خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، استخدم جيش الاحتلال العديد من القنابل التي تحمل مادة الفوسفور الأبيض المحرم دولياً على قطاع غزة.
الفوسفور الأبيض عبارة عن مادة كيميائية صلبة شمعية تظهر عادة باللون الأصفر أو عديم اللون، وقد وصف البعض رائحتها بأنها تشبه رائحة الثوم، هذه المادة تشتعل فور ملامستها الأوكسيجين غالباً ما يتم استخدامها لإلقاء الضوء على ساحات القتال وتوليد ستار من الدخان.
باعتبار الفوسفور الأبيض من المواد الحارقة، فبمجرد إشعالها يصبح من الصعب جداً إطفاؤها فيما تلتصق بالأسطح مثل الجلد والملابس، ما يتسبب في حروق جسيمة تصل إلى الوفاة، تعتبر هذه المادة مضرة رغم اختلاف الطرق التي قد تؤدي إلى التعرض لها.
يمكن أن يسبب الفوسفور الأبيض حروقاً عميقة وشديدة، ويخترق العظام أيضاً، ومن المعروف أنه يشتعل من جديد بعد العلاج الأولي. بعد التعرض، الأولوية هي إيقاف عملية الحرق، كما أن الدخان الناتج عن حرق الفوسفور يضر أيضاً العينين والجهاز التنفسي بسبب وجود أحماض الفوسفوريك والفوسفين.
يشتعل الفوسفور الأبيض تلقائياً في الهواء عند درجات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية، ويستمر في الاحتراق حتى يتأكسد بالكامل، أو حتى يُحرم من الأوكسجين. ينتج عن حرق الفوسفور دخان كثيف أبيض اللون ومهيج يحتوي على خليط من أكاسيد الفوسفور.
ويستخدم الفوسفور الأبيض لأغراض عسكرية في القنابل اليدوية وقذائف المدفعية لإنتاج الإضاءة، لتوليد ستار من الدخان وكمادة حارقة. الاستخدامات الصناعية الرئيسية له هي في إنتاج حامض الفوسفوريك والفوسفات وغيرها من المركبات. ويستخدم الفوسفات لتصنيع مجموعة من المنتجات بما في ذلك الأسمدة والمنظفات، وقد تم استخدام الفوسفور كمبيد للقوارض وفي الألعاب النارية.
الأثار الناجمة عن التعرض للفوسفور الأبيض
حسب موقع "who" الأمريكي بسبب وجوده في العديد من المنتجات المنزلية قد يكون التعرض للفوسفور الأبيض مضراً بجميع أشكاله، إذ يمكن امتصاصه بكميات سامة بعد الابتلاع أو التعرض عن طريق الجلد. الدخان الناتج عن حرق الفوسفور ضار بالعينين والجهاز التنفسي، حيث تذوب أكاسيد الفوسفور في الرطوبة لتكوين أحماض الفوسفوريك.
قد تتأخر التأثيرات الجهازية لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد التعرض له، إذ يمكن أن تشمل التأثيرات الجهازية المتأخرة تأثيرات على القلب والأوعية الدموية والانهيار، بالإضافة إلى تلف الكلى والكبد واكتئاب الوعي والغيبوبة. قد تحدث الوفاة بسبب الصدمة أو الفشل الكبدي أو الكلوي أو الجهاز العصبي المركزي أو تلف عضلة القلب.
على مستوى الجلد يمكن أن يتسبب الفوسفور الأبيض في حروق مؤلمة للغاية؛ إذ ينتج عنها مزيج من الإصابات الحرارية والكيميائية، قد تظهر المناطق المصابة من الجلد المكشوف باللون الأصفر، وقد تظهر عليها حروق نخرية كاملة السماكة محاطة بأنسجة مسلوخة.
الفوسفور الأبيض قابل للذوبان بدرجة عالية في الدهون لذلك، يمكن أن يخترق الأنسجة الأساسية، مما يؤدي إلى حروق عميقة بطيئة الشفاء.
قد تبدأ جزيئات الفوسفور الأبيض التي اخترقت الجلد، على سبيل المثال في الشظايا، في الاحتراق عند فتح الجرح وتعريضه للهواء. ويمكن رؤية الدخان الأبيض الناتج عن حرق الفوسفور ينبعث من الجروح، قد يتم امتصاص الفوسفور الأبيض من السطح المحروق ويسبب سمية جهازية، وتغيرات في تخطيط القلب.
ليس الجلد فقط، بل يتسبب الفوسفور الأبيض بضرر للعينين أيضاً، وقد تسبب جزيئات الفوسفور الأبيض حروقاً وانثقاباً في القرنية. التعرض للدخان الناتج عن حرق الفوسفور قد يسبب تهيج العين، تشنج الجفن، رهاب الضوء، الدمع والتهاب الملتحمة.
أما استنشاقه فهو الآخر يتسبب في تهيج الجهاز التنفسي العلوي والسعال والصداع وتأخر ظهور الوذمة الرئوية.
الإجراءات التي يجب القيام بها عند التعرض للفوسفور الأبيض
ووفقاً لـ"المراكز الأمريكية للتحكم بالأمراض والوقاية" فإن العلاج الأولي داعم في المقام الأول. وفي حالات تعرض الجلد أو العين يشمل ذلك الإزالة الفورية لجزيئات الفوسفور الأبيض المحترقة من عيون أو جلد الضحية.
كما يجب ري الجلد والجروح المكشوفة باستمرار بمحلول ملحي أو ماء بارد، أو غمرها في الماء، بينما تتم إزالة جزيئات الفوسفور. يمكن لري المناطق المصابة أن يوقف الاحتراق، ويخفض درجة حرارة المناطق المحروقة، ويخفف أي حمض فوسفوريك قد يكون قد تشكل في الجرح.
وفي حالة تلوث الجلد أو العينين بالفوسفور الأبيض، يجب تغطيتها بقطعة قماش مبللة باردة لتجنب إعادة الاشتعال.
وينبغي الحرص على عدم تعريض الآخرين عند إزالة جزيئات الفوسفور. وبما أن الفوسفور الأبيض يمكن أن يشتعل تلقائياً، فيجب توخي الحذر لمنع التعرض لجميع مصادر الاشتعال، مثل اللهب المكشوف، والمعدات الكهربائية، والتدخين، وغيرها.
الإسعافات التي ينبغي اتباعها
تختلف طرق الوقاية مع اختلاف المكان المصاب بالفوسفور الأبيض، لهذا اتبع الخطوات اللازمة لكل حالة منها:
- الإسعافات الخاصة بالعيون:
- الخروج على الفور من المكان الذي يوجد به الفوسفور.
- غسل العيون على الفور بكميات من الماء البارد، على ألا تقل المدة عن 15 دقيقة.
- الحفاظ على العيون مكشوفة مع وضع بعض الضمادات المبللة لمنع الفوسفور من الاشتعال مرة أخرى.
- تجنب استخدام أي مراهم ذات قوام دهني، ما قد يتسبب في امتصاص المزيد من الفوسفور.
- طلب العناية الطبية المختصة.
- الإسعافات الخاصة باستنشاق الفوسفور
- أخرج الضحية على الفور من المكان الذي تعرض فيه للفوسفور.
- قيّمْ وظيفة الجهاز التنفسي والنبض.
- تأكد من أن المصاب لديه مجرى هوائي غير مسدود.
- إذا حدث ضيق في التنفس أو كان التنفس صعباً، قم بإعطاء الأوكسجين.
- في حال توقف التنفس، يجب توفير التنفس الاصطناعي.
- طلب العناية الطبية على الفور.
- الإسعافات الخاصة بالجلد:
- إبعاد المصاب عن مصدر التعرض على الفور.
- تغمر مناطق الجلد المتأثرة بالماء البارد أو يُمكن تغطيتها بضمادات مبللة في جميع الأحوال.
- يُعتبر الغسل الجيد بالماء البارد أفضل طريقة لإزالة الفوسفور الأبيض المتراكم على الجلد.
- خلال الغسيل، يجب إزالة أية جزيئات مرئية من الفوسفور الأبيض باستخدام كميات كبيرة من الماء البارد، أو عن طريق غمر المنطقة المصابة بالماء البارد.
- ينبغي أخذ الحيطة والحذر عند استخدام الماء البارد لتجنب انخفاض درجة حرارة الجسم للضحية.
- تجنب استخدام المراهم الدهنية أو الزيوت التي قد تزيد من امتصاص الفوسفور الأبيض.
- يجب مراقبة الضحية بحثاً عن أي علامات أو آثار على الجسم بشكل شامل.
في النهاية، يُنصح بالبحث عن الرعاية الطبية على الفور لضمان التقييم والعلاج اللازمين، هذه الخطوات تهدف إلى الحفاظ على سلامة الضحية وتقديم العناية المناسبة في حالة تعرضها للفوسفور الأبيض. لا تتردد في مراجعة المهنيين الطبيين لضمان تلقي الرعاية الصحيحة.