يريد كل الآباء تصديق أن أطفالهم مميزون وفريدون، وهم كذلك حقاً، لكن بعض الأطفال مقدر لهم أن يكونوا أذكياء الأجيال الجديدة، والشخصيات العظيمة للعصور المقبلة.
ويستطيع العديد من الآباء التعرف على علامات "الذكاء الاستثنائي" منذ سن مبكرة، سواء كان ذلك زيادة في قدرته على تعلُّم وحفظ المفردات الجديدة، أو الميل إلى الحقائق الرياضية واللعب بصورة مبتكرة عن المألوف لمن هم في سنه.
مؤشرات تدل على إمكانات عالية لذكاء الطفل
ومع ذلك، الدرجات العالية أو نتائج الاختبارات وطريقة الطفل في اللعب ليست بالضرورة مؤشراً جازماً على أن الطفل موهوب حقاً، وبينما لا توجد صيغة واحدة لتحديد وتقييم الطفل الموهوب، يقول الباحثون وعلماء علم النفس التربوي إن هناك بعض الخصائص التي قد تشير إلى إمكانات عالية في ذكاء الطفل.
ونشر موقع CNBC عدداً من المؤشرات التي من شأنها كشف مستوى متميز من الذكاء عند الطفل، وهي كالتالي:
- القدرة المبكرة على القراءة والتعلُّم وفهم الأشياء بسرعة.
- ينغمس بعمق في بعض المواضيع بحيث يغفل عن الأحداث المحيطة.
- الملاحظة الشديدة والفضول والميل لطرح الأسئلة والرغبة في الفهم.
- القدرة على التفكير التجريدي، مع إظهار علامات الإبداع والابتكار.
- التطور المبكر للمهارات الحركية (مثل التوازن والتنسيق والحركة).
- إيجاد متعة في اكتشاف اهتمامات جديدة أو استيعاب مفاهيم جديدة.
- الاستخدام المبكر للمفردات المتقدمة.
- القدرة على الاحتفاظ بمجموعة متنوعة من المعلومات.
- يظهر الاستقلالية والاعتماد على ذاته والمسؤولية في إنجاز المهام.
- القدرة على استيعاب المواقف من وجهات نظر مختلفة واستكشاف طرق بديلة للأمور المعتادة.
1- الذاكرة الممتازة
يقول موقع Learning Lift Off إن الذاكرة الجيدة مهمة للأطفال لتعلم المعلومات الجديدة والاحتفاظ بها، وذلك سواء في المدرسة أو في المنزل. وهي مؤشر بارز من مؤشرات ذكاء الطفل.
وفي الواقع، تقول عالمة النفس والكاتبة تريسي باكيام ألواي: "ترتبط الذاكرة العاملة ليس فقط بالتعلم (من روضة الأطفال إلى الكلية)، ولكن أيضاً في اتخاذ القرارات المختلفة في الأنشطة اليومية".
ومع ذلك، تحذّر الدراسات من أن الأطفال الذين يتمتعون بذاكرة جيدة للغاية هم أيضاً أكثر مهارة من غيرهم في الكذب وتزييف الحقائق.
2- تمييز الأنماط
يبدأ الأطفال العبقريون في التعرف على الأنماط والإشارات في سن مبكرة، ولكن ليس مجرد أنماط الألوان أو الأشكال البسيطة هي التي تلفت انتباههم وحسب.
وتشير أستاذة الطب النفسي وذكاء الأطفال نيرانجان ريدي، لموقع Readers Digest، إلى أن الأطفال الموهوبين لا يلاحظون الأنماط والأشكال في الألعاب والأنشطة فحسب، بل يمكنهم أيضاً رؤية السلوكيات والأنشطة المتكررة بسهولة أكثر من أقرانهم.
ويلاحظ الأطفال الموهوبون كل شيء، بداية من مرور الحافلة من أمام المنزل بعد وقت الإفطار إلى عدد المكعبات التي يمكن وضعها داخل صندوق الألعاب. وهذه السمة من المؤشرات المهمة على ذكاء الطفل، يتمتع الأطفال الذين يجيدونها بحب مراقبة وتذكُّر المعلومات الأساسية.
3- مهارات القراءة المبكرة
في المتوسط، يبدأ الأطفال الأذكياء للغاية في القراءة قبل سن الرابعة، بينما يكون معظم الأطفال أقرب إلى سن السادسة أو السابعة قبل تحقيقهم هذا الإنجاز.
وهناك العديد من مراحل القراءة التي يترتب عليها ذكاء الطفل، وبالتالي يجب أن يتعلم الأطفال التعرف على الكلمات وفهمها قبل أن يتمكنوا من البدء في القراءة بمفردهم.
وبحسب موقع Healthy Way، قد يكتشف بعض الأطفال متعة القراءة في وقت لاحق من حياتهم، ولكن بمجرد أن يبدأوا القراءة، فإن الأطفال الأذكياء غالباً ما يصبحون مدمنين للقراءة.
وفي مقال بعنوان "كيفية تربية الأطفال الموهوبين"، تم التشديد على أهمية توفير الكتب للطفل لتعزيز المشاركة الفكرية المبكرة.
وتزيد الكتب من المفردات والفهم والمعلومات واسعة الخيال، وهي تشجع الأطفال على إدراك أن الأفكار شيء يستحق الحديث عنه.
4- امتلاك حس فكاهي
اكتشف باحثون في النمسا أن الأشخاص المضحكين، وخاصة أولئك الذين يستمتعون بالفكاهة الساخرة، يتمتعون بمعدلات ذكاء أعلى من أقرانهم الأقل مرحاً.
إذ يتطلب الحس الفكاهي قدرة معرفية وعاطفية لمعالجة وإنتاج الدعابة. ويُظهر تحليل العلماء في الدراسة التي نشرها موقع We Forum، أن الأشخاص المضحكين يتمتعون بذكاء لفظي وغير لفظي أعلى من غيرهم، ويسجلون درجات أقل في اضطرابات المزاج والعدوانية.
وتشير الدلائل العلمية إلى أن امتلاك حس الدعابة يرتبط بذكاء عاطفي عالٍ، وهو صفة تدل على ذكاء الطفل بشكل واضح.
وتدعم الأبحاث حول استخدام الفكاهة في التعليم أيضاً فكرة أن الفكاهة هي مساعد فعّال لتعزيز قدرات التعلم. وكشفت تجارب عديدة أن الدروس التي يتم تقديمها بروح الدعابة تكون أكثر إمتاعاً للطلاب على سبيل المثال، كما أنها تعزز فهم الطلاب وتذكُّرهم للموضوع.
5- الميول القيادية
نظراً لنضج الأطفال الأذكياء وقدراتهم التنظيمية الطبيعية، يصبح العديد من الأطفال العباقرة قادة في العديد من جهات الحياة.
ويقول موقع Readers Digest، إن الأطفال الموهوبين يمكنهم عادةً تحمل المسؤولية لإيجاد الحل الأكثر فاعلية، وقيادة أقرانهم والتخطيط وتحديد المسؤوليات، حتى وإن كان ذلك في جلسة من اللعب أو الأنشطة الترفيهية المعتادة للأطفال.
وعلاوة على ذلك، من مؤشرات ذكاء الطفل المُتمتع بالميول القيادية قدرته على تنظيم أموره وشؤونه، ما يجعله دائماً يبحث عن طرق للتقدُّم والتطور، وهي سمة مرغوبة للقادة، بغض النظر عن أعمارهم.
وبسبب هذه القدرات الفريدة، يمكنهم عادة قيادة أقرانهم، لأن لديهم ثقة أكبر في إحساسهم بالتوجيه والخبرة في تولي المسؤولية.
6- يكرهون النوم!
من علامات ذكاء الطفل أنه لا يهدأ إلا حينما يشعر بالإعياء التام، وبالتالي لا يميل الطفل الذكي إلى الاستسلام للنوم بسهولة.
وخلصت دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ونشرها موقع Healthy Way، أن "الأطفال الأكثر ذكاءً من غيرهم عندما يصبحون بالغين يكونون كارهين للنوم المبكر، ويذهبون في العادة إلى الفراش متأخراً، ويستيقظون في وقت متأخر خلال أيام الأسبوع وعطلات نهاية الأسبوع أيضاً".
7- ليس من الضروري أن يكون بارعاً في كل شيء
لا يعني ذكاء الطفل أنه قادر على أن يكون عبقرياً في سائر الأمور، لكن الفريد هنا هو أن الأطفال الأذكياء يعرفون نقاط قوتهم ويلتزمون بها. وفي العادة يحددون هواية معينة ويتعمقون في تعلمها بدلاً من أن يتعمقوا في التعلم بشكل عام وفي كافة المجالات.
وهذا يعني أيضاً أن الأطفال الأكثر ذكاءً من المتوسط لن يتفوقوا بالضرورة في المدرسة، لأن ذلك قد لا يكون هو ما يركزون عليه ويصبّون عليه اهتمام أذهانهم.
وبالرغم من أن الأمر قد يبدو متناقضاً، فإنك إذا تعمّقت فيما يدور في خلد الطفل الذكي فستجد أن هناك الكثير من الأمور بالفعل التي تأخذ ذلك الحيّز، وفقاً لـHealthy Way.
ما على الآباء فعله لتعزيز ذكاء الطفل وتنمية قدراته العقلية
1- البحث عن طرق إبداعية لنشاطات الطفل
يُعد تعريض ابنك للتحديات والنشاطات المختلفة أمراً حيوياً لتنمية مواهبه، وإذا كانوا يستمتعون بالعلوم على سبيل المثال، فإن زيارة المتاحف العلمية للأطفال يمكن أن توفر تجربة تعليمية فريدة.
ويمكنك أيضاً توفير مواد للعب الإبداعي، مثل إعطائهم كراتين البيض وصناديق الكرتون ولفائف المناشف الورقية، ودع عقله يتخيل كيف يمكن ابتكار الألعاب من تلك الأشياء.
2- أحطهم بأشخاص موهوبين ومؤثرين
تشير الدراسات إلى أن تنمية مهارات الأطفال تنمو بمعدل أسرع عندما يتفاعلون مع الآخرين أو يتعلمون منهم أو يشعرون بالإلهام منهم، خاصة إذا ما كان لدى هؤلاء قدرات ذهنية ومواهب مماثلة.
وعندما يرى الأطفال الأشخاص من حولهم منهمكين في نشاط ما، فإنهم عادة ما يصبحون متحمسين لرفع مستوى أدائهم، للمنافسة والرغبة في أن يتميزوا عليهم.
ولأن لا أحد يحقق العظمة بمفرده، يجب على الآباء النظر إلى ما وراء أنفسهم لتلبية احتياجات أطفالهم، من خلال إيجاد مرشد خارجي ملهم للطفل.
وليس من الضروري أن يكون ذلك شخصاً خبيراً أو أكثر خبرة لكي يقوم بتعزيز ذكاء الطفل بالصورة المُثلى، بل توصلت الأبحاث إلى أن أهم المؤثرين في الأطفال هم على الأرجح أصدقاؤهم وأقرانهم.
3- بناء قيم عائلية مشجعة
توفر القيم العائلية أساساً وقاعدة قوية لحياة الطفل بأكملها، وتظهر الأبحاث أنه عندما يكون لدى الأطفال شعور قوي بالدعم والانتماء والحب في منازلهم، فإنهم يكونون أكثر قدرة على استغلال إمكاناتهم.
وبعض أنواع القيم التي ستساعد في خلق بيئة محفّزة لذكاء الطفل:
- الاحترام: أظهِر احترامك لتفرّد الطفل واحترم رأيه وأفكاره وأحلامه. واحرص على قضاء بعض الوقت معاً كعائلة حميمة، ووفر وقتاً للعب غير منظم، واسمح لكل فرد من أفراد الأسرة بمتابعة اهتماماته.
- قيم الأسرة: بالنسبة للأطفال، يشمل ذلك كيفية تعاملهم مع المدرسة والدراسة. وتعد سلوكيات الوالدين الإيجابية مثل المثابرة والصبر والاجتهاد من أكثر الطرق فاعلية لتعليم الأطفال هذه القيم.
- القيم الاجتماعية: هذا هو المفتاح لتعزيز ذكاء الطفل وتطوير شخصيته. شجعهم وامتدحهم عندما يكونون محترمين ومهذبين في تفاعلاتهم مع غيرهم، ويشاركون في العمل الجماعي ويتطوعون بمهاراتهم وينظفون ألعابهم ويتحملون المسؤوليات.
ومع ذلك، ضع في اعتبارك أن الضغط المفرط على الأطفال يمكن أن يكون ضاراً. وعندما يشعر الأطفال أن كل مهمة منزلية أو نشاط يكلفه به والداه كفيل بأن يحقق مستقبله المشرق أو يدمره تماماً، يمكن أن يكون لهذا الضغط عواقب سلبية وخيمة.