يعتمد طفلكِ كلياً عليكِ؛ فأنتِ توفرين له الطعام والدفء والراحة التي يحتاجها. وعندما يبكي طفلكِ، تكون هذه طريقته في التعبير عن هذه الاحتياجات وطلب الاهتمام والرعاية منكِ.
أحياناً يكون من الصعب عليكِ تحديد الاحتياجات التي يريدها طفلكِ. لكن مع نموه، سيتعلَّم أساليب أخرى للتواصل معكِ. على سبيل المثال، سيصبح طفلكِ أفضل في التواصل بالعين والصراخ والابتسام.
في هذه الأثناء، إليكِ بعض أسباب بكاء طفلكِ، وما يمكنكِ فعله لتهدئته.
1- أنا أبكي لأنني جائع
الجوع هو أحد أكثر الأسباب شيوعاً لبكاء طفلكِ، خاصةً إذا كان حديث الولادة. كلما كان الطفل أصغر سناً، زاد احتمال بكائه بسبب جوعه.
تكون معدة طفلكِ صغيرة ولا يمكنها الاحتفاظ بالطعام كثيراً؛ ومن ثم لن يستغرق الأمر طويلاً قبل أن يشعر بالحاجة إلى طعامٍ آخر.
إذا كنتِ ترضعينه رضاعة طبيعية، فاعرضي عليه ثديكِ، حتى لو لم يكن قد تناول طعاماً منذ وقتٍ طويلٍ. وهذا ما يُدعى "التغذية المتجاوبة"، إذ سيخبركِ طفلكِ عندما يكتفي من الطعام عن طريق ابتعاده عن ثديكِ في وقته الخاص، وسيبدو راضياً ومستقراً.
أمَّا إذا كنتِ تستخدمين لبن الأطفال الصناعيّ، فربما لن يحتاج طفلكِ مزيداً من اللبن مدة ساعتين على الأقل، بعد آخر وجبة له.
لكنّ كل طفل يختلف عن الآخر، وإذا كان طفلكِ لا ينهي طعامه باستمرار، فقد يفضل تناول اللبن الصناعي بكميات قليلة مرات كثيرة. في هذه الحالة، يمكنكِ محاولة تقديم طعام آخر له مبكراً.
قد لا يتوقف طفلكِ عن البكاء فوراً، لكن دعيه يواصل الرضاعة إذا أراد ذلك.
2- أنا أبكي لأنني أشعر بالمغص
إذا كان طفلكِ يبكي كثيراً، لكنه يتمتع بصحة جيدة، فقد يكون يشعر بالمغص. ربما يكون طفلكِ مضطرباً ومحبطاً، ويرفض محاولاتكِ لتهدئته. قد يغلق قبضة يديه أو يضم ركبتيه إلى صدره أو يقوِّس ظهره.
لا يكون السبب المحدد للبكاء المستمر واضحاً. إنه أمر شائع للغاية بين الأطفال، إذ يعتقد بعض الخبراء أنها قد تكون ببساطة، مرحلة نمو طبيعية.
يعتقد خبراء آخرون أنه قد يكون مرتبطاً بمشكلاتٍ في البطن. فعلى سبيل المثال، الحساسية أو عدم تحمّل أحد مكونات لبن الأم أو أحد أنواع اللبن الصناعي، أو ربما يرتبط الأمر بالريح (الغازات) أو الإمساك أو ارتجاع المريء عندما يقيء الطفل.
إذا كنتِ تعتقدين أن طفلكِ يبكي بإفراط، فاصطحبيه إلى طبيبكِ، لاستبعاد أي أسباب أخرى للبكاء. سيتحقق طبيبكِ من عدم وجود أي شيء أكثر خطورة يسبّب بكاء طفلكِ.
أياً كان السبب، فإن الحياة مع طفلٍ يبكي بانتظام ودون توقف يمكن أن تكون مرهقة للغاية. من المهم أن تعتني بنفسكِ أيضاً، حتى يكون لديكِ الصبر والطاقة على تهدئة طفلكِ.
تذكري أن هذه المرحلة ستمر، إذ يميل المغص للوصول إلى ذروته خلال شهرين، وعادةً ما يختفي بعد نحو 3 إلى 4 أشهر.
3- أنا أبكي لأنني أحتاج الهدهدة
يحتاج طفلكِ إلى كثير من العناق والاتصال الجسدي والشعور بالطمأنينة لتهدئته. لذا فإن بكاءه قد يعني أنه يريد فقط أن يُحمل. وستساعد أرجحة طفلكِ والغناء له في أثناء ضمه إليكِ على تشتيت انتباهه وتهدئته.
يمكنكِ أيضاً ارتداء حمالات الأطفال، لإبقاء طفلكِ بالقرب منكِ فترات أطول. إنه يحب صوت نبضات قلبكِ ودفء جسمكِ ورائحتكِ.
4- أنا أبكي لأنني متعَب وأحتاج راحة
قد يجد طفلكِ صعوبة في النوم، خاصةً إذا كان يعاني الإرهاق الشديد. كلما كان الطفل أصغر سناً، كانت إشارات حاجته إلى النوم أكثر غموضاً؛ لذلك قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع بالنسبة لكِ للتعرف على هذه الإشارات.
الحركة الكثيرة والبكاء لأتفه الأمور، والتحديق في الفراغ، والهدوء والسكون، هي بعض الأساليب التي يخبركِ طفلكِ من خلالها بأنه بحاجة إلى النوم.
قد يزيد كثير من الانتباه من جانب زواركِ الشغوفين بطفلكِ من نشاطه ويجعل من الصعب عليه النوم، كما هو الحال مع كثير من الأرجحة والغناء. حاولي أخذه إلى غرفة هادئة بعد إرضاعه وقبل النوم، لمساعدته على الهدوء والراحة.
5- أنا أبكي لأنني أشعر بالبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة
يمكنكِ التحقُّق من شعور طفلكِ بالحرارة الشديدة أو البرودة الشديدة عن طريق لمس بطنه أو مؤخرة رقبته. لا تستدلِّي بدرجة حرارة يديه أو قدميه؛ فمن الطبيعي أن تكون أكثر برودة من بقية أجزاء جسمه.
حافظي على درجة حرارة غرفة طفلكِ بين 16 درجة و20 درجة مئوية، واستخدمي مقياس حرارة الغرفة لتتبُّع درجة الحرارة.
ضعي طفلكِ في السرير للنوم على ظهره بحيث تكون قدماه عند طرف السرير. بهذه الطريقة لن يمكنه التملص أسفل البطانية والشعور بالحرارة الشديدة.
احرصي على عدم ارتداء طفلكِ ملابس أكثر من اللازم، وإلا فقد يشعر بحرارة زائدة. وكقاعدة عامة، يحتاج طفلكِ ارتداء طبقة واحدة من الملابس أكثر منكِ، ليشعر بالراحة.
استخدمي ملاءات القطن والبطانيات الخلوية في فراش سرير طفلكِ أو سلة موسى (المهد أو السرير المتنقل). إذا كان بطنه شديد الحرارة، فتخلصي من إحدى البطانيات أو طبقة من الملابس، وإذا كان بارداً، فأضيفي بطانية أو طبقة من الملابس. إذا كنتِ تستخدمين حقيبة نوم، فتأكدي من أنها تحتوي على الغطاء المناسب للموسم، وأنها بالحجم المناسب لطفلكِ.
6- أنا أبكي لأنني بحاجة إلى تغيير الحفّاض
قد يتذمر طفلكِ إذا كان الحفاض مبتلاً أو ملطخاً. لا يبدي بعض الأطفال اعتراضهم على ذلك إلا إذا شعروا بحكّة في الجلد.
إذا كان طفلكِ لا يحب تغيير الحفاض، فقد يكون ذلك بسبب الشعور الغريب بالهواء البارد على جلده. وبعد أسبوع أو نحو ذلك، من المحتمل أن تصبحي محترفة في تغيير الحفاض بسرعة. وإلا فإن تشتيت انتباه طفلكِ بأغنية أو لعبة ينظر إليها في أثناء تغيير الحفاض قد يجدي نفعاً.
7- أنا أبكي لأنني لست بحالة جيدة
إذا لم يكن طفلكِ على ما يرام، فقد يبكي بنبرة مختلفة عن التي اعتدتِها. قد يكون بكاؤه أضعف أو أكثر إلحاحاً أو مستمراً أو بنبرة عالية.
إذا كان يبكي كثيراً عادةً لكن أصبح هادئاً على غير العادة، فقد يكون ذلك علامة أيضاً على أنه ليس بخير. إليكِ كيفية اكتشاف العلامات التي تشير إلى أن طفلك ليس على ما يرام:
قد يجعل التسنين طفلكِ منزعجاً أكثر من المعتاد أيضاً. غالباً ما يشعر الأطفال بالقلق والاضطراب في الأسبوع الذي يسبق ظهور سنٍ جديدةٍ.
لا أحد يعلم طفلكِ جيداً مثلكِ. إذا شعرتِ بأن هناك شيئاً ليس على ما يرام، فثقي بغرائزكِ واتصلي بطبيبكِ أو قابلتكِ (مُولّدتكِ). سيتعامل خبراء الصحة دائماً مع مخاوفكِ بجدية.
اتصلي بطبيبكِ فوراً إذا كان طفلكِ يبكي باستمرار وارتفعت درجة حرارته إلى 38 درجة مئوية أو أكثر (إذا كانت سنّه أقل من 3 أشهر)، أو إلى 39 درجة مئوية أو أكثر (إذا كانت سنّه 3 إلى 6 أشهر)، أو إذا كان يقيء، أو إذا كان يعاني إسهالاً أو إمساكاً.
وإذا كان طفلكِ يواجه صعوبة بالتنفس في أثناء بكائه، فاصطحبيه فوراً إلى أقرب مركز طوارئ.
طفلي ما زال يبكي.. كيف يمكنني تهدئته؟
مع تعرُّفكِ على شخصية طفلكِ تدريجياً، ستتعلمين أفضل الأساليب المناسبة لتهدئته. إذا كان العناق أو الرضاعة لا يجديان نفعاً، فقد تساعدك الاقتراحات التالية:
1- شغِّلي صوتاً ثابتاً
في رحمكِ، كان بإمكان طفلكِ سماع نبضات قلبكِ. إنه على الأرجح يستمتع بضمكِ إليه الآن، بسبب أن صوت نبضات قلبكِ مألوف للغاية له.
يمكنكِ تشغيل أصوات أخرى تحاكي الأصوات التي سمعها طفلكِ في رحمكِ. قد يساعد الصوت المتكرر للمكنسة الكهربائية أو الغسالة أو مجفف الشعر على تهدئة طفلكِ ونومه.
يمكن أن تساعد الضوضاء البيضاء أيضاً على تهدئة طفلكِ. نزلي تطبيقاً على هاتفكِ أو اشتري لعبة تصدر مجموعة من الأصوات مثل صوت موجات المحيط وصوت قطرات المطر.
2- هزِّي وأرجحي طفلكِ
يحب معظم الأطفال أن يُهَزوا بلطف. يمكنكِ هز طفلكِ:
– بين ذراعيكِ في أثناء تجولكِ.
– على كرسي هزاز.
– في أرجوحة طفل.
يمكنكِ أيضاً اصطحابه في جولة داخل سيارتكِ أو للتنزه بعربته.
3- جرّبي تدليك طفلكِ أو فرك بطنه
جرّبي تدليك ظهر طفلكِ أو بطنه في اتجاه عقارب الساعة باستخدام زيوت التدليك غير المعطرة أو الكريمات المصنوعة خصوصاً للأطفال.
يمكن أن يساعد تدليك بطن طفلكِ في عملية الهضم لديه، وستساعد لمستكِ على تهدئته وشعوره بالراحة.
قد يساعد التدليك المنتظم على تقليل بكاء طفلكِ وصراخه. يُعد أفضل وقت للتدليك هو عندما يكون طفلكِ مستقراً ويقظاً. إذا بكى طفلكِ في أثناء التدليك، فإنه يخبركِ بأنه قد اكتفى؛ ومن ثم توقفي عن التدليك وعانقيه.
4- جرِّبي أوضاعاً مختلفة في الرضاعة
يبكي بعض الأطفال في أثناء الرضاعة أو بعدها. إذا كنتِ ترضعين طفلكِ طبيعياً، فقد تجدين أن تغيير الطريقة التي يمسك بها طفلك ثديكِ تساعده على الرضاعة بهدوء، دون بكاء أو صراخ.
اسألي طبيبكِ الزائر أو مستشار الرضاعة الطبيعية، للتحقق من وضع الرضاعة الخاص بكِ.
وإذا كان يبدو أن طفلكِ -سواء يرضع طبيعياً أو صناعياً- لديه ريح (غازات) مؤلمة في أثناء الرضاعة، فربما يفضل إرضاعه في وضع أكثر استقامة.
ساعدي طفلكِ على التجشؤ بعد الرضاعة عن طريق حمله على كتفكِ والتربيت على ظهره أو تدليكه برفق. ومع ذلك، إذا بكى طفلكِ مباشرة بعد الرضاعة، فربما لا يزال جائعاً؛ لذلك اعرضي عليه ثديكِ الآخر أو مزيداً من اللبن الصناعي.
5- دعيه يمص شيئاً ما
بالنسبة لبعض الأطفال، تكون الحاجة إلى المصّ قوية للغاية. إذا كنت ترضعين طفلكِ طبيعياً، فإنه يمكنكِ أن تدعي طفلكِ يمص ثديكِ ليشعر بالراحة.
بدلاً من ذلك، دعيه يمص إصبعكِ أو عقلة إصبعكِ النظيفة. أو يمكنكِ أن تقدمي له دمية، إذا كنتِ تعتقدين أنها قد تساعده.
6- امنحيه حماماً دافئاً
قد يساعد الحمام الدافئ طفلكِ على الهدوء. تحققي من درجة حرارة الماء قبل وضع طفلكِ في حوض الاستحمام. يجب أن تكون درجة حرارة الماء بين 37 درجة و38 درجة مئوية. إذا لم يكن لديكِ مقياس حرارة، فاغمسي كوعكِ في الماء، على ألا تشعري بسخونة الماء أو برودته.
ضعي في اعتباركِ أن الاستحمام قد يجعل بعض الأطفال يبكون أكثر، إذا لم يستمتعوا بشعور الوجود بالماء. في الوقت المناسب، ستتعرفين على ما يحبه طفلكِ ويكرهه.
ماذا يجب أن أفعل إذا لم يكن هناك شيء يساعد؟
من الطبيعي أن يبكي الأطفال؛ لذلك حاولي ألا تلومي نفسكِ إذا كان طفلكِ ببساطة لن يهدأ. قد يبكي طفلكِ كثيراً بشكل طبيعي في الأسابيع الأولى من ولادته. يصل البكاء إلى ذروته بعد نحو شهرين من الولادة، وعادةً ما يبدأ في التراجع بعد ذلك.
ولكن في هذه الأثناء، من المحتمل أن يجعلكِ البكاء أنت وزوجكِ تشعران بالتوتر والتعاسة أحياناً. إذا قاوم طفلكِ كل محاولة لتهدئته، فقد تشعرين بالرفض والإحباط.
– حاولي أن تتذكري أنك لست سبب بكائه. أحياناً، يمكن أن يساعدكِ تقبُّل حقيقة أن لديكِ طفلاً يبكي كثيراً. إذا لبَّيتِ احتياجات طفلكِ العاجلة وجرَّبتِ كل ما في وسعكِ لتهدئته، فقد حان وقت الاعتناء بنفسكِ:
– ضعي طفلكِ في سريره ودعيه يبكي بضع دقائق خارج نطاق سماعكِ. خذي أنفاساً عميقة واسمحي لنفسكِ بالاسترخاء لحظة أو اثنتين.
– إذا كنتِ أنت وطفلكِ تشعران بالانزعاج وكنتِ قد جربتِ كل شيء، فاتصلي بصديقة أو قريبة لمساعدتكِ. امنحي نفسكِ راحة، ودعي شخصاً آخر يتولى المسؤولية فترة من الوقت.
– ابحثي عن مجموعة دعم أو مجموعة أمهات في مدينتكِ. بهذه الطريقة يمكنك مقابلة آباء جدد آخرين يتعرضون للموقف ذاته وتقديم الدعم المعنوي بعضكن لبعض.
– تحدثي مع طبيبكِ حول استراتيجيات التعامل مع هذا الوضع قبل أن يزيد كل شيء عن حده. لا تدعي الأشياء تتراكم، لأن هذا يمكن أن يزيد الأمر صعوبة عليكِ وعلى طفلكِ.
ربما يكون هذا البكاء مجرد مرحلة. إنه أمر شائع للغاية وسيمر. مع نمو طفلكِ، سيتعلم أساليب جديدة للتعبير لكِ عن احتياجاته. وعندما يحدث هذا، سيتوقف البكاء المفرط بعد وقت قصير.