يرجع تاريخ العطور إلى آلاف السنين، وتحديداً زمن الفراعنة وبلاد ما بين النهرين، وقبرص.
كادت العطور تفقد انتشارها لولا أن أنقذها العرب والفرس، ودوَّنوا أسرار صناعتها في كتب مازالت موجودة حتى اليوم.
من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، تطوَّرت صناعة العطور وفقاً لأدوات عصرها وزمانها ليبقى مكونها الأساسي الورود والزهور المحلية.
تاريخ العطور حول العالم
كان المصريون القدماء أول من أدخل العطور في ثقافتهم، يليهم الصينيون القدماء، والهندوس، والإسرائيليون، والقرطاجيون، والعرب، والإغريق، والرومان.
واكتُشف أقدم العطور على الإطلاق من قِبل علماء الآثار في قبرص، وكانت ترجع هذه العطور لأكثر من أربعة آلاف عام.
وتذكر لوحة مسمارية من بلاد ما بين النهرين، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3 آلاف عام، أنَّ امرأة تُدعَى تابوتي كانت أول صانعة مُسجلة للعطور. ولكن كان يمكن العثور على العطور في الهند أيضاً في ذلك الوقت.
العرب ينقذون العطور بمعادلاتهم الكيميائية
الاستخدام المُبكر لزجاجات العطور يرجع للمصريين، ويعود تاريخه إلى حوالي 1000 سنة قبل الميلاد.
اخترع المصريون الزجاج، وكانت زجاجات العطور واحدة من الاستخدامات الشائعة الأولى للزجاج.
وساعد الكيميائيون الفرس والعرب في تجميع وتدوين إنتاج العطور وانتشارها في جميع أنحاء العالم القديم.
ومع ذلك، شهدت فترة ازدهار المسيحية انخفاضاً في استخدام العطور، طوال أغلبية العصور المظلمة.
وكان العالم الإسلامي هو السبب الذي أبقى تقاليد العطور على قيد الحياة خلال هذه الفترة، وساعد على إعادتها للحياة مع بداية التجارة الدولية.
في القرن التاسع، كتب الكيميائي العربي الكندي "كتاب كيمياء العطور والتقطير"، الذي تضمن أكثر من مئة وصفة للزيوت العطرية والمراهم والمياه العطرية، وبدائل أو تقليد العقاقير باهظة الثمن.
كما وصف الكتاب 107 طريقة ووصفة لمعدات صنع العطور وصنعها.
أما أبو الطب الحديث الكيميائي الفارسي ابن سينا، فتوصل لعملية استخراج الزيوت من الزهور عن طريق التقطير، وهو الإجراء الأكثر شيوعاً اليوم.
وقبل اكتشافه عملية التقطير، كانت العطور السائلة تتألف من خليط من الزيت والأعشاب المطحونة أو بتلات.
كان ماء الورد أكثر حساسية، واكتسب شعبية على الفور.
أثرت المكونات الخام وتكنولوجيا التقطير بشكل كبير على صناعة العطور والتطورات العلمية الغربية، وخاصة الكيمياء.
الفرنسيون يعطرون كل شيء
وشهد القرن الـ16 شعبية العطور في فرنسا، خاصةً بين الطبقات العليا والنبلاء.
وبمساعدة "محكمة العطور"، وهي محكمة لويس الـ15، أصبح كل شيء مُعطراً: الأثاث، والقفازات، وغيرها من الملابس.
وساعد اختراع "eau de cologne" أو "الكولونيا" في القرن الـ18 في استمرار نمو صناعة العطور.
استخدامات العطور
أحد أقدم استخدامات العطور يأتي من حرق البخور والأعشاب العطرية من أجل العلكة ذات الرائحة، واللبان، والمر (وهو مادة صمغية) الذي يُجمع من لأغصان الأشجار.
إلا أنَّ الأمر لم يستغرق وقتاً طويلاً، ليكتشف الناس إمكانيات العطور الرومانسية، وكانت تُستخدم من أجل الإغواء.
ومع اختراع الكولونيا، بدأت فرنسا في القرن الـ18 باستخدام العطور لمجموعة واسعة من الأغراض.
كانوا يستخدمون العطور في ماء الحمام، وفي الكمادات والحقن الشرجية، وكانوا يضعونها في النبيذ، أو يرشونها على كُتل السكر.
وعلى الرغم من أنَّ صانعي العطور المُتخصصين لا يزالون يُرضون أذواق الأغنياء، إلا أنَّ العطور اليوم يستخدمها الناس على نطاقٍ واسع، وليس فقط بين النساء.
ولم يعد بيع العطور من اختصاص صانعي العطور فقط.
في القرن الـ20، بدأ مُصممو الأزياء في تسويق مجموعتهم الخاصة من العطور، ويمكن العثور على أي شخص مشهور لديه علامة تجارية خاصة به وهو يحاول الترويج لعطر باسمه (بل وربما برائحته).