قد يكون الإحساس الأول الذي نشعر به عندما نُرزق بطفل هو أن علينا حماية هذا الكائن الصغير من أي ضرر قد يواجهه أو أي شيء قد يحزنه.
ورغم أن هذه الرغبة لدعم الطفل والحفاظ على سلامته وسعادته تعتبر شعوراً غريزياً وجزءاً مهماً من مسؤوليات الوالدين، فإن الإفراط في هذه الحماية بالتدخل المفرط في حياته ونشاطاته وقراراته، قد يؤدي أحيانًا إلى نتائج عكسية ويضر أكثر مما ينفع.
تحدّث العديد من الإخصائيين التربويين عن مضار هذا التدخل المفرط ووصفوا الوالدين اللذين يقومان به بـ"المروحية" أو "الهيلكوبتر" بسبب تواجدهما الدائم فوق رؤوس أطفالهما وتدخلهما بحياتهم.
لتربية طفل مستقل وقادر على الاعتماد على نفسه، تعرف معنا أكثر في هذا التقرير على صفات "الآباء الهليكوبتر"، ولماذا عليك أن تتجنب الإفراط في حماية طفلك والتدخل في حياته.
أولاً، من اخترع مصطلح "الآباء الهليكوبتر"؟
أول من استخدم المصطلح "الأب الهليكوبتر" كان العالم والمعالج النفسي والإخصائي التربوي، حاييم جينوت، في كتابه Between Parent and Teenager، مشيراً به إلى الوالدين المفرطين في حماية الطفل ومراقبته والتدخل بحياته وشؤونه منذ الطفولة وحتى بعد مرحلة المراهقة.
كما استخدمه باحثو تنمية الطفل فوستر كلاين وجيم فاي للإشارة إلى الوالد الذي يحوم فوق طفله مثل "مروحية" ويتدخل في حياته بطريقة مفرطة تمنعه من تنمية مهارات الاستقلال والاعتماد على النفس، وفقاً لما ذكره موقع Insider.
ثانياً، ما المقصود بمصطلح "الآباء الهليكوبتر"؟
تقول الإخصائية النفسية آن دنوود لموقع Parents التربوي، إن تعريف التربية "المروحية" هو ببساطة "التربية المفرطة"، أي أن "تفرط في السيطرة على الطفل وحمايته بشكل يتجاوز مسؤوليتك كأب أو أم ويتعارض مع استقلالية طفلك".
يقوم الآباء "المروحيون" بالتدخل بشكل مفرط في قرارات أطفالهم أو اتخاذها عنهم حتى، مثل انتقاء ملابسهم وأحذيتهم وأصدقائهم وهواياتهم والأماكن التي يذهبون إليها. وقد يقومون بوضع جداول صارمة لكل نشاط أو مكان يقوم به أبناؤهم.
غالباً ما يتصف "الآباء المروحيون" أيضاً بميول مفرطة لحماية أطفالهم من مرحلة الطفولة إلى ما بعد سن المراهقة. كما يميلون إلى الانخراط بشكل مفرط في حياة أطفالهم؛ لدرجة أنهم ينسون اهتماماتهم حتى ويركزون معظم وقتهم وجهدهم في كل ما يتعلق بحياة أبنائهم.
سلبيات أن تكون "أباً مروحية"
الانخراط في حياة الأطفال بشكل مبالغ فيه قد يكون ضاراً ويشعرهم بالاختناق بسبب المراقبة المستمرة لهم. كما أنهم قد يعانون بسببه من عدم القدرة على الاعتماد على أنفسهم في أبسط الأمور.
فيما يلي بعض العيوب التي ذكرها موقع Very Well Family لهذا الأسلوب التربوي:
يمنع تطوير مهارات حل المشكلات:
يحتاج الأطفال منذ الصغر إلى تطوير مهارات حل المشكلات. ومع ذلك، غالباً ما يتدخل الآباء "المروحيون" عند ظهور أول علامة على وجود مشكلة، بحيث لا يتعلم الأطفال مهارة التفكير والبحث عن الحلول الممكنة لمشكلته.
يؤدي إلى الاعتماد على الوالدين:
يبذل "الآباء المروحية" الكثير من الجهد من أجل مساعدة أطفالهم للقيام بمهامهم؛ لدرجة تجعل أطفالهم يعتمدون عليهم معظم الوقت ولا يستطيعون العيش بدونهم أو اتخاذ أي قرار بسيط بأنفسهم.
وقد يستمر اعتماد الأبناء بشكل شبه كلي على والديهم في اتخاذ قراراتهم حتى بعد مرحلة المراهقة وسن الرشد إذا استمر تدخل الوالدين المفرط.
يمنع الأطفال من تعلم الدفاع عن أنفسهم:
عادةً ما يدافع "الآباء المروحية" عن أطفالهم بدلاً من تعليم أطفالهم الدفاع عن أنفسهم؛ لذلك قد لا يستطيع الطفل التحدث عند وقوعه في مشكلة أو حتى شرح موقفه أو أسبابه للقيام بأمر ما مما قد يجعله عرضة للتنمر والاستغلال والأذى.
حماية الأطفال من العواقب الطبيعية:
يحتاج الأطفال إلى مواجهة بعض العواقب الطبيعية في الحياة عند الفشل أو القيام بخطأ ما. تجنيب الطفل التجارب السلبية بهدف حمايته غير صحي لأنه بحاجة اختبار جميع المشاعر عن طريق خوض تجارب مختلفة.
كيف تتجنب أن تصبح "والداً مروحياً"
يمكنك أن تُظهر لطفلك أنك موجود دائماً لمساعدته ودعمه لكن دون حل جميع مشاكله نيابة عنه.
ينصح موقع Healthline، بأن تساعد طفلك على تنمية مهاراته الحياتية بدلاً من القيام بمهامه عنه وأن تقاوم رغبتك في التدخل عند مواجهته صعوبات بسيطة وإعطائه فرصة للمحاولة واتخاذ قراره بنفسه.
يمكن أن يشمل ذلك أشياء صغيرة مثل ربط حذائه أو تنظيف غرفته أو انتقاء ملابسه.
من المهم أيضاً أن تعلم طفلك مهارات حل المشكلات وأن تسمح له بتجربة الفشل منذ الصغر لتعلّم كيفية التعامل مع خيبة الأمل والمحاولة مرة أخرى.
كما أن تعليمه المهارات الحياتية مثل الطهي والتنظيف وغسيل الأطباق يلعب دوراً مهماً في تعزيز استقلاليته واعتماده على نفسه.