تُعد متلازمة الاهتزاز الوهمي من الظواهر الحديثة التي تعكسُ بشكل مذهل تأثير التكنولوجيا على حياتنا اليومية وعلاقاتنا المعاصرة.
فمع الانتشار الواسع للهواتف الذكية وأجهزة الاتصال، أصبح الكثير منا يعاني من إحساس زائف بالاهتزاز أو التنبيه، حتى في غياب أي إشعار فعلي. هذا الإحساس الوهمي ليس مجرد عرض جانبي للتكنولوجيا، بل هو رمز لتحول أعمق في كيفية تفاعلنا مع العالم ومع بعضنا البعض، فهو يعكس القلق الدائم والترقب الذي أصبح يميز علاقتنا بالتكنولوجيا، حيث أصبحت حياتنا مربوطة بالشبكات الرقمية بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.
فما هي متلازمة الاهتزاز الوهمي؟ ومن هم الأشخاص المعرّضون أكثر من غيرهم للإصابة بها؟ وكيف يمكن تجنبّ تأثيرها على حياتنا؟
ما هي متلازمة الاهتزاز الوهمي؟
متلازمة الاهتزاز الوهمي (PVS) هي ظاهرة يعتقد فيها الشخص بشكل خاطئ أن هاتفه المحمول أو أي جهاز تكنولوجي آخر يهتز، بينما في الواقع لا يحدث ذلك. وبحسب ما ذكره موقع dermnet غالباً ما يرتبط هذا الاضطراب بالاستخدام المفرط للهواتف المحمولة، ويمكن وصفه بأنه نوع من الهلوسة اللمسية، حيث يقوم الدماغ بتفسير إشارات غير موجودة على أنها إحساس فعلي بالاهتزاز. ويمكن أن ينتج عن هذا الإحساس الزائف تأثيرات نفسية واجتماعية، مثل القلق أو الإجهاد الناجم عن الترقب المستمر للاهتزازات.
وما يجعل الاهتزازات الوهمية مثيرة للاهتمام هو انتشارها الملحوظ، ففي دراسة أجريت على طلاب جامعيين وجد أن ما يقرب من 90% منهم قد تعرضوا لاهتزازات وهمية للهواتف.
ويبقى السؤال المطروح هنا: لماذا يعاني بعض الناس من الاهتزازات الوهمية في حين لا يعاني منها البعض الآخر على الإطلاق؟
من هم الأشخاص المعرضون للإصابة بمتلازمة الاهتزاز الوهمي؟
لم يتم تحديد مجموعات سكانية محددة على أنها أكثر انتشارًا لمتلازمة الاهتزاز الوهمي. أما من الناحية النظرية، يمكن لأي شخص يمتلك هاتفًا محمولًا أو أي جهاز تكنولوجي يهتز آخر أن يصاب بمتلازمة الاهتزاز الوهمي، مع الإفراط في الاستخدام الذي يحمل مخاطر أكبر.
ما الذي يسبب متلازمة الاهتزاز الوهمي؟
يفترض الأخصائيون النفسيون أن سبب هذه المتلازمة يعود لسوء تفسير من قبل القشرة المخية بسبب العدد الكبير من المحفزات الحسية التي يتلقاها الدماغ باستمرار. نظرًا لأن الشخص يتوقع إشعارًا اهتزازيًا، فمن المحتمل أن يتم تفسير المنبهات مثل تقلصات العضلات على أنها إحساس بالاهتزاز كما ذكر لنا موقع science focus.
ما هي علامات الإصابة بمتلازمة الاهتزاز الوهمي؟
على الرغم من أن متلازمة الاهتزاز الوهمي لا تُظهر أي سمات جسدية واضحة في الجلد أو الجهاز العصبي، إلا أنها ترتبط بعدة أعراض نفسية واجتماعية. تشمل هذه الأعراض القلق، حيث يشعر الشخص بتوتر دائم نتيجة لترقب التنبيهات من هاتفه المحمول، واليقظة المفرطة التي تجعل الشخص يبقى في حالة تأهب دائم لأي اهتزاز محتمل.
وقد يؤدي هذا التوتر المستمر الذي يسعر به الشخص إلى إجهاد نفسي واضطراب عاطفي، ما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام. على سبيل المثال، قد يشعر الشخص بإجهاد عقلي وعدم القدرة على الاسترخاء حتى في أوقات الراحة بسبب التوقع المستمر لاهتزاز الهاتف.
كما يمكن أن تحدث بعض مضاعفات متلازمة الاهتزاز الوهمي المتمثلة في تدهور الصحة العقلية للشخص، فعند تعرضنا للقلق واليقظة المفرطة بشكل مستمر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل نفسية أعمق مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق. على سبيل المثال، قد يعاني الشخص من صعوبة في التركيز أو النوم بسبب الانشغال المستمر بتوقع التنبيهات الوهمية.
كيف يمكن تشخيص متلازمة الاهتزاز الوهمي؟
يتم تشخيص متلازمة الاهتزاز الوهمي من خلال إجراء تاريخ سريري شامل يتضمن استفسارًا دقيقًا حول أعراض المريض وتجربته مع الأجهزة الإلكترونية. وكما جاء في موقع dermnet فإن التشخيص يعتمد بشكل كبير على وصف المريض لشعوره بأحاسيس اهتزازية غير موجودة فعليًا، ومدى تأثير هذه الأحاسيس على حياته اليومية. يمكن للطبيب أيضًا أن يسأل عن نمط استخدام الهاتف المحمول وفترات القلق المرتبطة بتوقع الاهتزازات.
هل يمكن علاج متلازمة الاهتزاز الوهمي؟
يتطلب علاج متلازمة الاهتزاز الوهمي عدة استراتيجيات تهدف إلى تقليل الاعتماد النفسي على الأجهزة الإلكترونية. من بين هذه الاستراتيجيات تقليل الوقت الذي يقضيه الشخص على الهاتف المحمول بشكل يومي، ما يساعد على تخفيف التوتر والقلق المرتبطين بتوقع التنبيهات.
كما يمكن أن يكون تغيير المكان الذي يحمل فيه الشخص الهاتف مفيدًا، مثل وضعه في حقيبة بدلاً من جيب قريب من الجسم، وذلك لتقليل احتمال الشعور بالاهتزاز الوهمي. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الفعّال إيقاف تشغيل خاصية الاهتزاز في الهاتف، ما يقلل من توقع الشخص لأي اهتزازات وهمية.