عندما نكون على فراش المرض، آخر ما نفكر فيه هو الأكل، وحتى إن أردنا ذلك، نكون غير قادرين على أكله، وكأن هناك حاجزاً يمنعنا عن إدخال أي شيء إلى معدتنا.
هذا الشعور طبيعي جداً، ويصيب عدداً كبيراً من المرضى، خصوصاً أولئك الذين يعانون من الحمى والأنفلونزا، ونزلات البرد الحادة، أو المصابين بمشاكل الغثيان والقيء المصاحبة للمرض.
أسباب ضعف الشهية عند المرض
عند المرض، يكون الجسم غير قادر على القيام بأي مجهود إضافي؛ مما يجعلنا نشعر بالرغبة في النوم وعدم القيام بأي نشاط، وذلك ببساطة، لأن الطاقة التي يستعملها عادة في مختلف أنشطة الأيام العادية، تكون موجهة لمحاربة المرض، ودعم الجهاز المناعي.
وخلال هذه المرحلة، والتي تتمثل في بداية المرض، فإن الجسم يكون غير قادر على القيام بعملية الهضم، والتي تتمثل في كونها مجهوداً كبيراً، وتحتاج الكثير من الطاقة؛ لذلك تكون رغبتنا في الأكل قليلة إلى منعدمة.
وحسب الدكتور دونالد دي هنسرود، رئيس قسم الطب الوقائي والطب المهني في "Mayo Clinic"، يقول إن الجسم في حالة المرض يعاني من عدة استجابات التهابية معقدة، وجزء من هذه الاستجابات، يتم إنتاج مواد كيميائية تسمى السيتوكينات، والتي لها مجموعة واسعة من التأثيرات وهي مسؤولة جزئياً عن ضعف الشهية.
وأضاف الدكتور دونالد أن التغيرات الهرمونية يمكن لها أن تلعب دوراً في ضعف الشهية وانعدام الرغبة في الأكل، ويختلف الأمر من مرض إلى آخر.
تناول الطعام يمكن أن يزيد من المرض!
بالإضافة إلى كون هضم الطعام يعتبر مجهوداً، لا يستطيع الجسم القيام به خلال المرض، فإن هناك بعض الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى ضعف الشهية.
من بينها هو عدم الرغبة في الأكل بسبب فقدان حاسة الذوق أو الشم، في حالات الأنفلونزا، أو بسبب الرغبة في القيء المستمر.
وقد يؤدي عدم الرغبة في الأكل إلى المساعدة على محاربة المرض، لأن هناك بعض الفيروسات والبكتيريا التي تتغذى على العناصر الغذائية التي يوفرها الطعام بعد دخوله الجسم، مما يجعلها تتكاثر، ويصعب محاربتها.
ولكن، وفي نفس الوقت، قد يؤدي عدم القدرة على الأكل، في حال طالت مدة المرض، إلى فقدان الوزن بشكل كبير؛ لأن الجسم يكون قد استنزف الكثير من طاقته التي كان يحتفظ بها سابقاً.
هل تناول الدواء يساعد على فتح الشهية؟
يبدأ الشخص المريض بالشعور تدريجياً بالرغبة في الأكل بعد تناول الدواء؛ إذ يظن البعض أن السبب في ذلك هو التعافي السريع من الحالة التي يعاني منها المريض.
إلا أن الأمر مختلف تماماً، والسبب هو أن الجسم في هذه المرحلة يكون قادراً على أخذ قسط من الراحة، والتوقف عن محاربة المرض، من خلال دعم الجهاز المناعي.
وفي هذه الحالة، يكون قادراً على استقبال الطعام، وتسخير مجهوده في عملية الهضم، لأن دور محاربة الفيروسات يتحول إلى مفعول الدواء في الجسم.
لكن يجب أخذ بعين الاعتبار أنه على المريض شرب كميات كبيرة من الماء، لتفادي حالة الجفاف، خصوصاً أن الماء لا يحتاج إلى الهضم، ولا يحول طاقة الجسم المسخرة لمحاربة المرض.
دائماً ما ينصح الأطباء المرضى بتناول أطعمة سهلة الهضم، خلال مرحلة العلاج؛ مثل الحساء، والخبز المحمص، وذلك لكي لا يكون الجسم في حاجة لتوليد طاقة أكبر من أجل هضم الأكل الثقيل، والذي يحتوي على كميات كبيرة من الدهون.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.