مراحل التحرش في مجتمعي

القضية ليست قضية دين وقوانين أرضية وفقط، بل أصبح الوضع وضع انعدام خُلق، فما حدث للكلبة من كلاب أمثالها ليس سببه هو تنورتها القصيرة أو فستانها الضيق على الخصر أو سيرها في مكان مظلم، إنما السبب أن باختلاف الأنثى كأي كائن حي هناك عنف يمارس ضدها كأنها أداة لتلبية الشهوة الغرائزية.. فإن دلّ هذا فإنما يدل على أن ذكر أي حيوان والإنسان تحركه شهوته

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/18 الساعة 03:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/18 الساعة 03:32 بتوقيت غرينتش

يُحدثونني عن المرأة وحقوقها وما بلغته من مكانات ووصلت له من صلاحيات لم تكُن بين يديها قبل سابق، لكن يبدو أنهم نسوا أن يخبروني أنهم أفقدوها شعورها بالاحترام والتقدير والأمان الذي تستحق أن تشعر به، لطالما سمعنا أنه تم الاعتداء على نساء وفتيات وأطفال جنسياً، وكأن الوضع أصبح طبيعياً في مجتمعنا أن يكون فيه طابع الذئاب.

مؤخراً استيقظت على فاجعة أن اثنين من ذكور البشر اعتديا جنسياً على أنثى الكلب "كلبة"!
تجد أنت نفسك كأي بني آدم عاقل سوي تسأل: كيف؟ ولماذا؟ متعجباً حقاً أن يتدنى بنا الحال لما هو أدنى من قاع الهاوية!
إذ أجد على صفحات التواصل الاجتماعي البعض يتناول الأمر بين التحليل العلمي بأنه يمكن أن ما حدث فعلياً ممكن، وآخر يؤكد استحالته، وعلى الجانب الآخر بعض الشباب تهكّم على ما مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات كـ(محدش يقول لي روح شوف لك كلبة)، ونهاية الأمر استقر في تلك الحادثة أن أكد الطبيب البيطري القائم بهذا الفعل كلاب من نفس نوعها.

فالأمر يدعو للسخرية من خيبة الأمل لما يمر عليَّ من مشاهد مختلفة يومياً، وإن مرّ بي بعض منها.

المشهد الأول:
فتاة عشرينية حجابها فضفاض تسير عابسة صباحاً في طريقها للجامعة، يمر بها رجل خمسيني على دراجة يحاول لمس جسدها، فتسرع لتلوذ بالرصيف، فينهال بالتغزل بها بألفاظ تخدش حياءها فتسرع في سيرها.

المشهد الثاني:
سيدة ثلاثينية ليست محجبة، لكنها ترتدي من الملابس ما يعينها على ستر جسدها، ويليق بمجتمعها وبيئتها، يأتي طفل لم يكمل عقده الأول من العمر ليضربها على أحد أجزاء جسدها، ويسرع هرباً كأنه يلعب الغميضة مع رفاقه.

المشهد الثالث:
سيدة خمسينية يتم الاعتداء عليها جنسياً أثناء عودتها من العمل في وضح النهار من قِبل شابين لم يتجاوزا الثامنة عشرة من العمر!

المشهد الرابع:
أب يغتصب ابنته التي لم تكمل عامين، بسبب شربه الخمر ليفيق من سكرته يجد أن فلذة كبده فقدت شعور الأمان تجاه منبع الحب لها؛ ليجد نفسه مجرماً أمام قوانين الخالق والمخلوق.

المشهد الخامس:
أنا أمشي في الشارع للجامعة، ليأتي ولد يكاد لم يتم الثانية عشرة يشد حجابي ويجري هرباً، فأصرخ مستنجدة "حرامي.. حرامي"؛ لتأتي عجوزُ تسألني ماذا سرق يا بُنيتي؟ فلا أجيبها وأنظر كيف ينهال الناس على هذا الذئب ضرباً، وشعور الانتصار يملؤني.

بعد سرد هذه المشاهد دعنا نتأكد أن العيب ليس برداء النساء، وإنما العيب بذكور في مجتمع أعانهم على أن الذكر سيده، يفعل ما يشاء، فإنه غير محاسب، وكأنه نسي أن لله عدالة لا بد أن تُقام.

يا سيدي الفاضل.. القضية ليست قضية دين وقوانين أرضية وفقط، بل أصبح الوضع وضع انعدام خُلق، فما حدث للكلبة من كلاب أمثالها ليس سببه هو تنورتها القصيرة أو فستانها الضيق على الخصر أو سيرها في مكان مظلم، إنما السبب أن باختلاف الأنثى كأي كائن حي هناك عنف يمارس ضدها كأنها أداة لتلبية الشهوة الغرائزية.. فإن دلّ هذا فإنما يدل على أن ذكر أي حيوان والإنسان تحركه شهوته، لكن هناك فرقاً أن الله خلق له عقلاً يميز به ويتفهم القوانين الربانية والأرضية إذا ما حجته.

حجته أنه يعلم لو عُوقب سيكون العقاب تافهاً في المحاكم الأرضية، ونسي محكمة يوم لا يرد الله مظلوماً إلا وهو معطيه حقه.. لا تشتكُ خشونة بناتكم وغلاظتهن، فالذكور كُثر والرجال قليلون.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد