معظم السيدات على علم بأنَّ الرضاعة الطبيعية مفيدة لصحة أطفالهن، لكنَّ الأطباء نادراً ما يخبرون السيدات اللاتي على وشك الولادة أنَّ الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم أيضاً وليس للطفل فقط.
إذ يقل الخطر النسبي للتعرض لسرطان الثدي لدى الأمهات المرضعات بنسبة 4.3 في المئة لكل 12 شهر من الرضاعة الطبيعية، بالإضافة إلى انخفاضٍ نسبي بنسبة 7 في المئة لكل ولادة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأميركية.
إن النساء الإفريقيات هن المعرضات أكثر للخطر
إذا كانت الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم بصفة عامة فإنها تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للنساء الإفريقيات.
إذ تقي الرضاعة الطبيعية تحديداً من بعض الأورام الأكثر عدائية، مثل مستقبلات الهرمونات السالبة أو الأورام ثلاثية
السلبية، التي يكثر انتشارها بين النساء الأميركيات من أصلٍ إفريقي كما تشير الدراسات.
وتُقلل الرضاعة أيضاً خطر إصابة للسيدات المعرضات للإصابة بالسرطان بسبب طفرات BRCA1 الجينية الموروثة بمقدار الثلث.
والنساء اللائي يرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعية أيضاً أقل عرضةً للإصابة بسرطان المبيض ومرض السكري من النوع الثاني والتهاب المفاصل الروماتويدي، وربما تتحسن صحة القلب والأوعية الدموية لديهن.
لكن عدداً قليلاً من النساء تتم توعيتهن بذلك
تبين أن 16 في المئة فقط، أو أقل من امرأة واحدة من بين خمس نساء شملهن الاستطلاع، قلن إنَّ أطباءهن أخبروهن أنَّ الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم كما هي مفيدة للرضيع، وذلك وفقاً لدراسة جديدة نُشرت في مجلة طب الرضاعة الطبيعية.
وقال الدكتور بوفانسواري راماسوامي، المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في علم الأورام الطبي في جامعة ولاية أوهايو في مدينة كولومبوس الأميركية: "درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، ونحن لدينا هنا درهم وقاية يمكن أن ينقذ الأرواح.
لكن هل نقوم بتوعية الأمهات بشكلٍ كامل عندما يتخذن هذا الخيار الصعب؟".
يبدو إن توعية النساء بأن الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم لا تتم كما ينبغي.
على العكس هناك تنفير للأمهات من الرضاعة الطبيعية وترويج للبدائل
تقوم فيه الشركات بتسويق حليب الأطفال من خلال الادعاء بأنَّ منتجاتها هي بدائل فعالة لحليب الأم.
وتعليقاً على ذلك، يقول الدكتور راماسوامي: "حليب الأطفال الصناعي لن يساعد النساء على العيش لفترة أطول وأن يتمتعن بصحة جيدة لتوفير الدعم والراحة لعائلاتهن".
وشملت الدراسة الجديدة التي تناولها التقرير 724 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و50 سنة وأنجبن طفلاً واحداً على الأقل.
والغالبية العظمى منهن أرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعية.
وعرف أكثر بقليل من نصفهن قبل أن يلدن أنَّ الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وأكثر من ثلثهن قلن إنَّ هذه المعلومات أثرت على قرارهن بإرضاع أطفالهن رضاعةً طبيعية.
لكنَّ 120 سيدة فقط قلن إنَّ مقدمي الرعاية الصحية أبلغوهن بالآثار المترتبة على صحتهن على المدى الطويل.
ومعظم أولئك اللاتي عرفن عن المزايا الصحية للأمهات المرضعات حصلن على المعلومات من وسائل الإعلام الشعبية أو من الإنترنت.
وهؤلاء النساء استمررن في الرضاعة الطبيعية لمدة 13 شهراً في المتوسط، وهي فترة أطول من النساء اللاتي لم يعرفن الآثار الصحية الإيجابية للرضاعة.
إذ تكتفي النساء اللاتي لم يتم توعيتهن بأن يرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعية لمدة تسعة أشهر فقط في المتوسط.
واللافت أن نسبة التوعية بين السيدات الأميركيات الإفريقيات أقل من البيض
وفي حين أنَّ 60 في المئة من النساء البيض اللاتي شملهن الاستطلاع كن يعرفن أنَّ الرضاعة الطبيعية يمكن أن تقلل من خطر إصابتهن بسرطان الثدي، فإنَّ 47 في المئة فقط من النساء الأميركيات من أصلٍ إفريقي كن يعرفن هذه المعلومة.
و54 في المئة من النساء من أصولٍ عرقية أخرى أو أصولٍ غير معروفة كن على علمٍ بذلك.
أي أن عملية التوعية بين النساء الإفريقيات الأميركيات أقل رغم أنهن أكثر تعرضاً للخطر.
ومن بين الجماعات العرقية على مستوى الولايات المتحدة، الأمهات الأميركيات الإفريقيات هن صاحبات أقل معدلات للرضاعة الطبيعية، والأقل احتمالاً للاستمرار في الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر على الأقل، وفقاً للإحصاءات الصحية الحكومية.
و60٪ منهن أرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعية، و28٪ فقط منهن استمررن في الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر.
وبالمقارنة، فإنَّ 77 في المئة من الأمهات البيض، و80 في المئة من الأمهات من أصولٍ لاتينية، و86 في المئة من الأمهات من أصولٍ آسيوية أرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعية.
ولكن ما الذي يجعل الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم بهذا الشكل؟
لا يفهم العلماء تماماً لماذا تساعد الرضاعة على الوقاية من سرطان الثدي.
لكنَّهم يقولون إنَّ الثديين يخضعان للتغيرات أثناء الحمل، إذ أنَّهما يُنميان المزيد من القنوات الناقلة للحليب استعداداً للرضاعة الطبيعية.
ويمر الثديان تدريجياً بعملية تسمى الارتداد، التي تعيدهما إلى حالة ما قبل الحمل وتنطوي على موتٍ هائل للخلايا وإعادة تشكيل الأنسجة.
يمكن أن يحدث هذا التغيير ببطء من خلال الفطام التدريجي.
والوقاية تتوقف أساساً على فترة الرضاعة وطريقة الفطام
هذا التغيير الذي يحدث في الثدي يتم بشكل فوري في حال عدم وجود رضاعة طبيعية أو كانت هناك رضاعة طبيعية لمدة قصيرة.
وعندما يحدث الأمر بشكلٍ مفاجئ، فإنَّه يُنتج حالة التهابات مواتية للسرطان في الثدي، وفقاً للدكتور راماسوامي.
أي أن القضية لا ترتبط بكون الرضاعة الطبيعية مفيدة للأم فقط، بل إن طول فترة الرضاعة يعزز من الوقاية، وكذلك طريقة التوقف عنها عبر التدرج بالفطام، يساعد على تحقيق الوقاية.
أمَّا ماريسا وايس، مؤسسة موقع BreastCancer.org الذي أجرى البحث في هذا المجال، غالباً ما تصف الحمل والرضاعة بأنَّها "عملية نضج" للثدي.
وتقول "إنَّ الرضاعة الطبيعية "تُجبر الثديين على النمو في نهاية المطاف والقيام بوظيفة تكوين الحليب، وأن يكونا نشطين للعمل كل يوم".
عملية النضج هذه تؤدي إلى تغييراتٍ في القنوات الناقلة للحليب التي تجعل الثدي أكثر مقاومةً للسرطان.
كما أنها تقلل الإصابة بالسكري
ويبدو أيضاً أنَّ الرضاعة الطبيعية تعيد تشكيل عملية التمثيل الغذائي في الجسم بعد الحمل.
ويؤدي هذا إلى تُحسِّن عملية التمثيل الغذائي للغلوكوز وحساسية الأنسولين، ويحرق السعرات الحرارية، ويحرك مخازن الدهون التي تراكمت خلال فترة الحمل.
وهو ما قد يفسر لماذا النساء اللاتي يرضعن رضاعة طبيعية لديهن معدلات منخفضة من الإصابة بمرض السكري ومشاكل أخرى.