بالرغم من محاولة الكثيرين التعايش مع الصداع النصفي، فإن نوباته يمكن أن تأتي في بعض الأحيان، دون سابق إنذار، إذ إنها تؤدي في غالبية الأوقات إلى إيقاف جميع أنشطة الشخص المصاب، وذلك بسبب الأعراض الجانبية التي يعاني منها، أبرزها حساسية الضوء، والدوار، والغثيان.
ويعد الصداع النصفي مرضاً عصبياً يمكن أن يؤدي إلى مجموعة واسعة من الأعراض إلى جانب آلام الرأس، بما في ذلك الإحساس بالتعب، وتشوُّش الرؤية، ومشاكل في الجهاز الهضمي والإسهال.
علاوة على ذلك، يؤثر الصداع النصفي بشكل مختلف من شخص إلى آخر، ونظراً إلى أن الأعراض المرتبطة به يمكن أن تختلف كثيراً، فإن التعافي منها أيضاً يختلف من شخص لآخر.
وحسب تصريح لطبيب الأعصاب الأمريكي ديفيد واتسون لمجلة "SELF" الأمريكية، يقول: "لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، والعلاج الناجح هو أمر فردي للغاية"؛ ما يعني أنه قد يتعين على المصابين بالصداع النصفي تجربة عدة طرق للعثور على طريقة تخفيف الآلام التي تساعده أكثر، إليكم بعض هذه الطرق في هذا المقال.
كيف يمكن تخفيف ألم الرأس؟
من مؤشرات الصداع النصفي هو تمركز الصداع في جزء واحد من الرأس، وأن يكون أكثر حدة من صداع الرأس العادي، إذ يرافقه شعور بالخفقان في الجزء المصاب بالألم.
تقول لورين آيمان، أخصائية الأعصاب التي تشرف على مركز الصداع والصداع النصفي وآلام الوجه في معهد ميشيغان للاضطرابات العصبية في أمريكا، إنه إذا عالجت ألم الرأس بشكل سريع، فإن الأعراض الأخرى المرتبطة به عادةً ما تتحسن أيضاً.
وتعتبر أفضل طريقة لعلاج آلام الرأس المصاحبة للصداع النصفي، وفقاً للدكتور واتسون، هي من خلال اتباع نظام الدواء المناسب، والذي يتم وصفه حسب الحالة، من طرف طبيب مختص في الصداع النصفي، أو طبيب الأعصاب.
في حين أن مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفةً طبية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين، يمكن أن تساعد الكثير من الأشخاص في الارتياح من الصداع، فقد يحتاج البعض أدويةً موصوفة، مثل الأدوية عن طريق الفم أو بخاخات الأنف أو حتى أنواع معينة من الحقن.
ما لا يقل أهميةً عن الأدوية في التخفيف من شدة ألم الرأس الذي يشعر معها المريض بالخفقان، هو العثور على مكان هادئ ومظلم للاسترخاء فيه.
يمكن أن يصبح الدماغ شديد الحساسية أثناء نوبة الصداع النصفي، لذا فإن التخلص من أي محفزات خارجية، مثل الضوضاء، يمكن أن يمنع الألم من التفاقم.
وقد يساعدك الحفاظ على رطوبة الجسم ووضع كمادات الثلج على الرأس في الارتياح بعض الشيء، وذلك لأن الجفاف يمكن أن يؤدي إلى جعل حالة الصداع النصفي أسوأ.
حل مشكلات الرؤية والدوار
أثناء نوبات الصداع النصفي، يمكن أن يشعر المصاب بالدوار الشديد، لدرجة الإحساس بأن الغرفة تدور فعلاً من حوله، مما يؤدي إلى فقدان توازنه.
وفقاً للدكتور واتسون، فإن أفضل طريقة للتخلص من الدوار هي الاستلقاء أفقياً حتى يستقر البصر، ثم يمكن بعد ذلك النهوض والاستمرار في القيام بمختلف الانشطة.
ويقول إن الضغط الذي يتعرض له الشخص في الحياة بشكل عام، واستمراره قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم الأعراض.
لذلك يجب الحرص على الاستلقاء أو أخذ قسط من الراحة على شكل قيلولة لمدة 30 دقيقة على الأقل، إذا أمكن، عند الإصابة بالصداع النصفي، وذلك لأن النوم مفيد جداً للدماغ والتقليل من الصداع.
ومع ذلك، فإن كثرة فترات القيلولة أو طول فتراتها يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى إرباك دورة النوم، مما قد يفاقم أعراض الصداع النصفي للعديد من الأشخاص المصابين بهذه الحالة. كما يقول الدكتور واتسون: "إذا بدا أن القيلولة تعيق نومك -لنفترض أنك تواجه مشكلة في الاستيقاظ وأنك تنام في ساعات العمل المعتادة- وأصابتك نوبة صداع نصفي بعد فترة وجيزة من قلة الراحة، فتخطَّ القيلولة تماماً واستلقِ ببساطة أفقياً".
وبما ان أعراض الصداع النصفي تختلف في شدتها، وإذا استمرت الرؤية المشوَّشة أو الدوار حتى مع مزيد من الراحة، فقد يكون الوقت قد حان لطلب المساعدة الطبية، التي قد توصي بإعادة التأهيل الدهليزي، وهو نوع من العلاج الطبيعي يستخدم تمارين التقوية والتمدد والموازنة، إلى جانب التدريب على حركة العين، لمعالجة الدوار والارتباك المرتبط بالصداع النصفي.
مشاكل الغثيان والقيء بسبب الصداع النصفي
عند الإصابة بالصداع النصفي، قد يتباطأ نظام الجهاز الهضمي لدى بعض الأشخاص، ما قد يسبب الغثيان والقيء والإسهال.
وحسب الدكتور واتسون، فإن مفتاح معالجة مشكلات الجهاز الهضمي المرتبطة بالصداع النصفي هو تغذية الجسم بالطاقة.
إذا كنت تتناول وجبة كبيرة قبل أو أثناء نوبة الصداع، فقد يظل الطعام لفترة طويلة في معدتك ولا يُهضَم بشكل صحيح.
على العكس من ذلك، إذا كنت لم تأكل أي شيء، فلن يكون هناك أي طعام في معدتك لإعادة تنشيط الأمعاء مرة أخرى بمجرد مرور نوبة الصداع.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت تتناول أي أدوية للصداع النصفي، فإن تناول بعض الطعام في معدتك سوف يضمن هضمها بشكل صحيح.
كما أن نوع الأطعمة والمشروبات التي يتناولها المريض يلعب دوراً أيضاً في مشاكل الجهاز الهضمي؛ إذ إن الكربوهيدرات العادية، مثل الحبوب أو البسكويت أو الخبز، تميل إلى أن تُهضَم بسهولة أكبر من الحمضيات ومنتجات الألبان والشوكولاتة، أما الزنجبيل والمشروبات الغازية مثل الصودا، فيمكن أن تهدئ اضطرابات المعدة أيضاً.
شرب الكثير من الماء والعصير والسوائل الأخرى يمكن أن يساعد كذلك في الهضم ويقي من مشكلات المعدة، وذلك لأن أعراض الجهاز الهضمي يمكن أن تؤدي إلى فقدان السوائل، ما قد يجعل الجسم أكثر عرضة للجفاف الذي يؤدي بدوره لتفاقم الصداع.
التخلص من التعب المستمر
غالباً ما تؤدي نوبات الصداع النصفي إلى الإحساس بالتعب لفترات طويلة، وقد يستغرق الامر يوماً أو أكثر لاستعادة الطاقة من جديد.
يمكن أن يحدث التعب مع شعور بالتشوُّش الذهني قبل نوبة الصداع النصفي أو أثناءها أو بعدها. تقول الدكتورة آيمان إن هذا يمكن أن يفسد تركيز وقدرة الشخص المصاب على التفكير بسرعة، ما قد يجعل الحياة اليومية، مثل العمل أو رعاية الأطفال، أمراً أصعب للغاية.
ورغم أن التمرينات الرياضية تبدو آخر شيء يريد المريض القيام به عند الشعور بالإرهاق الشديد أو تشوُّش الذهن، فإن بعض الحركة يمكن أن يكون مفيداً، طالما أن الشخص ليس في حالة ألم منهك.
يقول الدكتور واتسون: "أهم شيء يمكن أن يفعله الناس لمعالجة تشوُّش الذهن هو الخروج والتحرك، وأنت لست بحاجة إلى الركض على جهاز المشي، إذ يمكن أن تساعدك اليوغا أو التمدد أو المشي، على إبقائك نشيطاً".
فيما تقول آيمان: "أي شيء يساعد على زيادة معدل ضربات قلبك مفيد"، وبالطبع، إذا تسببت أنواع معينة من الحركة في ظهور أعراض الصداع النصفي سابقاً، فعليكَ الابتعاد عنها.
تقول آيمان إن الاستمرار في تناول الأطعمة المغذية طوال اليوم يمكن أن يقي في بعض الأحيان من الإحساس بالتعب؛ لذلك يجب التركيز على تناول البروتين والفواكه والخضراوات والكربوهيدرات الغنية بالألياف.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.