شرعت الحُكومة المغربية منذ مطلع الأسبوع الجاري في صرف الدعم لأكثر من 10 آلاف و500 أرملة، بأُثر رجعي.
الحكومة ستدفع تعويضات عن الأشهر العشرة الماضية، وهي المدة التي استغرقها تنفيذ القرار بعد المصادقة عليه في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من السنة الماضية.
قرار السلطات المغربية لقي ترحيبا لدى فئات عدة من المغاربة، إذ وصفوه بـ"التاريخي"، إلا أن آخرين اعتبروا حجم الأموال التي تصرف للأرامل "غير كاف" ويجب زيادته.
خُطوة تاريخية
نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي أِشادوا بالقرار، إذ اعتبروا صرفها بأثر رجعي في هذا التوقيت الذي يتزامن مع عيد الأضحى، خُطوة إنسانية بامتياز، على حد وصفهم.
وفي هذا السياق، أشاد الصحافي عبد الصمد بنعباد، في تدوينة له على فيسبوك، بالتوقيت الذي تقرر فيه صرف هذه المنح، مشيرًا إلى أنه لا فرحة تُضاهي إدخال السرور على اليتامى أيام العيد.
المغاربة الذين كبروا في "الدرب"… يعرفون جيدا معنى "تفرح ليتامى نهار العيد"… سعداتك يا مفرح ليتامى نهار العيد… سعداتك يا عبد الإله… سعداتك يا السي باها.
Posted by عبد الصمد بنعباد on mardi 22 septembre 2015
أما الناشط بحزب العدالة والتنمية، نزار خيرون، فقد نشر تدوينة يوضح فيها أن قيمة هذه المنحة لن تعرفها إلا الأرملة ذاتها أو من يعيش معها، وأضاف "حقا إنه إنجاز عظيم، والتفاتة إنسانية واجتماعية رائعة.. تستحق التنويه".
ما يناهز 4000 درهم كمبلغ لدعم الأرامل بأثر رجعي منذ يونيو 2015 إلى اليوم، تمسكه أرملة دفعة واحدة وهي على أبواب عيد الأضح…
Posted by نزار خيرون on mardi 22 septembre 2015
ناشطون نشروا صورا للرسائل التي وصلت الأرامل تُخبرهن بوضع المبلغ رهن إشارتهن لدى إحدى الوكالات البنكية.
حكومة الوفاء تصرف تعويضات الارامل بأثر رجعي كل ارملة وضعت ملفها لدى السلطات ما عليها الا ان تتوجه للعمالة باش تعرف واش ملفها قبل .. ثم تتوجه للبريد (البوسطة) التي تتعامل معها و تتسلم تعويضها
Posted by Dija Srati on mercredi 23 septembre 2015
حين يحمل التراب جسد رجل كعبد الله بها و تنقضي حياته لكنه يواصل تلقي اﻷجر و الثواب على ما قدم و أعطى لا من مال بل من قرار…
Posted by Imane Yakoubi on mardi 22 septembre 2015
حكومة الوفاء تصرف تعويضات الارامل بأثر رجعي كل ارملة وضعت ملفها لدى السلطات ما عليها الا ان تتوجه للعمالة باش تعرف واش ملفها قبل .. ثم تتوجه للبريد (البوسطة) التي تتعامل معها و تتسلم تعويضها
Posted by Dija Srati on mercredi 23 septembre 2015
كريم.. لكنه قليل
وبعيدًا عن الترويج السياسي والإعلامي للقرار الحُكومي، فقد استقبلت الأرامل الخبر بصدر رحب، خاصة وأنها قد وصلت في وقت بالغ الأهمية.
"فاطنة" أرملة وأم لأربعة أبناء، رحبت بهذا الإجراء، فعقب وفاة زوجها قبل سنوات قليلة، بقيت الأسرة بدون معيل، خصوصًا وأن الأم لم تعد قادرة على العمل.
ووصفت فاطنة هذه المنحة المالية الشهرية بـ"طوق النجاة"، إذ من شأنها أن تكفيها وأبنائها بعض المُعاناة، معلقة بالقول "على الأقل قد يُخفف عنا تكاليف الكراء، وبعض مصاريف الحياة اليومية".
من جهة أخرى رحبت "خديجة"، أرملة وأم لطفل، بالمُبادرة، وقالت أنها أن ستكف الكثير من النساء عن طلب المساعدة، مُوضحة أن صرفها في هذا التوقيت بشكل رجعي، سيدخل بسمة العيد على أسر كثيرة.
وفي نفس السياق، قالت خديجة، إن المبادرة في حد ذاتها تبقى سابقة من نوعها، إلا أنها دعت إلى الزيادة في قيمتها في السنوات المقبلة، حتى تكون الأرامل أكثر راحة، بحسب قولها.
ترحيب وتحذير
الدكتور عبد الرحمن الصديقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عبد المالك السعدي بمدينة تطوان (شمال) رحب بهذه المبادرة، إلا أنه نبه إلى خُطورة انحرافها في المستقبل عن الأهداف الموضوعة من أجلها.
وقال في تصريح لـ"عربي بوست" إن هذه المبادرة مستحسنة وتستحق التنويه، مُضيفا أنه "لا يُمكن تقييمها الآن، بل بعد مرور سنوات على بداية العمل بها، لأن الاختلالات تظهر مع مرور الوقت".
وحذر الصديقي من تلاعب بها من طرف بعض أعوان السلطة بالمبادرة، ومن واستغلالها من طرف المنتخبين، لتحقيق أهداف غير تلك التي وضعت من أجلها.
وبخصوص قيمة التعويض عن كل يتيم، أوضح الدكتور الصديقي أن هذه المنحة هي مُساعدة فقط، ولا يُنتظر منها أن تُغطي جميع مصاريف الأسرة، مؤكدا أنه على الأرملة بذل بعض من الجهد من أجل استكمال ما تبقى من مصاريف.
من جهة أخرى، استبعد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب (البنك المركزي)، أن يكون لبرنامج دعم الأرامل، الذي أطلقته الحكومة الحالية، انعكاس سلبي على الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أن أكثر ما يثقل كاهل الدولة هو كتلة الأجور، التي تتجاوز 105 مليار درهم مغربي.
وأوضح الجواهري، في حديثه بندوة عقدها بالرباط الثلاثاء 22 سبتمير/ أيلول ، أن المبلغ الإجمالي المخصص من طرف الحُكومة لهذه المنح لا يتجاوز الـ 23 مليون درهم، وبالتالي لن يكون له تأثير على الميزانية، بحسب قوله، مشددا أن الحُكومة المغربية "لا يُمكنها اتخاذ خُطوة من شأنها إغراق الميزانية أو إثقالها بمصاريف جديدة، خُصوصا بالنظر إلى الظرفية التي تعيشها البلاد".
جدل سياسي
ولم تمر هذه المُبادرة من دون جدل، إذ أنه منذ إعلان الحُكومة نيتها تخصيص منح مالية للأرامل، بدأت الانتقادات والتشكيكات من طرف أحزاب المُعارضة التي علقت على الموضوع بكونه "مُجرد وعود فارغة".
وكان حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارضة، أكثر المُهاجمين لهذه الخُطوة والمُشككين في صدقها.
شباط أكد في وقت سابق أن شروط الاستفادة من منح الأرامل صعبة، تعد إذلاً، وقال "يجب أن يكون لديها أكثر من 1000 درهم كدخول شهري، على حد قوله، متهماً الحكومة بالكذب على الجميع.
في المُقابل، رد نُشطاء حزب العدالة والتنمية على هذه التشكيكات بشريط فيديو يُظهر أمينهم العام رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، وهو يتحدث بتأثر عن سبب اتخاذ قرار دعم الأرامل والمطلقات، موضحا أنه كان اقتراحا للوزير الراحل عبد الله بها، بعد مُعاينته لمُعاناة أرملة جزاء توفي في حادثة سير.
10529 أرملة صرفن الدعم
وبحسب المُعطيات الرسمية التي كشفت عنها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والرعاية الاجتماعية، فإن عدد الأرامل اللواتي تم صرف الدعم لهن، قد بلغ عددهن 10529 أرملة، في حين بلغ المبلغ المخصص لدعم النساء الأرامل 23 مليون درهم في هذه المرحلة.
وقد أوضحت الوزارة في بيانات سابقة أنه تم التوصل بـ 40 ألف ملف خاص بالأرامل، وبالتالي تكون المستفيدات اللواتي توصلن بمنحهن دفعة أولى فقط، ستليها دفعات أخرى.
وتستفيد النساء الأرامل في وضعية هشة، بموجب المرسوم، نيابة عن أطفالهن اليتامى الذين في حضانتهن، حتى بلوغهم سن الواحد والعشرين، والمشروط بمتابعة الدراسة أو التكوين المهني بالنسبة للأطفال البالغين سن المدرسة، ويستثنى من شرطي متابعة الدراسة أو التكوين وحد السن المذكور، الأطفال اليتامى من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وحدد المرسوم المبلغ الشهري للدعم في 350 درهما (40 دولار) عن كل طفل يتيم، على ألا يتعدى مجموع الدعم 1050 درهم عن كل شهر للأسرة الواحدة، ويشترط على الأرملة المعنية الإدلاء بعدد من الوثائق، منها نسخة مصادق عليها من بطاقة المساعدة الطبية، وشهادة مسلمة من إدارة الضرائب تثبت عدم خضوع الأرملة للضريبة، باستثناء ما يتعلق منها بالسكن الاقتصادي، ثم تصريح بالشرف يثبت عدم الاستفادة من أي معاش أو تعويض عائلي.