هل فكرت مسبقاً بالسؤال التالي: لماذا نمرض أكثر في فصل الشتاء؟ تنتشر الجراثيم والفيروسات بشكل أسرع في هذا الفصل، لكن إحدى الدراسات أشارت إلى سبب مختلف ربما لم يخطر ببالنا من قبل، ألا وهو ضعف الاستجابة المناعية "للأنف" عند انخفاض درجات الحرارة.. كيف؟ تعالوا نشرح لكم أكثر:
لماذا نمرض في الشتاء؟ الأنف، كلمة السر
أجريت دراسة فريدة من نوعها في جامعة نورث إيسترن ومستشفى Mass Eye and Ear ماس آي آند إير الجامعي التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد، وقد خلص العلماء من تلك الدراسة إلى أن درجات الحرارة المنخفضة تساهم في خفض الاستجابة المناعية لأنوفنا؛ ومن ثم يمنح هذا الجراثيمَ فرصة أفضل للانتشار وإصابة بقية الجسم، وهذا يفسر لنا- وفقاً للعلماء- سبب ارتباط كثير من أمراض الجهاز التنفسي بالشتاء.
في عام 2018، نشر عديد من الباحثين دراسات تشير إلى أن الجسم يمتلك خطاً دفاعياً أول ضد البكتيريا الخطيرة التي تدخل إلى الجسم عن طريق الأنف. وهذا الخط الدفاعي عبارة عن خلايا قريبة من مقدمة الأنف تنفث أكياساً مملوءة بالسوائل تسمى الحويصلات الخارج خلوية في المخاط لتلتقط البكتيريا.
ويبدو أن هذه الأكياس تنشر البروتينات المضادة للميكروبات في كامل الأنف، وهذا يساعد بالتالي على حماية الخلايا الأخرى من الأذى عندما تلامسها البكتيريا.
لكن في دراسة جديدة، نُشرت في مجلة الحساسية والمناعة السريرية يوم الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2022، أراد العلماء معرفة ما إذا كان الأنف يطلق آلية دفاع مماثلة ضد الفيروسات.
وفحص الباحثون عينات في المختبر مأخوذة من أشخاص أصحاء ومرضى يخضعون لعملية جراحية. ووجدوا أن الخلايا الأنفية تنشر الحويصلات الخارج خلوية استجابة لإصابة فيروسية وهمية. وحين عرَّضوا الخلايا لثلاثة فيروسات تسبب عادةً نزلات البرد الشائعة (فيروس الزكام وفيروس كورونا)، أمسكت بها الحويصلات. ووجدوا أيضاً أن هذه الآلية الدفاعية تنشط باستخدام مسار مختلف عن الطريقة التي تنتشر بها الحويصلات خارج الخلية لمهاجمة البكتيريا. إذ تحولت الحويصلات الخارج خلوية إلى ما يشبه أفخاخ، لأنها كانت تحمل مستقبلات تلتصق بها الفيروسات عوضاً عن ملاحقة الخلايا.
وعادةً ما تكون التهابات الجهاز التنفسي أكثر شيوعاً خلال الفترات الباردة من العام. ويُعتقد أنه توجد عدة أسباب وراء هذه العلاقة بين الإصابة وفصل الشتاء، مثل ازدحام المنازل بالأشخاص ليحافظوا على دفئهم. لكن الفريق أراد اختبار ما إذا كان للبرد تأثير مباشر على هذه الآلية الدفاعية أيضاً.
وعرّضوا متطوعين أصحاء لطقس بارد نسبياً (نحو 4 درجات مئوية) لمدة 15 دقيقة، وقاسوا التغير في درجة الحرارة داخل الأنف، ووجدوا أنها انخفضت بنحو -12 درجة مئوية. وعرَّضوا الخلايا بعدها لهذه الحرارة. ومقارنة بظروف الحرارة الطبيعية، لم تكن الاستجابة المناعية الفطرية للأنف ضد الفيروسات قوية في درجات الحرارة الجديدة، إذ أنتجت الخلايا حويصلات خارج خلوية أقل مما تنتجه في المتوسط.
لكن لا نزال بحاجة إلى مزيد من البحث
وفقاً لما ورد في موقع Gizmodo الأمريكي، فإن من الضروري تأكيد هذه النتائج بدراسات أخرى قبل الموافقة عليها، فمن الوارد وجود عوامل أخرى وراء ارتباط فيروسات الجهاز التنفسي بفصل الشتاء. إذ وجدت دراسات أخرى عن الإنفلونزا، على سبيل المثال، أن الرطوبة تساهم بدور رئيسي في انتقالها، فالأجواء الحارة والرطبة أو الباردة والجافة هي الأمثل لانتشار الفيروس. وبعض فيروسات البرد تكون أكثر شيوعاً في فصل الصيف. لكن النتائج هذه الدراسة تشير إلى أن البيولوجيا تساهم بدور رئيسي في توقيت تعرضنا لهذه الجراثيم، وفقاً لما يقوله الباحثون.
ما فائدة هذه الدراسة؟
وفقاً للعلماء فقد نودّع أعراض البرد المزعجة إلى الأبد لو ثبتت صحة النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسة، ففي هذه الحالة قد تتطور الطرق التي نواجه بها نزلات البرد بشكل جذري.
ووفقاً للباحثين فمن المحتمل أن نتمكن يوماً من صنع بخاخات أنف تعزز إمداد الأنف بالحويصلات الخارج خلوية خلال فصل الشتاء؛ الأمر الذي قد يقينا من نزلات البرد. وفي الوقت نفسه، يخطط الباحثون لاختبار ما إذا كانت هذه الآلية الدفاعية تنشط ضد مسببات الأمراض الأخرى.
كيف أواجه نزلات البرد؟
وإلى أن يتوصل العلماء لطريقة تقينا من التعرض لنزلات البرد المزعجة في فصل الشتاء، قد تساعدك هذه النصائح في الوقت الحالي في التعامل مع الأمر:
– التوقف عن التدخين.
– شرب كثير من السوائل، التي قد تكون بديلاً لتناول أدوية البرد.
– غسل اليدين باستمرار؛ لتجنب انتشار الجراثيم.
– استخدام الرذاذ الأنفي، إذ يمكنه أن يكون علاجاً لنزلات البرد.
– الراحة خلال النهار، والنوم فترة طويلة خلال الليل.
– تهدئة الحلق باستخدام الوصفات المنزلية مثل الثلج المجروش مخلوطاً مع العسل.
كذلك فإن الأدوية المضادة للفيروسات يمكنها أن تقلل من قدرة الفيروسات على التكاثر، ويعتبرها مركز السيطرة على الأمراض CDC في أمريكا بمثابة خط الدفاع الثاني ضد الإنفلونزا، في حين يعتبر الحصول على اللقاح السنوي هو خط الدفاع الأول وأقوى علاج للبرد.
يمكن تناول الأدوية المضادة للفيروسات عند بداية الإصابة بالإنفلونزا، فهي تساعد على تقليل شدة المرض وأعراضه. كما يمكن أن تستخدم للوقاية من الإصابة بالإنفلونزا، ولكنها ليست بديلاً من اللقاح.
كغيرها من الأدوية، فلتناول الأدوية المضادة للفيروسات بعض الأعراض الجانبية، من بينها العصبية، وضعف التركيز، والقيء، والغثيان، والإسهال، لذلك احرص على استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء.