن Altagamma وBCG
وBernstein.
"قد تخسر الصناعة ما بين 30-40 مليار يورو في المبيعات هذا العام حيث تنخفض قيمة القطاع إلى 309 مليارات يورو، وهو أدنى مستوى في خمس سنوات، بحسب
تقارير Business of Fashion.
تعتمد العلامات التجارية الفاخرة بشكل خاص على المستهلكين الصينيين، الذين لم يحركوا 70% من النمو العالمي منذ عام 2012 فحسب، بل كانوا الأكثر تضرراً من تفشي وباء كورونا.
وبالمثل يتأهب الشارع البريطاني لخسائر فادحة، حيث صرح الرئيس التنفيذي لشركة Next: "تواجه صناعتنا أزمة غير مسبوقة في الذاكرة الحية".