هناك عدد من الأشخاص يشعرون بانزعاج كبير عندما يكونون بعيدين عن هاتفهم المحمول، أو عندما يصبحون غير قادرين على دخول حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يشعرون بالانزعاج عندما يصبح التفاعل معهم ضعيفاً، عكس ما كان عليه الحال سابقاً، وكل هذا يدخل في حالة من الرهاب، تسمى "النوموفوبيا".
وحسب دراسة حديثة أجريت بين طلاب المدارس ما بعد الثانوية والجامعات في رومانيا، تبين أن الأشخاص الذين يعتبرون أكثر عرضة للتعرض لهذا النوع من الرهاب هم أصحاب سمات الشخص النرجسي.
النرجسية ورهاب النوموفوبيا
تشير الدراسة التي تم نشرها بتاريخ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عبر مجلة "psypost"، أن الأشخاص الذين يعانون من رهاب النوموفوبيا هم بالأصل يعانون من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، ويلعب هذا الإدمان دوراً وسيطاً في العلاقة بين النرجسية وأعراض التوتر.
والنرجسية هي سمة شخصية تتميز بإحساس عظيم بأهمية الذات، والانشغال بأوهام النجاح أو القوة غير المحدودة، والإيمان بصفات الفرد الفريدة والخاصة، والحاجة المستمرة إلى الإعجاب المفرط، وعدم التعاطف مع الآخرين، والشعور بالاستحقاق.
وغالباً ما يُظهر الأفراد أصحاب هذه السمات النرجسية رغبةً قويةً في جذب الاهتمام والإعجاب، ويسعون إلى أن يكونوا مركز الاهتمام في المواقف الاجتماعية.
إذ يمكن القول إن النرجسية تتكون من عنصرين، وهما العظمة والضعف، فالعظمة النرجسية تشير إلى شعور متضخم ومبالغ فيه بأهمية الذات والتفوق، في حين أن الضعف النرجسي يتعلق بالهشاشة الكامنة، وفرط الحساسية تجاه النقد، والخوف من عدم الكفاءة تحت التبجح السطحي للأفراد ذوي السمات النرجسية.
فرضيات الدراسة
حدَّدت الدراسات الحديثة وجود علاقة بين العظمة النرجسية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي المبالغ فيه، وذلك كون هذه المنصات تعتبر مجالاً مميزاً للأفراد النرجسيين لإشباع حاجتهم إلى الاهتمام، ما يحفزهم على تخصيص المزيد من الوقت والجهد لتواجدهم وأنشطتهم عبر الإنترنت.
مع أخذ هذه النتائج في الاعتبار، هدف مؤلفو الدراسة إلى التحقق من الروابط بين النرجسية والتوتر ورهاب النوموفوبيا وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد عملوا على افتراضية تشير إلى أن الأفراد ذوي السمات النرجسية الأكثر وضوحاً سيظهرون المزيد من أعراض إدمان وسائل التواصل الاجتماعي ورهاب النوموفوبيا، ويشعرون بعدم الراحة والانزعاج عندما لا يكون لديهم هواتفهم أو غير قادرين على استخدامها.
كما افترضوا أيضاً أن المستويات الأعلى من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي ورهاب النوموفوبيا قد ترتبط بزيادة مستويات التوتر.
نتائج الدراسة.. النرجسية تؤدي إلى النوموفوبيا
شملت الدراسة مشاركة 559، ينقسمون على شكل 394 طالباً من طلاب المدارس ما بعد الثانوية و165 طالباً جامعياً من شرق رومانيا، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و45 عاماً.
أكمل المشاركون تقييمات لقياس النرجسية باستخدام جرد الشخصية النرجسية، والتوتر باستخدام مقياس الاكتئاب والقلق والتوتر، وأعراض إدمان وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام مقياس بيرغن لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أظهرت النتائج أن الأفراد الذين يعانون من نرجسية أكثر وضوحاً يميلون إلى ظهور أعراض إدمان وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر ورهاب نوموفوبيا أعلى.
كما يميل الأفراد الذين يعانون من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكثر وضوحاً ورهاب نوموفوبيا أيضاً إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من التوتر.
وقد اختبر مؤلفو الدراسة نموذجاً إحصائياً يشير إلى أن العلاقة بين النرجسية والتوتر تتم من خلال إدمان وسائل التواصل الاجتماعي ورهاب النوموفوبيا.
ودعمت النتائج هذا النموذج، مشيرة إلى أن العلاقة بين النرجسية والتوتر تفسر من خلال هذين العاملين.
كما وجدت الدراسة أيضاً أن الأفراد الأصغر سناً كانوا أكثر عرضة لإظهار مستويات عالية من رهاب النوم والنرجسية.
وحسب ملاحظة الباحثين فإن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة الحالية تتعلق بالأدوار الوسيطة لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي ورهاب النوموفوبيا على العلاقة بين النرجسية والتوتر.
وكما هو مفترض، فإن الأفراد ذوي النرجسية العالية قد يكونون أكثر عرضة لتطوير هذه الإدمان السلوكي، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر.
في حين أن الدراسة تُسهم برؤى قيمة حول الروابط بين النرجسية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتوتر، إلا أن لها أيضاً قيوداً يجب الاعتراف بها.
والجدير بالذكر أن تصميم الدراسة يمنع استخلاص أي استنتاجات حول السبب والنتيجة من البيانات. علاوة على ذلك بما أن غالبية المشاركين كانوا من الشباب فقد لا تكون النتائج قابلة للتعميم على مختلف الفئات العمرية والتركيبة السكانية.