إذا كنت من محبي أفلام الرعب، وتجد متعة كبيرة في متابعتها، ما يزيد من معدل الأدرينالين في الجسم، فهذا لا يعني أن هذا الأمر لا يشكل أي أثر فيما يخص صحتك العقلية والنفسية.
وذلك لأن هذا النوع من الأفلام، الذي يتضمن مشاهد، فيها الكثير من العنف، واللقطات المخيفة، من دماء، وشخصيات ذات وجوه مشوهة وغيرها، لها تأثيران متضادان.
فكيفما يمكن لأفلام الرعب أن تؤدي لآثار سلبية على العقل والصحة النفسية، يمكنها كذلك أن تكون ذات تأثير إيجابي، إذ يختلف الأمر حسب الشخص المتلقي، وقدرته على احتمال هذا النوع من المشاهد.
أفلام الرعب وإثارة المشاعر
تعتمد أفلام الرعب في رسم معالم الشخصيات التي تتعرض لأحداث مخيفة، أو تلك التي تقوم بخلق الرعب في قلوب الآخرين، على أن تكون ذات اضطرابات نفسية وعقلية مختلفة.
من بينها تصوير شخصيات مصابة بالفصام، أو تقلبات الشخصية، أو السيكوباتية، على السبيل المثال، ما يجعلها قادرة على إقناع المشاهد بأنها قادرة على الإخافة، أو الشعور بالخوف بسرعة.
وذلك لأنه تم تصميم أفلام الرعب لإثارة بعض الاستجابات الجسدية والنفسية المرتبطة بالتشويق والتوتر والخوف والصدمة والخطر.
ومن هنا فإن هناك عدة آثار تحدث فيما يخص الحالة الفسيولوجية للمشاهد، والتي تشمل:
- حدوث طفرة في الهرمونات مثل النوربينفرين والكورتيزول والأدرينالين
- استجابات الذعر من الجهاز العصبي اللاإرادي
- اتساع حدقة العين
- زيادة معدل ضربات القلب
- الشد العضلي
- صداع الرأس
وكل هذه الحالات التي تحدث، يمكن أن تختلف من شخص لآخر، وآثارها النهائية على المتفرج تختلف من شخص لآخر، حسب نوعية الاستجابة، هل هي إيجابية، أم سلبية.
آثار أفلام الرعب السلبية على الصحة النفسية والعقلية
تعتمد أفلام الرعب على خلق العديد من الحيل الذهنية، وأوهام الخطر، من خلال الصوت والصورة، التي تجعل المشاهد يعيش نوعاً من الإثارة والتشويق، لمعرفة بقية الأحداث، إضافة إلى اعتمادها بعض اللقطات المفاجئة، التي تكون السبب في خلق شعور الرعب عند المشاهد.
وهذه الطريقة التي يتم اعتمادها في طريقة إخراج هذه الأفلام، يمكن أن تسبب عدة آثار سلبية، على الصحة النفسية والعقلية، والتي يمكن أن تستمر على المدى البعيد، وليس فقط خلال الساعات الأولى بعد انتهاء المشاهدة.
ومن بين أبرز هذه الآثار، طويلة المدى، التي تسببها مشاهدة هذا النوع من الأفلام؛ عيش حالة من اضطرابات النوم، ليصبح من الصعب على الشخص النوم بشكل طبيعي، أو إتمام ساعات النوم الكافية خلال الليل.
ومن هنا، وبسبب أهمية النوم على الصحة العقلية والنفسية، يبدأ الشخص، الذي يعاني قلة النوم، بعيش العديد من الحالات والتقلبات السلبية، التي قد تؤدي به إلى الاكتئاب، أو الاضطراب العقلي.
كما يمكن أن يعاني بعض الأشخاص من مشاكل مشاهدة كوابيس مستمرة عند النوم، ما يؤدي بهم إلى الإصابة بفوبيا النوم، وهي الحالة التي عادة ما تصيب الأشخاص الذين يخافون النوم بسبب تعرضهم لشخصيات غير محببة في الليل، أو للهرب من مهام غير مرغوبة في اليوم التالي.
وإضافة إلى هذا، قد يتحول الأمر إلى حالة من القلق المزمن، الذي يرافق صاحبه بشكل مستمر في حياته العادية، ويؤدي إلى إعاقة سيرها بالشكل العادي والطبيعي.
وقد تتطور هذه المشاكل، وتتحول إلى الإصابة ببعض الأعراض الذهانية الحادة، من بينها الهلوسة والأوهام وتصورات مشوهة للواقع، ما يؤدي إلى شعور متزايد بالغثيان.
ومن أجل علاج هذه الحالة، الناتجة عن مشاهدة أفلام الرعب، يصبح من الضروري زيارة طبيب أمراض نفسية وعصبية، من أجل فهم الحالة بشكل صحيح، ووصف أدوية، يمكن أن تعالجها، أو تقلل من أضرارها.
آثار أفلام الرعب الإيجابية على الصحة النفسية والعقلية
على الرغم من العلاقة السلبية بين أفلام الرعب والصحة العقلية، والتي تم ذكرها سابقاً، إلا أن لهذا النوع من الأفلام بعض التأثيرات الإيجابية على الصحة النفسية.
ومن بين أبرز الآثار الإيجابية التي يمكن أن تتركها هذه الأفلام على المشاهد، هي القدرة على التغلب على المخاوف، وتعزيز الثقة في النفس.
كما يمكن لأفلام الرعب أن تكون حلاً مجدياً، من أجل التقليل من مشاعر الغضب، والضيق، والإحباط، من خلال استهلاكها طاقة الشخص، في إنتاج الأدرينالين، والصراخ المستمر، اللذين يساعدان الشخص على الشعور بحالة من التعب والرغبة في الاسترخاء بعد ذلك.
خصوصاً أن طريقة العلاج بالصراخ أصبحت رائجة بشكل كبير في مجال الطب النفسي، كونها تساعد في علاج مشكلات الصحة العقلية المتعلقة بالعصاب والذهان واضطرابات الصدمات.
شاهد أفلام الرعب بطريقة صحية!
يمكن أن يؤدي تطوير طرق صحية للاستمتاع بأفلام الرعب، إلى الحفاظ على الصحة العقلية للمشاهد، وتفادي تأثيرها السلبي، الذي يمكن أن يؤثر على الشخص على المدى الطويل.
ومن بين أول الطرق التي يجب اعتمادها، حسب مجلة "mind help" للصحة النفسية، اكتشاف نوعية الأفلام التي تناسبك، من خلال درجة الرعب التي تقدمها.
كما يجب أخذ المشاكل الصحية التي تعاني منها بعين الاعتبار، فمثلاً الأشخاص الذين يعانون من مرض القلب، أو اضطراب النوم، يكون من الجيد أن يتفادوا هذا النوع من الأفلام، لآثاره السلبية عليهم.
ومن جهة أخرى، وبالنسبة للأشخاص الذين يجدون متعة كبيرة في هذا النوع من الأفلام، يجب عليهم محاولة التقليل من مشاهدتها، وذلك لتفادي الوقوع في فخ الإدمان، الذي قد يؤدي إلى تبلد المشاعر.
أما عند المشاهدة، سيكون من الجيد الوجود رفقة عدة أشخاص، سواء من الأصدقاء أم أفراد العائلة، من أجل منع تزايد درجة الخوف وتناميها لديك، كما يفضل أخذ استراحة بين الحين والآخر، من أجل التقليل من إعادة توازن الجسم، بعد جرعة الخوف وزيادة نسبة الأدرينالين في الجسم.