يعمل العديد من النساء جاهدات لتحقيق توازن الهرمونات لأسباب متنوعة، سواء كان ذلك لإدارة الوزن سواء للتحكم في التغييرات التي تحدث بعد انقطاع الطمث، أو حتى لعلاج بعض الحالات الصحية مثل متلازمة المبيض المتعدد التكيُّسات وغيرها.
إذ يلعب الهرمون دوراً حيوياً في الصحة العامة، مؤثراً على جميع جوانب الحياة من عمليات الهضم إلى الحالة المزاجية.
كما تشير الأبحاث إلى أن تحقيق التوازن الهرموني يتطلب نهجاً شاملاً يشمل تحسين نمط الحياة وتغييرات في النظام الغذائي، بالإضافة إلى الاعتماد على بعض الأدوية. وتتناول هذه المقالة بشكل مفصل كيفية موازنة الهرمونات من خلال تغييرات في النظام الغذائي واستخدام بعض الأدوية، مع التركيز على الأساليب الفعّالة.
وفيما يتعلق بالتوازن الهرموني من خلال النظام الغذائي، يُشير الخبراء إلى أن التعديلات الغذائية يمكن أن تساعد في تحقيق التوازن، ولكن يجب أخذ الرعاية الفردية في اعتبارك. قد تشمل هذه التعديلات تحديد نوعية الطعام وكمياته، مع التركيز على المكونات التي تعزز الصحة الهرمونية.
سنتطرق من خلال الفقرات التالية إلى كيف يمكن للأفراد تحسين التوازن الهرموني عبر تغييرات في نمط حياتهم وتناول الأطعمة المناسبة. ومع ذلك، يتم التأكيد على ضرورة استشارة مقدم الرعاية الصحية أو متخصص التغذية للحصول على توجيه دقيق وفقاً للحالة الصحية الفردية والاحتياجات.
توازن الهرمونات.. تناول الدهون الصحية
تلعب الدهون الصحية، وبشكل خاص الدهون الأحادية غير المشبعة، دوراً حيوياً في تنظيم الهرمونات والحفاظ على الصحة العامة. تشمل هذه الدهون مصادر متنوعة مفيدة لتعزيز التوازن الهرموني وتحقيق فوائد صحية متعددة.
1. زيت الزيتون: يحتوي على دهون أحادية غير مشبعة ومضادات أكسدة، مما يسهم في تنظيم الهرمونات.
2. لوز: مصدر غني بالدهون الأحادية غير المشبعة والمغذيات الهامة للصحة.
3. المكسرات المكاديميا: تحتوي على دهون صحية وتعزز من مستويات الطاقة وتقليل تخزين الدهون.
4. أفوكادو: يحتوي على دهون أحادية غير مشبعة ويعزز استقرار مستويات السكر في الدم.
5. الفول السوداني: مصدر غني بالدهون الصحية والبروتين.
يشير البحث إلى أن هذه الدهون تعزز أكسدة الأحماض الدهنية، مما يساهم في زيادة حرق الطاقة وتقليل تخزين الدهون في الجسم. يُشجع على استهلاك هذه الأنواع من الدهون لتحقيق توازن هرموني وتحسين مستويات السكر في الدم.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، خاصة أوميغا 3، دوراً فعّالاً في تعزيز توازن الهرمونات والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية. يشمل ذلك مصادر مثل سمك السلمون، الماكريل البحري، التونة، السردين، بذور الكتان، بذور الشيا، وعين الجمل.
الأستروجين النباتي
يُعتبر فايتو إستروجين، المعروف أيضاً بالإستروجين النباتي، مركباً موجوداً في بعض النباتات، خاصةً فول الصويا، ويمتلك بنية تشبه هرمون الإستروجين. يتفاعل هذا المركب مع مستقبلات هرمون الإستروجين في الجسم، مما يمكن أن يسهم في تنظيم مستويات الهرمونات بطرق مختلفة.
عندما تكون مستويات هرمون الإستروجين مرتفعة بشكل زائد، يتنافس فايتو إستروجين مع هذا الهرمون الأقوى، مما يقلل من تأثيره ويعيد مستوياته إلى التوازن. وعلى الجانب الآخر، عندما تكون مستويات هرمون الإستروجين منخفضة للغاية، يمكن الإستروجينات النباتية تقديم دفعة خفيفة لتعويض هذا النقص.
تشير بعض الأبحاث إلى أن الإستروجين النباتي، خاصة الايسوفلافون الموجود في منتجات الصويا، قد يخفف من أعراض انقطاع الطمث مثل الهبات الساخنة والتعرق الليلي، عبر تأثيراتها خفيفة المشابهة لهرمون الإستروجين.
بالإضافة إلى ذلك فإن الفايتو إستروجين، مثل الإستروجين النباتي في الصويا، يمكن أن يقلل من هشاشة العظام، ويقلل من مخاطر الأمراض القلبية والأوعية الدموية، ويساهم في تقليل الإصابة بمرض السكري.
التوازن في تناول البروتينات
حسب بعض الأبحاث الحديثة إلى أن تناول كمية كافية من البروتين يعد أمراً حيوياً للحفاظ على كتلة العضلات وتعزيز بنيتها. تلعب الأنسجة العضلية دوراً حاسماً في استقلاب الهرمونات، خاصةً فيما يتعلق بحساسية الأنسولين، الذي يلعب دوراً مهماً في تنظيم نسبة السكر في الدم. علاوة على ذلك، تساهم زيادة كتلة العضلات بشكل عام في تحسين قدرة الجسم على تنظيم هذه النسب وتحكم الهرمونات.
يُظهر البحث أيضاً أن البروتين يمتلك تأثيراً مُشبِعاً، حيث يساعد في الشعور بالشبع لفترات أطول. يترتب على ذلك تأثير غير مباشر على الهرمونات المشاركة في تنظيم الجوع والشهية، مثل الغريلين والليبتين، مما يعزز نظاماً هرمونياً متوازناً.
مراقبة الأنسولين في الدم
حسب موقع Verywell Health الأمريكي يظهر أن تناول كميات كبيرة من السكر يمكن أن يسبب ارتفاعاً في مستويات السكر في الدم، مما يحفز البنكرياس على إفراز الأنسولين. مع مرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى مقاومة الجسم للأنسولين، حيث تقل استجابة الخلايا للهرمون، وبالتالي يحتاج الجسم إلى كميات أكبر من الأنسولين.
في المقابل، يساعد تقليل تناول السكر في الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم، ما يخفف الضغط على إفراز الأنسولين ويعزز حساسية الجسم له، ومن ناحية أخرى، يمكن للسكر أن يسهم في زيادة الالتهابات.
يُظهر أن الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر قد تؤدي إلى التهاب مزمن منخفض الدرجة في الجسم، ما يؤثر في توازن الهرمونات. يمكن أن تتداخل مستويات الالتهاب مع الإشارات الهرمونية وتساهم في حدوث اضطرابات هرمونية مثل زيادة مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، وخلل في الهرمونات الجنسية، وخلل في الغدة الدرقية، وخلل في الغدة الكظرية.
يمكن أن يساعد تناول كميات أقل من السكر واختيار نظام غذائي متوازن في تجنب أو تخفيف هذه الاضطرابات الهرمونية، ما يسهم في تعزيز الصحة الهرمونية بشكل عام.
طرق لموازنة الهرمونات لتحسين الحياة
يمكن أن يساعد نظام الحياة الصحي في موازنة الهرمونات مثل التحكم في التوتر بالإضافة إلى الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد، إلى جانب ممارسة الرياضة بالإضافة إلى الحصول على الوزن الهرموني الجيد والحفاظ عليه.
هذه بعض الطرق اللازمة للحفاظ على هرمونات الجسم متوازنة والتي ستساعد في تحسين جودة الحياة الخاصة بك حسب الخبراء.
- السيطرة على التوتر:
يظهر أن الإجهاد المزمن يمكن أن يلقي بظلاله على مستويات الهرمونات في الجسم. عند شعورك بالتوتر، يقوم جسمك بإفراز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، ما يشغل نظام الاستجابة "القتال أو الهروب".
هناك عدة طرق فعّالة للتعامل مع التوتر، منها ممارسة تقنيات إدارة التوتر مثل الاستمتاع بالطبيعة، وتنفيذ تمارين التنفس العميق، وممارسة التأمل واليوغا، بالإضافة إلى الحصول على كمية كافية من النوم.
يظهر أن قلة النوم يمكن أن تؤثر سلباً على تنظيم هرمونات الجسم، خاصة تلك المرتبطة بالتوتر والنمو. قد يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة مستويات الكورتيزول، ما يتسبب في زيادة التوتر وربما زيادة الوزن.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم إلى تغيير مستويات هرمونات الغريلين واللبتين، التي تنظمان الشهية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الجوع وتقليل الشعور بالامتلاء، ما يتسبب في صعوبة في السيطرة على الوزن وزيادة مشكلات الإفراط في تناول الطعام.
- الرياضة المنتظمة:
تظهر الأبحاث أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تلعب دوراً حيوياً في موازنة الهرمونات من خلال آليات متعددة، ومن بين هذه الآليات يأتي الدور البارز لتحسين حساسية الجسم للأنسولين.
إذ يقوم النشاط البدني بتحسين حساسية الجسم للأنسولين، الذي يعتبر أحد الهرمونات الرئيسية في تنظيم مستويات السكر في الدم. يعمل الأنسولين على تسهيل استخدام الخلايا للجلوكوز بشكل فعّال، مما يقوم بتنظيم مستويات السكر في الدم. هذا التأثير الإيجابي يساهم في منع مقاومة الأنسولين، التي تعتبر حالة مرتبطة بالاختلالات الهرمونية.
- تنظيم هرمون النمو:
تظهر الأبحاث أن هناك أنواعاً معينة من التمارين، خاصةً تدريبات القوة والتمارين عالية الكثافة، تسهم في تحفيز إنتاج هرمون النمو البشري. يُعتبر هذا الهرمون أساسياً في دوره في تعزيز نمو العضلات، وتحسين التمثيل الغذائي والنمو العام للجسم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتمارين الرياضية أن تلعب دوراً في إدارة هرمون الكورتيزول، الذي يعد هرمون التوتر في الجسم. تشير الدراسات إلى أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة تساهم في تنظيم مستويات الكورتيزول، ما ينخرط في خفض مستويات التوتر ويحول دون تأثيره السلبي على التوازن الهرموني.
يعزز التنوع في نوعية التمارين، مع التركيز على تمارين القوة والتدريبات عالية الكثافة، تحفيز إنتاج هرمون النمو، وفي الوقت نفسه يساعد في تنظيم مستويات هرمون الكورتيزول للمحافظة على توازن هرموني صحي.
موازنة الهرمونات بالأدوية
يمكن موازنة الهرمونات عبر استخدام بعض الأدوية الخاصة التي تحقق التوازن، في حال كنت تعانين من خلل هرموني أو حالة معينة، لكن يتعين استشارة الطبيب قبل البدء في تناول أي منهم من بين الوسائل نجد:
- حبوب منع الحمل:
تحتوي موانع الحمل الفموية على هرمونات تلعب دوراً حيوياً في تنظيم الدورة الشهرية وقد تكون فعالة في إدارة الحالات الصحية التالية:
1. دورات شهرية غير منتظمة: تعمل الموانع الفموية على تنظيم هرمونات الدورة الشهرية، مما يساعد في جعل الدورات أكثر انتظاماً.
2. متلازمة ما قبل الحيض (PMS): يمكن أن تخفف الموانع الفموية من أعراض ما قبل الحيض، مثل التقلبات المزاجية والتوتر العاطفي.
3. متلازمة تكيُّس المبايض (PCOS): تقوم الموانع الفموية بتنظيم مستويات الهرمونات وقد تخفف من أعراض متلازمة تكيُّس المبايض.
4. بطانة الرحم المهاجرة: يمكن أن تكون الموانع الفموية فعالة في التحكم في نمو بطانة الرحم خارج الرحم.
5. ترقق العظام: بعض أنواع الموانع الفموية تحتوي على مكملات من الكالسيوم وفيتامين D التي يمكن أن تساعد في منع ترقق العظام.
6. نقص الحديد: بعض النساء يعانين من فقر الدم نتيجة لفقدان الدم خلال الدورة الشهرية، ويمكن أن تقلل الموانع الفموية من هذا الاحتمال.
7. ظهور تكيُّسات في الثديين والمبيضين: قد تساعد الموانع الفموية في تقليل احتمال تكوّن الكتل الكيسية في الثديين والمبيضين.
- العلاج بالهرمونات البديلة:
العلاج بالهرمونات البديلة خلال انقطاع الطمث: يستخدم العلاج بالهرمونات البديلة عادةً خلال فترة انقطاع الطمث لتخفيف الأعراض الناتجة عن التقلبات الهرمونية. يتضمن ذلك استخدام مكملات هرمون الإستروجين والبروجستيرون، وتظهر فوائده في تقليل الأعراض مثل الهبات الساخنة، جفاف المهبل، تقلبات المزاج والانفعالات، والتعرُّق الليلي.
ميتفورمين لحساسية الأنسولين: يُستخدم الميتفورمين لتحسين حساسية الجسم تجاه الأنسولين، ويُفضل في إدارة حالات مثل متلازمة تكيُّس المبايض. يلعب الميتفورمين دوراً في تقليل مقاومة الأنسولين، والتي تشكل عاملاً مساهماً في حدوث متلازمة تكيُّس المبايض. يمكن أيضاً للميتفورمين أن يساعد في علاج أعراض فرط الأندروجين المرافقة لهذه المتلازمة، مثل الشعرانية وحب الشباب.