إنه مرض مؤلم للغاية، وهو يهدد مستقبل نحو 200 مليون من النساء المصابات به، ولكن هناك بريق أمل، فلحسن الحظ أن العلماء اقتربوا أخيراً من علاج داء بطانة الرحم بفضل الخلايا الجذعية.
فقد تمكَّن علماء من إعادة إنتاج الخلايا المُبطِّنة للرحم، وقد يعني هذا حدوث قفزة كبيرة في علاج داء بطانة الرحم (الانتباذ البطاني الرحمي)، حسبما ورد في تقرير لموقع Science Alert.
وداء بطانة الرحم هو اضطراب شائع من أمراض النساء ينتج عن هجرة خلايا معيبة ببطانة الرحم، إلى خارج الرحم، ولذا يطلق عليه داء بطانة الرحم المهاجرة.
وعلى الرغم من أنَّ داء بطانة الرحم يؤثر على 200 مليون سيدة حول العالم، لا يزال لا يوجد له حتى الآن علاج طويل الأمد.
من هنا جاء الأمل في علاج داء بطانة الرحم
يُعتَبر البحث الجديد خطوة مهمة إلى الأمام.
إذ يوضح للمرة الأولى أنَّه يمكن برمجة الخلايا الجذعية متعددة القدرات لتصبح خلايا رحم سليمة.
وهذه هي الخلايا المرشح الأمثل لعمليات الزراعة داخل الرحم.
والسبب ليس فقط لامتلاكها القدرة على إصلاح عيوب الخلايا الأخرى، بل أيضاً لأنَّها مُنتَجة من جلد ودم المريض، ما يعني أنَّ الجهاز المناعي لن يرفضها.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، سردار بولون من جامعة نورث ويسترن (Northwestern) الأميركية بولاية إلينوي، والذي ظل يبحث عن علاج لداء بطانة الرحم على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية: "إنَّه أمرٌ جلل".
"لقد فتحنا الباب أمام علاج داء بطانة الرحم".
ولكن ما السبب في هذا المرض؟
يُعتقد أنَّ السبب في حدوث داء بطانة الرحم هو عدم استجابة الخلايا المُبطِّنة للرحم لهرمون بروجسترون.
وهرمون البروجسترون يساهم في تنظيم الدورة الشهريّة، وتحفيز الرغبة الجنسيّة.
كما يقوم بتهيئة بطانة الرحم لاستقبال البويضة المخصّبة عن طريق زيادة سمكها، وإنتاج بروتينات خاصّة لتغذية البويضة المخصّبة مع بداية الحمل.
وهذا يعني أنَّه في هذا المرض بدلاً من بقاء تلك الخلايا المعيبة داخل الرحم، فإنها تهاجر عبر قناة فالوب ثم إلى البطن السفلية، حيث تستمر في التراكم والتحلل مع دورة الطمث.
وهو قد يؤدي إلى السرطان، ولهذا السبب قد يجعل النساء مدمنات
يسبب نمو هذه الخلايا خارج بطانة الرحم آلاماً شديدة، والتهابات، وقد يؤدي إلى العقم.
والأخطر أنه قد يزيد أيضاً من خطر الإصابة بسرطان المبيض.
وقال بولون: "قد تبدأ معاناة هؤلاء النساء، المصابات بداء بطانة الرحم، في سنٍ مبكرة، فينتهي الأمر بأن نرى فتيات في المرحلة الثانوية مدمنات على المُسكِّنات، التي تدمر مسيرتهن الأكاديمية وحياتهن الاجتماعية تماماً".
يحتاج الأمر بوضوح إلى علاج سليم وطويل الأمد، والبحث الجديد يُقدِّم نتائج واعدة.
والفضل لهذه الخلايا التي تعد المفتاح الرئيسي لجسم الإنسان
تُعتَبر الخلايا الجذعية متعددة القدرات بمثابة المفتاح الرئيس لجسم الإنسان.
فلديها القدرة على إنتاج كل خلايا الجسم.
كما أنَّ لديها القدرة على عمل نسخ كثيرة من أنفسها طوال الوقت.
ينتج عن ذلك أنَّ خلية واحدة جذعية متعددة القدرات يصبح لديها عدد لا نهائي من مسارات النمو المختلفة.
لذا، فإنَّ اكتشاف العلماء كيفية التعامل معها من أجل إنتاح خلايا بطانة الرحم تحديداً هو أمرٌ مهمٌ حقاً.
إذ يتيح إمكانية علاج داء بطانة الرحم.
وإذا أمكن زراعة هذه الخلايا السليمة، والتي تستجيب بشكل مناسب لهرمون البروجسترون، داخل الرحم، فيمكنها إذاً استبدال الخلايا المعيبة الموجودة.
ولا يمكن لهذا العلاج أن يقضي على الألم المصاحب لداء بطانة الرحم فحسب، بل يمكن أيضاً استخدامه لعلاج اضطرابات أخرى للرحم، مثل العقم وسرطان بطانة الرحم.
وقال بولون: "نأمل يوماً ما في زراعة رحم كامل باستخدام هذا العلاج القائم على الخلية، من خلال توظيف الخلايا الجذعية متعددة القدرات للمريض نفسه".
لا يزال هذا اليوم بعيداً، لكنَّ البحث الجديد يعطينا بارقة أمل.
لقد حاول العلماء بالفعل تجربة زرع رحم، لكنَّ النجاح كان محدوداً، لأنَّ الجهاز المناعي غالباً ما يرفض العضو المُتبرَع به.
الآن بعد أن عرف العلماء كيفية إنتاج خلايا الرحم من دم وجلد المريض نفسه، فإن الاحتمالات لإيجاد علاجات مستقبلية باتت هائلة.
فهذا البحث ليس مجرد علاج لداء بطانة الرحم، بل بداية لتطورات كبيرة لمواجهة أمراض نسائية متعددة.