تُعد درجة الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، واحداً من بين الأسباب المهددة لصحة الإنسان، خصوصاً أن متوسط درجة حرارة الأرض الذي سُجل في يونيو/حزيران 2023، قد وصل إلى 1.89 درجة فهرنهايت (1.05 درجة مئوية)، أي أعلى من المتوسط المعتاد.
كما أن الحرائق التي نشبت في العديد من المناطق حول العالم، تعد من بين أسباب التلوث الذي يزيد من خطر المرض، والإصابة بالأزمات نوبة قلبية قاتلة، إلى جانب الطقس الحار.
دراسة حديثة.. الحرارة والتلوث وعلاقتهما بالأزمة القلبية
وقد تم إجراء دراسة حديثة نُشرت في 24 يوليو/تموز 2023، على أكثر من 202 ألف حالة وفاة بنوبة قلبية في مقاطعة جيانغسو الصينية بين عامَي 2015 و2020.
وقد تبين أن هناك ارتباطاً قوياً بين مخاطر الوفاة من أمراض القلب ودرجات الحرارة المتطرفة سواء الباردة أو الساخنة، وكذلك المستويات العالية من تلوث الجسيمات.
ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يشير تلوث الجسيمات إلى جزيئات المواد الصلبة أو السوائل العالقة في الهواء، مثل الدخان أو الغبار أو الأوساخ.
وفي تصريح للدكتور ويليام براهو، العضو المنتدب لمختبر قسطرة القلب بمستشفى هدسون فالي في نيويورك، يقول: "الطقس القاسي، سواء كان ساخناً أم بارداً أو الهواء الملوث، يمكن أن تكون له آثار ضارة على صحة القلب، لذلك من المهم مراعاة هذه الضغوط، وإذا كانت موجودة، فمن الأفضل التخطيط مسبقاً لتقليل آثارها على صحة القلب".
أما الدكتور ريجفيد تادوالكار، طبيب القلب المعتمد في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي بكاليفورنيا، فيقول: "يمكن أن يختلف تعريف الطقس شديد الحرارة أو البرودة وفقاً للمنطقة الجغرافية والظروف المحلية، لكن يمكن إنشاء خط أساس عام من خلال اتباع نهج أوسع، يمكن تحديد الحرارة المتطرفة بأنها تتسم بدرجات حرارة أعلى بكثير من المتوسط في منطقة وموسم معينين، وتكون باستمرار أعلى من 90% من درجات الحرارة المُسجَّلة".
ما الذي يحدث للجسم في درجات الحرارة العالية؟
عندما يكون الجو حاراً، ودرجة الحرارة مرتفعة، يمكن أن يجعل هذا الأمر الشخص يشعر وكأنه يتحرك بشكل بطيء، أكثر من المعتاد، وأن أنفاسه تتسارع، وتنقطع بين الحين والآخر، خصوصاً عند القيام ببعض المجهود البدني الصعب، مثل رفع الأشياء الثقيلة، وصعود الدرج، أو المنحدرات.
ويعود السبب وراء ذلك هو أن الجسم يبذل جهداً مضاعفاً من أجل القيام بهذه الأشياء، ما يجعل القلب والأوعية الدموية يصلان إلى نقطة حرجة غير معتادة، خلال درجات الحرارة العادية، وذلك بسبب الاستجابات الفسيولوجية من طرف الجسم، التي تتم في محاولة للتكيف مع الأوضاع للبقاء على قيد الحياة.
ومن بين هذه الاستجابات التي يقوم بها الجسم؛ التعرق المستمر، وتمدد الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجلد، وعمل القلب بشكل أسرع وجهد أكبر للحفاظ على تدفق الدم الكافي إلى الأعضاء الحيوية.
ومن هنا يزداد خطر التعرض للأزمة القلبية، التي من الممكن أن تكون مميتة، خصوصاً أن الجسم يحتاج استعادة ما فقده من سوائل، لتعرضه للجفاف في درجة الحرارة العالية.
ويمكن أن يؤدي الجفاف إلى متلازمة تُعرَف باسم الإغماء الوعائي المُبهَم، حيث يفقد الشخص وعيه بسبب نقص الدم في الدماغ. ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة الشديدة، وخاصة الجفاف، إلى تفاقم مشكلات الإغماء كذلك.
تأثير تلوث الهواء على صحة القلب
الشائع أن تلوث الهواء له علاقة بصحة الرئتين، والجهاز التنفسي، إلا أن لها تأثيراً كذلك على صحة القلب، وذلك لأنَّ أعضاء الجسم الحيوية تعمل معاً إلى حد كبير، لذا ما يؤثر في أحد الأعضاء قد يمتد تأثيره إلى أعضاء أخرى.
وحسب أطباء القلب، فإن جسيمات الدقيقة الملوثة المعروفة باسم "PM2.5" التي لا يتجاوز حجمها 2.5 ميكرون هي جسيمات متناهية الصغر تطفو في الهواء، وهو ما يخاطر باستنشاقها ووصولها إلى عمق الرئتين أو دخولها إلى مجرى الدم.
ومن هنا، فإن الالتهاب والإجهاد التأكسدي قد يحدث بمجرد دخول تلك الجسيمات إلى الجسم، وهو ما يؤدي إلى تضرر الأوعية الدموية والقلب.
إذ إن التعرض لأحد مصادر تلك الجسيمات الدقيقة الملوثة يرتبط بتطوير حالة التصلب العصيدي وتراكم اللويحات داخل الشرايين، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
أسباب زيادة خطر الإصابة بالنوبة القلبية
هناك بعض الأشخاص معرضون للإصابة بالنوبة القلبية أكثر من آخرين، عند درجات الحرارة المرتفعة، أو الباردة، أو الملوثة، وهم:
- النساء الحوامل.
- كبار السن.
- مرضى القلب والشرايين.
- مرضى السكري.
- مرضى ارتفاع ضغط الدم.
ومع ذلك، ينصح أن يقوم الجميع، حتى الأصحاء، باتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة لتفادي النوبات القلبية، خلال الطقس الصعب.
ومن بين هذه الاحتياطات، الابتعاد عن القيام بالانشطة الشاقة والمتعبة، وعدم الخروج في جولات لمسافات طويلة على الأقدام.
كما يجب الحفاظ على رطوبة الجسم، وتخفيف مدة التمارين الرياضية، وارتداء ملابس قطنية مريحة، وتجنب التعرض للشمس في أوقات الذروة.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.