يتم تعريف تفاعل كرب القتال، الذي يرمز له في علم النفس بـ(COSRs)، على أنه عبارة عن ردود فعل جسدية أو عاطفية أو معرفية أو سلوكية أو إصابات نفسية يتعرض لها الأشخاص الذين عانوا من أحداث مؤلمة خلال عملياتهم القتالية أو العسكرية.
ويمكن أن تختلف هذه الحالة في شدتها اعتماداً على مجموعة متنوعة من الظروف خلال الحرب، من بينها المدة، والشدة، وتكرار القتال في ساحة المعركة، والمنصب، وحالة المعنويات، حسب تطور الأحداث.
ومع أن تفاعل كرب القتال يدخل في خانة الحالات النفسية، إلا أنه لا يتم تصنيفه على أنه اضطراب عقلي، أو نوع من أنواع الأمراض التي تتعلق بالخوف التي يتم تشخيصها عند الطبيب.
كيف يحدث تفاعل كرب القتال؟
يستخدم مصطلح تفاعل كرب القتال لوصف نوعين مختلفين من تفاعلات الإجهاد العسكري، والتي تتمثل في كل من:
- تفاعلات الإجهاد الحاد في بيئة القتال، والتي تسمى تفاعلات الإجهاد القتالي (CSRs).
- ردود الفعل على الضغوطات التشغيلية العسكرية طويلة الأمد، أو تفاعلات الإجهاد التشغيلي (OSRs).
وتحدث هذه الحالات خلال فترة القتال، أو عملية التحضير له، بعد استجابة الجسم للتغيرات الفسيولوجية والسلوكية والعاطفية والعقلية وغيرها.
إذ تؤدي المواقف التي تهدد حياة هذا الجندي أو المقاتل إلى تحفيز الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي ينظمه قسمان متعارضان وهما الجهاز العصبي الودي، المسؤول عن الإثارة، والجهاز العصبي السمبثاوي، المسؤول عن "الإيقاف".
والنتيجة هي سلسلة متواصلة من الاستجابات التلقائية التي يشار إليها باسم "شلال الدفاع"، والتي تتميز بارتفاع أو انخفاض شديد في الوظائف الفسيولوجية، مثل الوعي، والإثارة، والسلوك، والعاطفة، والعقل، والكلام، والحركية الحسية.
تكون هذه التغيرات شديدة وتسبب ضعفاً متوسطاً إلى شديد طوال فترة استمرارها، لكن مدتها لا تتجاوز ساعات أو بضعة أيام على الأكثر.
أبرز أعراض تفاعل كرب القتال
يمكن تعريف تفاعل كرب القتال على أنه مجموعة من الضغوطات الجسدية والعاطفية التي يتعرض لها الشخص بسبب القتال في ميدان الحرب.
ويترتب على هذه الحالة النفسية (COSR) مجموعة واسعة من العلامات الجسدية والعقلية والعاطفية التي تنتج عن ضغوط الحرب وظروفه الصعبة.
وتتمثل هذه الآثار الجسدية والنفسية فيما يلي:
- الخوف من الفشل أو ملاحقة الخزي والعار
- القلق
- الألم النفسي
- الحزن
- الغضب
- مشاكل في الذاكرة
- الارتباك
- ضيق التنفس
- خفقان القلب بشدة
- الرغبة في العودة إلى الديار
- الإفراط في لوم النفس والشعور بالذنب
- الملل
- التقييد
- فقدان الخصوصية
وقد يتعرض الشخص لكل هذه الآثار النفسية، بعد أن تطول مدة الحرب، وتزداد المخاوف، وخيبات الأمل، وإصابة أشخاص مقربين، أو مشاهدتهم وهم يقتلون، أو التعرض لإصابات خطيرة، قد تكون سبباً في فقدان أحد الأطراف، والإعاقة الدائمة.
مسببات تفاعل كرب القتال
هناك عدة تفاعلات وتغيرات سلوكية ومعرفية وعاطفية، يتعرض لها المقاتل أو الجندي خلال الحرب، ما ينتج عنها عواقب خطيرة.
إذ إن تفاعل كرب القتال، الذي يتم الحديث عنه في هذه المقالة، له عدة مسببات تنتج عن تفاعلات الإجهاد التشغيلي، إذ تتضمن أمثلة الضغوطات التشغيلية ما يلي:
- البيئة المعيشية والعمل الصعب (على سبيل المثال: العزلة، صعوبة المناخ، الضغوطات الحسية)
- التعرض أو مشاهدة المضايقات أو الصراعات الشخصية خلال فترة الحرب
- عبء العمل الثقيل (على سبيل المثال: ساعات العمل الطويلة ومتطلبات المهام العالية)
- التعرض المتكرر للصدمات والخطر والخسارة
- ظروف العمل التي تعطل النوم
- الأنباء المحزنة عن العائلة أو الأصدقاء
وتؤدي كل هذه الأسباب بشكل مباشر إلى القلق أو الخوف؛ ونقص الانتباه أو التركيز أو مشاكل في الذاكرة، أو الرغبة في العزلة، والاكتئاب.
التدخل الطبي
نظراً لأن تفاعل كرب القتال هو استجابات متوقعة للعمليات القتالية والعسكرية، فإنه غالباً ما يتم توفير بعض الخدمات للجنود والمقاتلين، ضمن برنامج مكافحة الإجهاد القتالي والتشغيلي لتحسين قدرة أعضاء الخدمة على إدارة الإجهاد القتالي والعملياتي.
وتشمل هذه التدخلات الطبية، التي يجب أن تقدم لهؤلاء المقاتلين، المساعدة في التعرف على أعراض هذه الحالة النفسية، وتدريبهم على زيادة الثقة والمهارات خلال الحرب.
كما يتم تقليل تأثير الضغوط القتالية من خلال تدابير بسيطة، مثل الطمأنينة والراحة وضمان السلامة، وفي حالة عدم الاستجابة لكل هذه المحاولات، يتم إحالة الشخص المصاب إلى وحدة خدمات الصحة العقلية والنفسية المرخصة.