مع قدوم عيد الفطر المبارك تغدق موائدنا علينا بتشكيلة متنوعة من الأطعمة الشهية، ما يسعد القلوب، لكنه يرفع معه خطر التعرض للتسمم الغذائي، خاصةً بعد شهر من الصيام. هذا الخطر يزداد بالأخص عند اللجوء للوجبات الجاهزة وتناول الطعام خارج المنزل، ما قد يهدد سلامة الغذاء.
يوصي العديد من الأطباء بأهمية المرحلة الانتقالية في النظام الغذائي بعد شهر رمضان، لمساعدة الجهاز الهضمي على التكيف بأمان مع النظام الغذائي الاعتيادي، دون التعرض لخطر التسمم الغذائي خلال أيام العيد. هذه النصيحة تجد صداها في كل مكان، وبالأخص في أوقات الاحتفال، حين تميل العادات الغذائية إلى التغير بشكل كبير.
تؤكد كل من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، على عدة إرشادات أساسية للحد من خطر الأمراض المنقولة بالغذاء. من النصائح الرئيسية الحفاظ على نظام صارم من النظافة، وضمان غسل اليدين والأسطح جيداً قبل وبعد التعامل مع الطعام.
كما يجب الانتباه بشكل خاص لإبقاء الأطعمة النيئة والمطبوخة منفصلة لمنع التلوث المتبادل، وهو خطأ شائع خلال جلسات الطهي المزدحمة في الأعياد. كما يعتبر طهي الأطعمة لدرجات الحرارة الداخلية الآمنة، المؤكدة باستخدام ميزان حرارة للطعام، وتبريد بقايا الطعام بسرعة خلال ساعتين لمنع نمو البكتيريا خطوات حاسمة.
أبرز أسباب التسمم في العيد
تسلط البحوث الطبية الضوء على أن التسمم الغذائي، خاصةً خلال الأعياد، يعود في الغالب إلى تلوث الطعام بالجراثيم أو البكتيريا والفيروسات، وأحياناً الطفيليات، التي تلوث عادةً اللحوم والبيض ومشتقات الحليب. تشمل أعراض التسمم الغذائي الشائعة:
- القيء.
- الإسهال.
- ألم البطن.
- الحمى.
- الصداع.
قد تظهر هذه الأعراض بعد ساعات قليلة أو حتى أيام من تناول الطعام الملوث، تتراوح مدة هذه الأعراض عادةً من 12 إلى 48 ساعة، لكن قد تطول في حال كان الجهاز المناعي للشخص ضعيفاً أو في حالة الإصابة بطفيليات تتطلب علاجاً بالأدوية المضادة للطفيليات.
الأشخاص الأكثر عرضةً لمخاطر التسمم الغذائي وتأثيراته الخطيرة هم الأطفال، وكبار السن، والحوامل، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي، وتشير التوجيهات الطبية إلى ضرورة طلب الرعاية الطبية على الفور، في حال ظهور أعراض شديدة مثل تغير في الحالة العقلية، وحمى شديدة، وتقيؤ متكرر، وإسهال لأكثر من ثلاثة أيام، وأعراض تتعلق بالجهاز العصبي، وألم شديد في البطن أو المستقيم، أو أعراض الجفاف.
من المهم التأكيد على أن الوقاية من التسمم الغذائي تتطلب إجراءات صحية مثل غسل اليدين جيداً بعد التعامل مع الأطعمة النيئة، الطهي الجيد للأطعمة، وتخزين الأطعمة في درجات حرارة آمنة لمنع نمو الجراثيم، كما أن فهم أنواع الجراثيم ومصادرها المحتملة يمكن أن يساعد في تجنب التعرض للتسمم الغذائي.
على سبيل المثال، تعد الإصابة بجرثومة E. coli من خلال تناول لحوم الأبقار النيئة أو غير المطهية جيداً، والخضراوات النيئة، واحدة من الأسباب المعروفة للتسمم الغذائي، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل متلازمة اليوريميا الانحلالية.
طرق لعلاج التسمم الغذائي في المنزل
لعلاج التسمم الغذائي في المنزل، يُنصح باتباع النصائح العامة الموصى بها من قِبل الخبراء في الصحة، وهي على النحو التالي:
1. إعطاء المعدة الراحة: من المهم إعطاء المعدة فترة للتعافي قبل البدء بتناول الطعام مرة أخرى. يمكن البدء تدريجياً بتناول أطعمة سهلة الهضم، مثل اللبن الرائب، والجيلاتين، والموز، والبطاطا المسلوقة، والأرز.
2. الترطيب: شرب الكثير من السوائل مثل الماء، والسوائل الأخرى التي لا تهيج المعدة مثل مغلي البابونج والنعناع، أمر حيوي لتعويض السوائل المفقودة بسبب القيء والإسهال.
3. تجنب مهيجات المعدة: يُنصح بتجنب القهوة و مركبات الكافيين، بالإضافة إلى الأطعمة الغنية بالدهون التي يمكن أن تثقل على المعدة وتزيد من الأعراض.
4. الحصول على القليل من الراحة: الحفاظ على قدر كبير من الراحة قد يساعد الجسم على التعافي بشكل أسرع.
5. استخدام الأدوية بحذر: يمكن الاستعانة ببعض الأدوية المضادة للإسهال والقيء المتوفرة في الصيدليات، لكن يُفضل استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء، للتأكد من أنه مناسب ولن يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
في حال استمرت الأعراض لأكثر من ثلاثة أيام، ولم يستطع المصاب الحفاظ على السوائل، أو ظهرت عليه علامات الجفاف وارتفعت درجة حرارته، فمن الضروري طلب الرعاية الطبية فوراً. قد يتطلب الأمر نقله إلى المستشفى لتعويض السوائل التي خسرها وتقديم العلاج اللازم.
الوقاية خير من العلاج، لذا اتباع إرشادات السلامة الغذائية، خاصةً خلال مواسم الأعياد والمناسبات التي تزداد فيها فرص التسمم الغذائي.
كيفية تفادي الوقوع في تسمم غذائي
تتبع الأسر عادة تقاليد غذائية خاصة خلال مواسم الأعياد، ولكن هذه المناسبات قد تكون محفوفة بمخاطر الإصابة بالتسمم الغذائي إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة. في هذا السياق، أكد خبراء الصحة وأطباء التغذية على ضرورة اتباع بعض الإرشادات لضمان سلامة الغذاء والوقاية من أخطار التسمم، والتي تشمل:
1. الحذر من الأطعمة النيئة غير المطبوخة بشكل كامل: إذ تعتبر هذه الأطعمة بيئة خصبة لنمو البكتيريا المسببة للتسمم الغذائي.
2. غسل الفواكه والخضراوات بعناية: يجب التأكد من غسلها جيداً قبل الاستهلاك لإزالة أي ملوثات قد تكون عالقة عليها.
3. التخلص من الأطعمة ذات الصلاحية المنتهية: يؤدي تناول الأطعمة المنتهية الصلاحية إلى مخاطر صحية عالية.
4. تقليل الاعتماد على الأطعمة الجاهزة: غالباً ما تفتقر هذه الأطعمة إلى القيمة الغذائية وقد تكون معرضة للتلوث.
5. مراعاة درجات الحرارة: يجب التأكد من تخزين الأطعمة في درجات حرارة آمنة لمنع نمو البكتيريا.
6. الالتزام بالنظافة: النظافة الشخصية ونظافة أماكن تحضير وتخزين الطعام تلعب دوراً مهماً في الوقاية من التسمم الغذائي.
اتباع هذه النصائح لا يضمن فقط الحفاظ على الصحة العامة وسلامة الغذاء خلال الأعياد، بل يُسهم أيضاً في تعزيز ممارسات الأكل الصحي على المدى الطويل.