انتشرت في السنوات الأخيرة دعوات لعدم تطعيم الأطفال، ومن ثمَّ بدأ كثير من الآباء في التخلي عن هذا الإجراء واتخاذ القرار الخاص بالتطعيم أم لا.
منذ عدة سنوات يزداد عدد الآباء الذين يقرِّرون عدم التقيد بالتطعيمات التي يوصيهم بها الأطباء.
وهذا ينطبق أيضاً على أمراض كالحصبة، التي قد تؤدي عواقبها -في أسوأ الأحوال- إلى وفاة الأطفال المصابين بها.
يقول يان لايدل، الرئيس السابق للجنة الدائمة للتطعيم (StIKo)، إن هذا المؤشر خطير جداً.
ويقول يان لايدل في حواره مع موقع (Heilbronner Stimme): "إنه كلما قلَّ عددُ الذين يتلقون تطعيماً في ألمانيا، ازداد معه خطر عودة الأمراض، التي قد انقرضت منذ أمدٍ".
إنَّ الأمر الذي يقصده لايدل يعتبر مشكلة كبيرة. فكثير من الآباء يغامرون بأمْنهم، لأنهم يعتقدون أن تلك الأمراض التي تلاشت لن تشكِّل أيَّ خطر بعد ذلك.
ولكنَّ الأمر الذي يغفلون عنه هو: أنه بينما لا يسمحون بتطعيم أبنائهم، فإنهم بذلك يسمحون بعودة تلك الأمراض مرة أخرى.
ويضيف لايدل: "إن النجاح الكبير الذي حققه التطعيم يعتبر في الوقت ذاته أكبر عدوٍّ له. فبقدر ما يختفي مرض ما، فإنه يفقد معه الرهبة منه. لكنْ ثمة أمراضٌ يمكن أن تعود للظهور من جديد، إن لم نتمسك بمعدل التطعيم".
مناعة القطيع تحمي غيرَ المطعَّمين أيضاً
يتحدث الخبير هنا عما يُعرف بمناعة القطيع. فمناعة القطيع توفر الحماية أيضاً لأولئك الذين لم يتلقوا تطعيمهم، مثل الأطفال حديثي الولادة، الذين تعذر إعطاؤهم تطعيماً، أو بعض الأشخاص الذين لم يُطعَّموا لأسباب صحية.
وفي هذا يُردِف لايدل: "حتى حقيقة وجود العديد من الأطفال في مراكز الرعاية النهارية، تعبر داعياً كبيراً إلى وجوب حماية الجميع". عندما توجب تطعيم السكان عند ظهور مرض الحصبة بمعدل تطعيم نسبته 95%، كان ذلك بغرض حماية غير المطعَّمين.
وأضاف لايدل: "لقد شاهدتُ أطفالاً يموتون وهم يتعذبون"
ظل الأطباء والخبراء يحذرون منذ أعوام من الاستهانة بالأمراض، لا سيما الحصبة، التي عادت للانتشار في ألمانيا الشرقية خاصةً.
ويقول لايدل، الأخصائي في علم الأحياء المجهرية ووبائيات الأمراض المُعدية والصحة العامة: "الحصبة ليست وباء قاتلاً، وفي كل ألف حالة مرَضية يموت شخص".
ولكن الأسوأ من ذلك أن تحدث بعض المضاعفات المحتملة، كالتي تُسمى بـ"الْتِهاب الدِّماغ الشَّامل المُصَلِّب تحت الحادّ (SSPE)"، وهو غالباً ما يؤدي إلى الوفاة. "لقد شاهدتُ أطفالاً يموتون وهم يتعذبون. وعندما يعيش المرء موقفاً كهذا، فإنه يجد أن من الغباء أن يتكلم الناس ويقولون إن الحصبة مرض غير مؤذٍ يصيب الطفولة".
كما يحذر أيضاً من عودة أمراض أخرى كانت تعتبر مجتثَّةً وغير قابلة للعودة، إذا استمر انخفاض معدل التطعيمات: "إن حدوث ذلك ثانيةً أمر محتمل. كانت تتفشى في مدينة كولونيا عام 1976 فاشيةُ داءِ الدفتيريا، التي خلَّفت 80 مريضاً وعشرة قتلى".
إلا أن التطعيم الإجباري كان يسير على طريق خاطئ. يقول: "إن كثيراً من الآباء قاوموا هذا الأمر".
أعداء التطعيم ينشرون الأكاذيب حول التطعيم ويبثُّون الخوف
مَن يقرأ التعليقات الخِلافية في منتديات التطعيم، يلاحظ سريعاً: أن لايدل مُحقٌّ. لسنا بحاجة إلى تطعيم إجباري. وإنما بحاجة إلى وضوح.
والأمر الجليُّ الواضح هو أن التطعيمات ينبغي ألا تكون هي الحل الأمثل في جميع الحالات. يتابع لايدل قائلاً: "أنا لا أنكر فكرة أن التطعيمات قد تشتمل على بعض الآثار الجانبية السيئة. لكن هذا أمر نادر الحدوث وأقل شيوعاً بكثير من التصور العام".
ولكن الإشكالية تكمن في أنَّ كثيراً من معارضي التطعيم يجادلون بالأكاذيب، التي تبث الرعب في قلوب العامة، في حين أنها تهمش منافع التطعيم العديدة.
هذا الموضوع مترجم عن النسخة الألمانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
–