بالنسبة لكثيرٍ من الآباء، نوم الطفل الرضيع والمتقطع يحرمهم من ليلة نوم غير متقطِّعة فتصبح في قائمة أمنياتهم الغالية.
قلة النوم أمر مزعج، ويستعين الكثير من الآباء بكتب عن أطفال تعدهم بتعلُّم كيفية تدريب الطفل على النوم طوال الليل.
تروِّج هذه الكتب لمجموعة متنوعة من الأفكار، من بينها، توجد الطريقة المعروفة باللغة الإنجليزية باسم "cry it out"، والتي تتمثل في وضع الرضيع في السرير وتجاهل بكائه (مع التحقق أحياناً من أنه ليس مريضاً أو ليس في خطر).
توصي نسخةٌ معدلة منها، تُعرَف باسم "البكاء المُراقَب"، بأن يتجاهل الوالدان بكاء الطفل لفترة معينة من الوقت، قبل الاستجابة لندائه لفترة وجيزة لتهدئته، والتمديد التدريجي للوقت الذي يمضي للاستجابة لبكائه.
الفكرة هي أن الأطفال سوف يدركون أخيراً أن أحداً لن يأتي وسوف ينامون.
ولكن هناك مشكلتين في كلا الطريقتين للتدريب على نوم الطفل الرضيع.
وبحسب ما نشرت شبكة BBC، قد يُصاب الأطفال بالاضطراب أثناء فترات البكاء الطويلة مما يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون التوتر.
إضافةً إلى أن عدم الاستجابة لصراخ الطفل يتعارض مع كل ما نعرفه عن بناء علاقات ارتباط إيجابية.
الأطفال الذين يتعلَّمون أن شخصاً ما سوف يستجيب لاحتياجاتهم، بشكل ملائم ومحبب، يحصلون عموماً على نتائج اجتماعية وعاطفية وتعليمية أفضل.
دراسات حول طريقة نوم الطفل الرضيع
أسفرت الأبحاث حول هذه الأساليب عن نتائج متباينة، خاصة أن العديد من الآباء يجدون أن ترك طفلهم يبكي أمر مقلق للغاية.
هذا ليس مستغرباً؛ لأن الآباء مبرمجون على الاستجابة لصرخات أطفالهم.
تشير أبحاث أخرى إلى أن هذه الطرق قد تنجح مؤقتاً أو مع بعض الأطفال فقط.
ووجدت الدراسة التي تابعت الأمهات اللائي نفذن نصائح التدريب تلك أنها نجحت مع حوالي 20٪ فقط من الأطفال.
كانت الغالبية من الأمهات يعانين من مشاكل في اتباع التعليمات أو لم يجدن أي تأثير وشعرن بالإحباط والفشل.
أحد الأسباب وراء عدم فعالية تدريب النوم هو أن الاستيقاظ في الليل -من ناحية النمو- أمر طبيعي بالنسبة لمعظم الأطفال خلال عامهم الأول.
حتى البالغون في بعض الأحيان يجدون صعوبةً في النوم ليلاً ويشكو الكثيرون من الأرق.
ولكن على عكس الأطفال، يمكن للبالغين تلبية احتياجاتهم الخاصة.
إذا استيقظنا ليلاً، فيمكننا إعداد شيء لنشربه أو سحب الأغطية على أجسادنا أو تنظيم أفكارنا.
من ناحيةٍ أخرى، من الممكن أن يتلقى بعض الآباء نصائح محيرة، لأن عناوين الدراسات لا تقدِّم الصورة بأكملها عادةً.
دعم الأمهات ضروري للصحة النفسية
اختارت إحدى التجارب مجموعة عشوائية من الأمهات اللواتي شعرن بصعوبة في نوم أطفالهن.
استخدمت بعض الأمهات طرق التدريب على النوم ولجأت أخريات إلى أساليب "العناية التقليدية".
أفادت الأمهات اللواتي شاركن في مجموعة تدريب النوم عن صحة نفسية أفضل ومشاكل أقل في النوم لمدة عام.
ولكن تعلمت هؤلاء الأمهات أيضاً النوم الطبيعي للطفل وحصلت على الفرصة للتحدث مع ممرضة عن مخاوفهن وأفكارهن للعناية بأنفسهن.
في نهاية التجربة، ذكرت الأمهات أن "وجود شخص ما للتحدث معه" كان الأكثر نفعاً.
أليس هذا دليلاً على أنه بدلاً من تعليم الأطفال النوم، ينبغي تقديم المزيد من المساعدة للأسر الجديدة؟
ما العمل إذن؟
إذا كنت تقرأ هذا لأنك أب أو أم محرومة من النوم، فلا تيأس.
هناك طرق أقل حدة لمساعدة طفلك على النوم لا تتضمَّن سماعه يبكي وتركه وحيداً. عليك أولاً، فهم احتياجات نوم الطفل وإيقاع ساعته البيولوجية.
هناك نوعان من آليات تنظيم النوم في جسم الإنسان. الأول هو إيقاع الساعة البيولوجية أو الساعة البيولوجية. يُنظَّم ذلك بالتعرض للضوء والأصوات والأنشطة التي تحدث في أوقات محددة من اليوم.
الخروج من المنزل أثناء النهار وتعتيم الغرفة لمدة ساعة أو ساعتين قبل نقل الطفل إلى السرير يمكن أن يساعد كثيراً.
يعتقد بعض الآباء أن ما ساعدهم كان اتباع روتين يميز وقت النوم، على سبيل المثال، الاستحمام أو تغيير الحفاضة أو سرد قصة أو غناء أغنية.
آلية التنظيم الثانية هي شيء يعرف باسم "ضغط النوم الاستتبابي Homeostatic sleep pressure"، وهو بناء الرغبة في النوم خلال ساعات اليقظة.
كلما كنا أصغر سناً، أمكننا أن نكون مستيقظين لوقت أقل. لذلك، فإنه يمكن لفهم كيفية مساعدة الأطفال على النوم بانتظام لمنعهم من الشعور بالإرهاق أن يُحدث فرقاً كبيراً.
يكون ذلك أسهل عندما تتعلم كيف تتعرف على إشارات شعور الطفل بالنعاس أو رغبته في تناول الطعام أو الإشارات الأخرى.
فهم هذا يساعد الآباء على ملاحظة متى يكون الطفل مستعداً للنوم.
أشياء صغيرة، مثل افتراض أن كل ذلك طبيعي، وأن تستغرق بعض الوقت لرعاية نفسك وقبول المساعدة، لن يجعلك تشعر براحة وقدرة أكبر على التعامل مع الموقف فحسب، بل هو أيضاً شيء سينعكس على الطفل.
يتقن الأطفال الاستجابة للحالات العاطفية، لذلك سيرى الآباء أن الطفل ربما يهدأ وينام بشكل أفضل عندما يهتمون بصحته العاطفية.
وإذا كنت أحد الوالدين المحرومين من النوم، تذكر: لن يظل طفلك هكذا للأبد، وسيأتي اليوم الذي تنام فيه ليلة كاملة.