تشعر بالتّعب الشديد، وتريد الخلود إلى النوم، لكنك غير قادر، قد يكون ذلك بسبب خلل في إيقاعك اليومي، أو قيامك بالقيلولة أثناء النهار، أو القلق، أو العديد من العوامل الأخرى.
وعند الحاجة إلى النوم، يكون الجسم في حالة تعبٍ كبير، وكل ما يريده هو الاسترخاء، والحصول على ساعات النوم اللازمة له ليكون في أحسن حال.
إلا أن عدم القدرة على ذلك قد تكون دليلاً على مجموعة من الأسباب والأمراض، التي يجب التعامل معها بشكل جدي، لعلاجها في أسرع وقت ممكن.
ما هو الإيقاع اليومي وما علاقته بالنوم؟
حسب ما يشير إليه أخصائي النوم دبليو كريستوفر وينتر، مؤلف كتاب "حل النوم: لماذا يتقطّع نومك وكيفية إصلاحه"، فإنّ الإيقاع اليومي يشبه حارس الوقت الداخلي لكل ما تفعله أجسامنا في فترة 24 ساعة.
يستخدم هذا النظام الضوء والظلام وساعتنا البيولوجية لتنظيم درجة حرارة الجسم، والتمثيل الغذائي، والهرمونات، ثم النوم.
تسمى الساعة الرئيسية للجسم بالنواة فوق التصالب البصري التي تتواجد في الدماغ، وتتحكم في إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يساعد في تنظيم النوم.
وأثناء النهار عندما يكون الجو مضاءً بالخارج، تظل مستويات الميلاتونين منخفضة، لكن مع بداية الظلام وغروب الشمس، تنتج أجسامنا المزيد من الميلاتونين، مع بلوغ المستويات ذروتها بين الساعة 2 و4 صباحًا قبل أن تنخفض مرة أخرى، مع حلول الصباح.
إذ تكون أجسامنا في هذه المرحلة مستعدة للنوم بشكل أفضل بعد حوالي ساعتين من بدء ارتفاع مستويات الميلاتونين.
وفي هذه الحالة، عندما يكون الإيقاع اليومي لشخص ما غير منتظم، فهذا يؤدي إلى عدم القدرة على النوم، بالرغم من التعب الشديد والشعور بالنعاس القوي.
قد يكون هذا علامة على متلازمة طور النوم المتأخر، ويحدث هذا عندما تغفو بعد ساعتين أو أكثر من الوقت الذي يعتبر طبيعيًا للنوم، مما يجعل من الصعب الاستيقاظ في الصباح للذهاب إلى المدرسة أو العمل.
ويؤثر اضطراب النوم المتأخر على الشباب أكثر، حيث يتراوح انتشاره بين حوالي 7 و16٪، فيما يعاني حوالي 1٪ من البالغين من اضطراب النوم المتأخر.
فرق بين التعب والنعاس والإرهاق
يستخدم العديد من الأشخاص كلمات "متعب" و"نعسان" و"مُرهق" بالتبادل، ولكن هناك فرق دقيق، بين كل كلمةٍ وأخرى.
على سبيل المثال، في نهاية ماراثون، تشعر بالإرهاق، ومن المحتمل أنك لا تمتلك الطاقة أو الدافع للركض في ماراثونٍ آخر وربما حتى لكي تمشي المسافة القصيرة إلى سيارتك.
لكنك في هذه الحالة لست نَُعسانًا، أي أنك لن تغفو مستلقيًا على العشب بعد خط النهاية، لذلك فإن النعاس هو عندما لا تستطيع بِالكاد أن تبقي نفسك مستيقظًا.
ما سبب الشعور بالتعب خلال النهار وعدم القدرة على النوم ليلا؟
إذا كنت مُتعبًا ولكنك لا تستطيع النوم بمجرد غروب الشمس، فقد يكون ذلك علامة على متلازمة تأخر مرحلة النوم. إذا لم يكن ذلك، فقد يكون شيئًا متعلقًا بنظام اليوم، أو مشاكل أخرى صحية.
فيما يلي بعض الأسباب التي قد تجعلك مُتعبًا باستمرار، خاصة أثناء النهار.
1. القيلولة
القيلولة ليست سيئة بطبيعتها، في الواقع، القيلولة لها فوائد صحية عديدة، ومع ذلك، فإنّ استراتيجية القيلولة الخاطئة يمكن أن تبقيك مستيقظًا عندما يجب أن تحصل على نوم أعمق.
تشير الأبحاث إلى أن القيلولة الطويلة أو في وقت بعد الظهر يمكن أن تجعلك تستغرق وقتًا أطول للنوم في الليل، وتنام بشكل سيئ، وتستيقظ بكثرةٍ أثناء الليل.
لذلك يكون من الأفضل أن تكون القيلولة لمدة 20-30 دقيقة، والقيام بها في نفس الوقت كل يوم حتى يتمكن الجسم من توقعها.
2. القلق
لا عجب أن اضطراب النوم هو أحد الأعراض التشخيصية لبعض اضطرابات القلق، وهي عوامل خطر شائعة للأرق، إذ يؤدي القلق إلى زيادة الإثارة العقلية واليقظة، مما قد يؤدي إلى تأخير النوم بشكل أكبر.
3. الاكتئاب
وفقًا لمراجعة لعدة أبحاث نُشرت في عام 2019، يشكو ما يصل إلى 90٪ من الأشخاص المصابين بالاكتئاب مشاكل متعلقة بجودة النوم.
وقد تم الإبلاغ عن إصابة هؤلاء الأشخاص بالأرق والنوم القهري واضطراب التنفس أثناء النوم ومتلازمة تململ الساقين.
إذ قد يؤثر الالتهاب والتغيرات في المواد الكيميائية في الدماغ والعوامل الوراثية على العلاقة بين النوم والاكتئاب.
4. الكافيين
إن متوسط تأثير الكافيين على الجسم يستمر هو 5 ساعات، لكن هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن استهلاك 200 ملغ من الكافيين قد يستمر تأثيره إلى 16 ساعة، الأمر الذي قد يؤثر على النوم.
إن تناول 400 ملجم من الكافيين قبل 6 ساعات أو أقل من موعد النوم يمكن أن يقلل بشكل كبير من جودة النوم، لذلك يجب الاكتفاء بالقهوة خلال الصباح فقط، من أجل القدرة على النوم بشكل جيد ليلاً.
5. استعمال الأجهزة الإلكترونية
يعمل الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وشاشات التلفزيون على قمع إنتاج الميلاتونين في المساء، الأمر الذي يؤدي إلى قلة النعاس.
لذلك يجب التوقف عن استخدام أي أجهزة إلكترونية قبل ساعتين من موعد النوم، فيما يمكن ارتداء نظارات حجب الضوء الأزرق في الليل.
6. اضطرابات النوم الأخرى
متلازمة تأخر مرحلة النوم ليست الاضطراب الوحيد الذي يمكن أن يجعلك تشعر بالنعاس ولكن ليس بالتعب من أجل النوم في الليل.
يمكن أن يؤدي انقطاع النفس أثناء النوم و متلازمة تململ الساقين إلى نفس النتيجة، إذ أن انقطاع النفس أثناء النوم يؤدي إلى توقف التنفس بشكل متكرر.
ومع متلازمة تململ الساقين، يشعر المصاب بعدم الارتياح في ساقيه، مما يدفعه إلى الرغبة في تحريكهما بشكل مستمر كلما كان في وضع ثابت.
إذ يمكن أن تعطل كلتا الحالتين النوم الليلي، مما يتسبب بعد ذلك في النعاس أثناء النهار، وعدم القدرة على التركيز عند القيام بالمهام اليومية.
7. النظام الغذائي
في دراسة أجريت عام 2019، نظر الباحثون في النعاس المفرط أثناء النهار والنظام الغذائي، وقد وجدوا أن استبدال 5٪ من السعرات الحرارية اليومية من البروتين بكميات متساوية من الدهون المشبعة أو الكربوهيدرات يزيد من احتمالية النعاس أثناء النهار.
من ناحية أخرى، أدى استبدال الدهون المشبعة بالدهون غير المشبعة أو البروتين أو الكربوهيدرات إلى تقليل احتمالية النعاس المفرط أثناء النهار.
وخلصوا إلى أن التغييرات الغذائية قد تساعد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم.
على المدى القصير، قد يرتبط النظام الغذائي الغني بالكربوهيدرات بنوم حركة العين السريعة، وقلة النوم العميق، والنوم بشكل أسرع.
ومع ذلك، على المدى الطويل، قد يرتبط تناول وجبات المساء الغنية بالبروتين بقلة النعاس أثناء النهار.
كيف يؤثر النعاس خلال النهار على النوم ليلاً؟
يمكن أن يؤدي التعب أثناء النهار إلى استنزاف الإنتاجية، وربما يزيد من سرعة الانفعال، إذ تقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن عدم الحصول على نوم جيد ومريح بشكل منتظم يعرضك لخطر متزايد من:
- مرض السكري
- أمراض القلب
- السمنة
- الاكتئاب
لذلك إنّ جدول النوم والاستيقاظ المنتظم والمتسق هو أفضل اقتراح لأي شخص متعب ولكنه لا يستطيع النوم.