نبات الأقحوان، المعروف علمياً باسم "تاناكتام بارثينيام" (Tanacetum parthenium) هو نبات عشبي مفيد ينمو في آسيا الصغرى ودول البلقان، حيث تُستخدم أوراقه المجففة أو الطازجة في تحضير وتركيب المكملات والمستخلصات والزيوت في الطب.
تحتوي أوراق الأقحوان على العديد من المواد الكيميائية المختلفة، بما في ذلك مادة تسمى بارثينوليد المهمة، والتي تُسهم في تقليل الصداع النصفي، إضافة لعدد من المزايا الصحية الأخرى.
ويستخدم الناس في الغالب نبات الأقحوان في العلاج البديل والطب الشعبي بمختلف الثقافات، خاصةً بعد سهولة تداوله وتصديره لمختلف دول العالم، ويوصف أحياناً للتخفيف من الصداع والتوتر العصبي والقلق، ولعلاج الحكة واضطرابات الهضم وغيرها من الحالات الأخرى.
ومع ذلك، قد تكون الكثير من الاستخدامات الشائعة للنبات غير موثوقة أو مختبرة علمياً، ما قد يجعله غير فعال أو حتى مضرّاً في بعض الحالات الصحية المختلفة.
في هذا التقرير نستعرض فوائد نبات الأقحوان واستخداماته، وكيف يمكن الاستفادة منه، وتوخي الآثار الجانبية المحتملة عند الاستهلاك.
1- نبات الأقحوان لعلاج الصداع النصفي
لعدة قرون استَخدَم العلاج البديل والطب الشعبي في مختلف الحضارات زهورَ الأقحوان لعلاج الصداع والصداع النصفي، المعروف باسم "مايغرين" (Migrain).
وهو نوع من الصداع المتوسط إلى شديد القوة، الذي يؤثر على جانب واحد من الرأس، وعادة ما يكون مصحوباً بألم نابض وشعور بخفقان القلب والإعياء والرغبة في الغثيان.
وبحسب الدراسات العلمية في تأثير النبات على هذا النوع من الحالات الصحية، اتضح عند الاختبار على أنابيب المعمل أن المركبات الموجودة في الأقحوان- مثل البارثينوليد والتانتين- يمكنها أن تساعد في وقف إنتاج البروستاجلاندين، وهي جزيئات تعزز الالتهاب بالجسم.
كما اتضح أن البارثينوليد قد يثبط مستقبلات السيروتونين بالجسم، وهو ما يمنع الصفائح الدموية من إطلاق الجزيئات الالتهابية، التي تُسهم في إصابة الإنسان بالأمراض والحالات الصحية الأخرى، ومنها الصداع النصفي.
وفي الأبحاث العلمية على البشر، وجدت دراسة أُجريت على 170 مشاركاً من المتطوعين، أن أولئك الذين تناولوا زهرة الأقحوان عانوا من الصداع النصفي بمعدل 0.6 أقل شهرياً من غيرهم.
لذا بناءً على الأبحاث الحالية يبدو أن الأقحوان فعال بشكل طفيف فقط ضد الصداع النصفي. وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات البشرية لاستخلاص استنتاجات قوية حول جرعة الاستخدام وطريقة العلاج.
2- قد يساعد في علاج الاكتئاب والقلق
هناك المزيد من البحث المطلوب حول هذه الخصائص لنبات الأقحوان.
ومع ذلك، وفقاً للدراسات التي أُجريت على الفئران في المختبر، يبدو أن مركبات العشب الطبيعية يمكنها أن تقلل من أعراض الاكتئاب والقلق المزمن بشكل طفيف، بسبب تأثيرها على المواد الكيميائية في الجسم، المرتبطة بتلك الحالات النفسية.
3- قد يخفف من تقلصات الدورة الشهرية
يعمل نبات الأقحوان كمضاد للتشنج، ويساعد على تنظيم الدورة الشهرية وتخفيف آلام الطمث لدى السيدات، يمكن أن يكون لهذا أيضاً تأثير على التشنجات المرتبطة بعدم انتظام الدورة الشهرية، علاوة على ذلك يمكن أن يساعد النبات أيضاً في علاج الصداع النصفي لما قبل الحيض وصداع الدورة الشهرية، المرتبط بالتغيرات الهرمونية في الجسم.
4- زهور الأقحوان لعلاج السرطان
تشير الأبحاث إلى أن نبات الأقحوان يحتوي على علاج محتمل لسرطان الدم المشتق من البارثينوليد، وهو أحد المكونات الفعالة في النبتة.
إذ تم تأكيد فاعلية هذا المركب للعمل على سرطان الدم "اللوكيميا" على مستوى الخلايا الجذعية. ويعد هذا اكتشافاً مهماً لأن علاجات السرطان الحالية لا تضرب بعمق كافٍ لقتل الخلايا السرطانية.
ووفقاً لتقارير المعهد الوطني للسرطان بالولايات المتحدة الأمريكية، يمكن أن يمنع الأقحوان أو حتى يقضي على الخلايا الجذعية لسرطان البروستاتا.
5- محاربة الالتهابات والمشاكل الجلدية
تقليدياً تم استخدام نبات الأقحوان في الطب البديل لعلاج الالتهاب. واتضح في دراسة أُجريت على الفئران المصابة بالتهاب الكبد أن مستخلصات النبات الغنية بمركب البارثينوليد تقلل بفاعلية الخلايا الالتهابية.
وفي دراسة أخرى، وُجد أن مادة البارثينوليد تحمي الجلد من الالتهاب السطحي أيضاً، لذا من الممكن استخدام النبات لعلاج الأمراض الالتهابية والتهيج والمشاكل الجلدية الأخرى.
الجرعة الآمنة وطريقة الاستهلاك
تتوفر زهور الأقحوان في شكل كبسولات أو أقراص أو صبغة أو حتى مستخلصات سائلة، هذا بالطبع على توافره في هيئته الأصلية في نبات زهري طازج أو في أشكال مجففة أو مسحوقة.
وللاستخدام يمكن ببساطة صب كوب من الماء المغلي على ملعقة كبيرة من أوراق الأقحوان الجافة أو الطازجة، وتركه ليُنقع لمدة 30 دقيقة إلى ساعة لكي يفرز مركباته المفيدة. وكلما طالت مدة النقع زادت قوة الشاي. ويمكن بعد ذلك تصفية الأوراق من المشروب وتقديمه مع التحلية بالعسل حسب الرغبة.
وبشكل عام، لا توجد أدلة كافية لتحديد الجرعة الصحيحة أو الملائمة. إذ يعتمد ذلك على الجنس والعمر والتاريخ الطبي لكل شخص.
لكن تشير الأدلة إلى أن الأقحوان يمكن أن يسبب مشاكل في الهضم مثل الإسهال والإمساك والغثيان، أو قد يعطل دورات النوم لدى بعض الأفراد، ما يجعلهم يعانون من الأرق، أو حتى قد يسبب الدوار والإعياء وتغيرات الدورة الشهرية.
لذا من الضروري للنساء الحوامل والمرضعات والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة أن يتجنبوا استهلاك النبات، مع ضرورة مراجعة الطبيب قبل الاستهلاك للحصول على استشارة متخصصة.