تعتبر أمراض الأمعاء من بين المشاكل التي تقابل الكثيرين، وذلك لعدم فهمهم الأسباب المؤدية إلى ذلك، أو تناولهم بعض المنتجات غير المناسبة، التي تزيد من حدة الآلام، أو تفاقم المرض مع مرور الوقت.
وترتبط حالة الأمعاء بعدة أمراض مختلفة، من بينها الداء البطنيّ، أو ما يعرف بحساسية القمح، وداء كرون الذي يصيب الأمعاء الدقيقة والقولون، والتهاب القولون التقرحي، والانسداد المعوي، والقرحة الهضمية، ومتلازمة القولون الهضمي، وغيرها الكثير.
إلا أنه حسب بحث حديث، أُجري بتعاون بين باحثي معهد جنوب أستراليا للأبحاث الصحية والطبية وجامعة جنوب أفريقيا وجامعة فلندرز الأسترالية، تبين أن حمية البحر الأبيض المتوسط، يمكنها المساعدة في علاج أبرز الأمراض المذكورة، والتمتع بمجموعة من الفوائد الصحية.
ما هي حمية البحر الأبيض المتوسط؟
حمية البحر الأبيض المتوسط تشمل المنتجات الطازجة وبعض الدهون والزيوت الصحية، وهي نفسها التي يتناولها عادة سكان المناطق المطلة على منطقة البحر المتوسط بشكل تقليدي.
إذ يحتوي النظام الغذائي التقليدي في منطقة البحر الأبيض المتوسط على جزء كبير من المنتجات الطازجة والحبوب الكاملة والبقوليات، بالإضافة إلى بعض الدهون والأسماك الصحية.
توصي الإرشادات العامة لهذا النظام الغذائي بأن يأكل الناس مجموعة واسعة من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، والدهون الصحية مثل المكسرات والبذور وزيت الزيتون، وكميات معتدلة من منتجات الألبان والأسماك، والقليل جداً من اللحوم البيضاء واللحوم الحمراء، والقليل من البيض.
وحسب جمعية القلب الأمريكية، فإن النظام الغذائي المتوسطي يحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية الناتجة عن الدهون، الشيء الذي يجعل هذه الحمية غير مناسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى الحدّ من تناولهم للدهون.
حمية البحر الأبيض المتوسط وعلاج أمراض الأمعاء
حسب الدراسة المذكورة سابقاً، تبين أن إضافة منتجات الألبان للنظام الغذائي تعمل على تغيير تركيبة بكتيريا الأمعاء للأفضل.
إذ قامت الدراسة، التي نُشِرَت في دورية "Nutrients"، بتقييم كيفية تأثير حمية البحر الأبيض المتوسط، المكمَّلة بالحليب والجبن والزبادي، على ميكروبيوم الأمعاء.
وحسب ما أظهره المشاركون في التجربة العلمية، التي دامت لمدة ثمانية أسابيع، تبين أن هؤلاء الأشخاص البالغين والمعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب، زادت لديهم بشكل كبير نسبة الميكروبات المفيدة المرتبطة بتأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء بشكل عام.
كما أشارت النتائج نفسها إلى أن هذه الحمية ساهمت في انخفاض متزامن في البكتيريا السيئة المرتبطة بمخاطر أمراض القلب.
معلومات حول نتائج الدراسة
حسب الدكتورة كارين ميرفي من جامعة جنوب أفريقيا، وهي الباحثة الرئيسية في هذه الدراسة، تقول إن الكائنات الدقيقة في الأمعاء تلعب دوراً مهماً في جوانب متعددة من الصحة.
وتضيف: "تحتوي حمية البحر الأبيض المتوسط على أطعمة وعناصر غذائية أساسية، مثل الألياف والدهون الصحية والفيتامينات والأحماض الأمينية، والتي يمكن أن تساعد جميعها في تحسين بيئة الأمعاء، ما يدل على أن منتجات الألبان المكملة يمكن أن تساعد في تعزيز صحة الأمعاء".
أما الدكتورة جوسلين تشو، كبيرة الباحثين في جامعة فليندرز ومعهد جنوب أستراليا للأبحاث تقول إن النتائج تدعم العلاقة بين توازن الميكروبيوم والصحة المعوية وصحة القلب والأوعية الدموية.
وتضيف: "رغم أن البنية العامة للميكروبيوم المعوي لم تتغير بشكل كبير، فقد أظهرت الدراسة أن التغيرات في كمية بعض البكتيريا كانت مرتبطة بشكل واضح بالنظام الغذائي".
وتابعت: "وجدنا أنه مع قيام المشاركين بزيادة عدد الميكروبات الجيدة في أمعائهم، فقد شهدوا أيضاً انخفاضاً في ضغط الدم. وهذه التحسينات مهمة، نظراً للآثار المحتملة لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية".
وبهذا، فإن هذه الدراسة تدعم الأدلة الحالية التي تربط حمية البحر الأبيض المتوسط بزيادة عملية التمثيل الغذائي، وتسلط الضوء على أن التغييرات الإيجابية في ميكروبات الأمعاء التي يحفزها هذا النمط من النظام الغذائي عند إثرائها بمنتجات الألبان، والتي يمكن أن يكون لها أثر إيجابي على صحة القلب والأوعية الدموية كذلك.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.