يسبب قصور البنكرياس، المعروف طبياً باسم (EPI)، مشاكل في كيفية هضم الطعام. ويعاني المصاب بتلك الحالة مشكلة في إنتاج البنكرياس ما يكفي من الإنزيمات التي يحتاجها الجسم لتكسير وامتصاص العناصر الغذائية في الطعام؛ إذ تسرع الإنزيمات من التفاعلات الكيميائية في الجسم، وتنتقل الإنزيمات التي يصنعها البنكرياس إلى الأمعاء الدقيقة، وهناك تساعد في تكسير الطعام الذي يتم تناوله.
أما عندما يعاني الشخص من قصور البنكرياس، فتقل تلك التفاعلات ولا يحصل الجسم على التغذية التي يحتاجها لأنه لا يستطيع امتصاص الدهون وبعض الفيتامينات والمعادن من الأطعمة. كما قد يفقد المصاب الوزن أو يشعر بألم البطن.
أسباب المعاناة من قصور البنكرياس
يحدث تلف وقصور البنكرياس نتيجة للعديد من الأسباب والمشكلات الصحية، ولكن من بين أكثرها شيوعاً التهاب البنكرياس المتكرر.
يسمي الأطباء هذه الحالة بالتهاب البنكرياس المزمن، ويحدث ذلك عندما تبدأ الإنزيمات التي يصنعها البنكرياس في العمل وهي لا تزال بداخله، قبل أن تصل إلى الأمعاء الدقيقة، وبالتالي تفقد فعاليتها.
قد يكون الشخص معرضاً لخطر هذه المشكلة بسبب تناول الكحول أو الدهون بشكل مفرط؛ إذ يمكن أن يلتهب البنكرياس إذا كان لديك مستويات عالية جداً من الدهون الثلاثية (نوع من الدهون الضارة في الدم) أو نتيجة المعاناة من اضطراب في الجهاز المناعي.
الأعراض الأكثر شيوعاً للحالة
نظراً لأن أعراض قصور البنكرياس يمكن أن تحاكي تلك الخاصة بأمراض ومتلازمات الجهاز الهضمي الأكثر شيوعاً، فقد يكون من الصعب تحديد الحالة حتى بعد الاستشارة الطبية. ولكن إذا كنت تعاني من عدد من هذه الأعراض التالية، فقد يكون البنكرياس لديك يعاني من التلف وضعف الكفاءة:
1- الإسهال المزمن
يحدث الإسهال الناتج عن قصور البنكرياس نتيجة الطعام غير المهضوم في الأمعاء الدقيقة. فعندما يفشل البنكرياس في إنتاج الإنزيمات الهضمية الضرورية، لا يمكن امتصاص الدهون والعناصر الغذائية الأخرى. وبدلاً من ذلك، تظل في الأمعاء الدقيقة، وتسحب الماء من الجسم وتسبب الإسهال.
2- فقدان الوزن
إذا لم يتمكن الجسم من امتصاص ما يكفي من العناصر الغذائية والدهون، فقد يجد المصاب نفسه يفقد الوزن بدون مقدمات.
هذا أيضاً من بين الأعراض أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات هضمية أخرى، مثل مرض كرون.
3- البراز الدهني الذي يطفو
يتم تمرير الدهون غير الممتصة في الأمعاء عند المعاناة من قصور البنكرياس؛ مما يتسبب في البراز الدهني المعروف باسم الإسهال الدهني.
ويقول فرانك جريس، أستاذ الطب وأمراض الجهاز الهضمي في مستشفى "ماونت سايناي" الأمريكية: "عندما يتناول الأشخاص المصابون بقصور البنكرياس الأطعمة الدهنية، لا يتم امتصاص هذه الدهون؛ لذا يفرزون برازاً زيتياً كريه الرائحة يطفو على الماء".
4- آلام البطن
يسبب قصور البنكرياس وضعف كفاءته الإحساس بالألم في الربع العلوي الأيمن من البطن، والذي يمكن أن يكون غامضاً أو حاداً بدون مقدمات عند المصابين.
5- أعراض إضافية عامة
إذا لم يتمكن الجسم من امتصاص العناصر الغذائية الحيوية، فقد يصاب الشخص بنقص الفيتامينات الذي يمكن أن يؤدي إلى أعراض مختلفة ومتعددة.
ومن بين أوجه القصور الأكثر شيوعاً المرتبطة بقصور البنكرياس الإفرازي هي نقص الحديد وفيتامين ب12 وحمض الفوليك والكالسيوم؛ إذ نظراً إلى أن الجسم يواجه صعوبة في هضم الدهون، يمكنه أيضاً المعاناة من نقص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل فيتامين A وD وE وK.
إحدى علامات نقص الفيتامينات هي ظهور طفح جلدي متقشر وبارز على الجلد، إضافة لآلام العظام، وتشنجات العضلات، والعمى الليلي، والتنميل وسهولة الإصابة بكدمات الجسم.
كما قد تكون الأعراض الإضافية مرتبطة بالسبب الكامن وراء تلف البنكرياس؛ مثل التليف الكيسي أو التهاب البنكرياس.
متى ينبغي عليك زيارة الطبيب؟
إذا كنت تعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي مشابهة لتلك التي يعاني منها المصاب بقصور البنكرياس، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون الاتصال بطبيب متخصص لإجراء فحص أولي ثم مناقشة الخطوات التالية.
إذا لم يتمكن طبيبك من العثور على تفسير للأعراض، فمن المحتمل أن تتم إحالتك إلى طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي، لإجراء مزيد من الاختبارات.
وفي حال تم تشخيصك بقصور البنكرياس (EPI)، فمن المحتمل أن يتم إعطاؤك إنزيمات البنكرياس، وربما بتناول مكملات الفيتامينات لإدارة الحالة والتحكم بشكل أفضل في الأعراض.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.