الإجهاد يؤثر على جنس الجنين، هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة كشفت إلى أي حد يمكن أن يؤثر الإجهاد النفسي والبدني على صحة الأم وجنس الجنين ووقت الولادة.
من المعروف للجميع أن مستويات إجهادنا يمكن أن تؤثر سلباً في أجسامنا، إذ يمكن أن تكون للإجهاد المزمن عواقب جسدية وخيمة تتراوح بين العبث بأجهزتنا المناعية وإلحاق الضرر بصحة أمعائنا، ورفع مستوى السكر في الدم.
لكن الدراسة الجديدة التي نُشِرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية، كشفت كيف يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى ما قد يكون إحدى كبرى العواقب الجسدية على الإطلاق: جنس مولود المرأة.
الإجهاد يؤثر على جنس الجنين
وجرت بالفعل دراسة آثار الإجهاد والضغط العصبي على الحمل، إذ ارتبط الإجهاد بزيادة خطر الولادة المبكرة وارتفاع معدلات الاضطرابات الجسدية والعقلية، بحسب ما ذكر باحثون.
وعلى الرغم من أن اكتشاف جنس مولود،كِ سواء كان ذكراً أو أنثى، لا يُعتبر مشكلة صحية بالضرورة، فإنه من المذهل كيف يمكن أن تؤثر الصحة النفسية على مثل هذه العوامل الجسدية مثل جنس الجنين.
ولتحديد كيف يمكن أن تؤثر مستويات الإجهاد لدى الأمهات على جنس المولود، حلَّل العلماء مؤشرات مختلفة من الإجهاد من خلال سلسلة من الاستبيانات واليوميات والتقييمات البدنية اليومية لـ187 امرأة حامل يتمتعن بصحة جيدة.
وبحسب ما نشره موقع Mind Body Green، تبين أن 17% من هؤلاء النساء تعرضن للإجهاد النفسي الذي يتسم بمستويات عالية من الاكتئاب والقلق.
وتعرضت 16% من النساء الأخريات للإجهاد البدني، إذ كنَّ يعانين مستويات أعلى من ضغط الدم يومياً ويتناولن سعرات حرارية أكثر.
أنجبت هذه المجموعة من النساء اللاتي تعرضن للإجهاد إما نفسياً وإما بدنياً (بنسبة إجمالية 33% منهن)، في نهاية الأمر، فتيات أكثر من الفتيان.
بعد هذه النتائج، رجح العلماء أن النساء الحوامل اللاتي تعرضن للإجهاد البدني أو النفسي قد يكنّ أقل ميلاً لإنجاب الذكور.
ويزيد من عدد المواليد الإناث
بدورها قالت الدكتورة كاترين مونك، قائدة فريق الدراسة: "الذكور أكثر عرضة للتأثر بالعوامل السلبية ما قبل الولادة"، وهو ما قد يكون السبب وراء الزيادة الكبيرة في مواليد الإناث لدى النساء اللاتي عانين من الإجهاد.
وتُعتبر نسبة جنس المولود الطبيعية هي 105 ذكور لكل 100 أنثى.
لكن بهذه الدراسة كانت النسبة في مجموعات النساء اللاتي عانين الإجهاد مقلوبة، إذ بلغت نسبة المواليد الإناث للذكور 4:9 لدى الأمهات اللاتي تعرض للإجهاد بدنياً و2:3 لدى الأمهات اللاتي تعرضن للإجهاد نفسياً.
ووجدت كاترين وفريقها أيضاً أن الأمهات اللاتي تعرضن للإجهاد بدنياً كنَّ أكثر عرضة للولادة المبكرة.
من ناحية أخرى، كانت الأمهات اللاتي تعرضن للإجهاد نفسياً هن من يعانين أكثر من مضاعفات الولادة.
وعلى الرغم من تباين التداعيات بين كلتا المجموعتين، أظهرت الدراسة أن الإجهاد -سواء كان جسدياً أو نفسياً- له بالتأكيد آثار سلبية على الحمل.
حتى الكوارث تغير توازن جنس المواليد أيضاً
على الرغم من أن هؤلاء الباحثين أجروا دراستهم على نساء حوامل بالفعل، فإنهم يفترضون أن مستويات الإجهاد لدى هؤلاء الأمهات كانت مستمرة منذ فترة طويلة قبل حملهن.
وقالت كاترين: "لاحظ باحثون آخرون هذا النمط بعد الاضطرابات الاجتماعية مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية في مدينة نيويورك، والتي انخفض بعدها العدد النسبي لمواليد الذكور. من المرجح أن يكون هذا الإجهاد لدى النساء ذا طبيعة طويلة الأمد".
يبدو الأمر منطقياً، لأنه من المرجح أن يسبب حدث مؤلم مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول إجهاداً نفسياً بعد وقت طويل من تلاشي آثار نوبة الذعر التي عادةً ما تحدث في لحظة هذه الأحداث.
وبالنسبة للنساء اللاتي كنَّ يحاولن الحمل أو يفكرن في محاولة الحمل خلال ذلك الوقت، فربما كان للإجهاد النفسي الناتج عن الحدث تأثير كبير على أجناس مواليدهن.
وحتى إجراء هذا البحث الذي نُشر مؤخراً، ربما اعتقد الناس أن هذا النقص في المواليد الذكور كان مجرد اتجاه عشوائي في تلك السنة.
لذلك إذا كنتِ تحاولين الحمل، فإن تحسين صحتكِ النفسية يمكن أن يؤدي إلى حملٍ أكثر أماناً وربما يزيد احتمال ولادة ذكر.
وقالت كاترين: "يتضح من دراستنا أن الصحة النفسية قبل الولادة مهمة، ليس فقط من أجل الأم، بل أيضاً من أجل مولودها".