لا شكَّ في أن التبول على نفسك في أوقات غير مناسبة أمرٌ مزعج ومصدر للقلق، فالنشاطات التي قد تبدو بسيطة مثل الضحك في أثناء تناول العشاء مع الأصدقاء، يمكن أن تتحول إلى كارثة، لأنها قد تكون محفزاً محتملاً لتسرب البول، إذاً ما هو سلس البول، وما أسبابه وما أفضل طرق علاجه؟
إليك ما يجب أن تعرفه إذا كنت تتعامل مع هذه المشكلة، وما يمكنك فعله لاستعادة السيطرة على حياتك (ومثانتك).
ما هو سلس البول؟
يقول موقع Mayo Clinic الطبي الأمريكي إن سلس البول هو فقدان القدرة على التحكم في المثانة، وهي مشكلة شائعة وغالباً ما تكون محرجة.
وتتراوح حدَّته بين تسريب البول من حين لآخر في أثناء السعال أو العطس، إلى الشعور برغبة مُلحّة في التبول بشكل مفاجئ وقوي لدرجة أنك قد لا تصل إلى المرحاض في الوقت المناسب.
وعلى الرغم من حدوثه في كثير من الأحيان مع التقدم في السن، فإن سلس البول ليس نتيجة حتمية للشيخوخة.
في حال كان سلس البول يؤثر على أنشطتك اليومية، فلا تتردد في زيارة الطبيب، ففي معظم الحالات، يمكن أن تؤدي تغييرات بسيطة في نمط الحياة والنظام الغذائي أو الرعاية الطبية إلى علاج أعراض سلس البول.
ويحدث سلس البول عندما يؤدي البول إلى زيادة الضغط على البطن والمثانة، مما يؤدي إلى فتح عضلات المصرة -العضلات الدائرية في مجرى البول التي تتحكم في مرور البول- لفترة وجيزة، مما يسمح بقليل من التبول. أما مع سلس البول الإجهادي، ينتج الضغط عن أنشطة "قوية" مثل العطس أو السعال أو الضحك أو ممارسة الرياضة.
أسباب سلس البول
من الممكن أن ينتج سلس البول عن العادات اليومية، أو حالات طبية كامنة، أو مشكلات بدنية، ولهذا فإن التقييم الجيد من طبيبك يمكنه المساعدة في تحديد السبب الكامن لسلس البول.
سلس البول المؤقت
قد يكون لبعض المشروبات والأطعمة والأدوية أثر مُدر للبول، حيث تحفز المثانة على زيادة كمية البول، وتشمل ما يلي:
- الكحوليات
- الكافيين
- المشروبات الغازية والمياه الفوارة.
- المُحليات الاصطناعية
- الشوكولاتة
- الفلفل الحار
- الأطعمة المُحلاة أو الحامضة، خاصةً الفواكه الحمضية.
- أدوية القلب وضغط الدم والمهدئات ومُرخيات العضلات.
- الكميات الكبيرة من فيتامين C.
قد ينتج سلس البول كذلك من الحالات الطبية سهلة العلاج كما يلي:
التهاب المسالك البولية: يمكن أن تسبب الالتهابات تهيجاً للمثانة، ومن ثم الشعور بحاجة مُلحة للتبوّل، وأحياناً سلس البول.
الإمساك: يقع المستقيم إلى جوار المثانة ويتشارك معها في العديد من الأعصاب، ويسبب البراز الصلب والملبد في المستقيم نشاطاً مفرطاً لهذه الأعصاب ويزيد من معدل التبوّل.
سلس البول المستمر
قد يكون سلس البول أيضاً حالة مستمرة ناتجة عن مشكلات بدنية كامنة أو تغيرات جسمانية، ومنها:
الحمل: قد تسبب التغيرات الهرمونية وزيادة حجم الجنين سلس البول الإجهادي.
الولادة: قد تُضعِف الولادة الطبيعية العضلات المطلوبة للتحكم في المثانة، وتتلف أعصاب المثانة والأنسجة الداعمة لها، ما يؤدي إلى تدلي القاع الحوضي، وفي حالة التدلي، قد تندفع المثانة أو الرحم أو المستقيم أو الأمعاء الدقيقة إلى أسفل عن الوضع المعتاد لها وتبرز داخل المهبل، وقد يكون ذلك البروز مرتبطاً بسلس البول.
التغيرات المصاحبة للعمر: قد يؤدي تقدم عضلة المثانة في العمر إلى تقليل سعة تخزين البول في المثانة، كما يمكن أن تكون تقلصات المثانة اللاإرادية أكثر تكراراً مع التقدم في العمر.
انقطاع الطمث: بعد انقطاع الطمث، تنتج أجسام النساء كميات أقل من هرمون الإستروجين الذي يساعد في الحفاظ على صحة بطانة المثانة والمستقيم، وقد يؤدي تدهور حالة تلك الأنسجة إلى تفاقم سلس البول.
تضخم البروستاتا: غالباً ما ينتج سلس البول، خاصةً عند الرجال الأكبر سناً، عن تضخم غدة البروستاتا، وهي حالة تُعرف باسم تضخم البروستاتا الحميد.
سرطان البروستاتا: وقد يكون سلس البول الإجهادي أو الإلحاحي لدى الرجال مرتبطاً بسرطان البروستاتا الذي لم يعالَج، ولكن في الأغلب، يكون سلس البول أثراً جانبياً لعلاجات سرطان البروستاتا.
الانسداد: يمكن أن يتسبب وجود ورم بأي مكان على طول المسالك البولية في منع التدفق الطبيعي للبول، مما يؤدي إلى سلس البول الفيضي، وأحياناً ما تسبب حصوات البول، وهي تكتلات صلبة أشبه بالحجارة تتكون في المثانة، تسرّب البول.
الاضطرابات العصبية: قد تؤثر أمراض مثل التصلب المتعدد أو مرض باركنسون أو السكتة الدماغية أو ورم المخ أو إصابة الحبل النخاعي على إشارات الأعصاب المشتركة في التحكم بالمثانة، ما يسبب سلس البول.
علاج سلس البول
هناك العديد من العوامل المختلفة التي سيأخذها طبيبك في الاعتبار عند إنشاء خطة علاج لسلس البول لديك، ومن ثم فإن للعلاج عدة طرق، وهي وفقاً لما ذكره موقع Cleveland Clinic الطبي الأمريكي:
أدوية لعلاج سلس البول
هناك عدد غير قليل من الأدوية التي يمكن أن تقلل من التسرب، تعمل بعض هذه الأدوية على استقرار تقلصات العضلات التي تسبب مشاكل مع فرط نشاط المثانة.
الأدوية الأخرى تفعل الشيء المعاكس في الواقع: إرخاء العضلات للسماح لمثانتك بالتفريغ تماماً.
يمكن أن تساعد العلاجات البديلة بالهرمونات- التي غالباً ما تتضمن استبدال هرمون الإستروجين الذي انخفض في أثناء انقطاع الطمث- في استعادة وظيفة المثانة الطبيعية.
تغييرات في نمط الحياة لإدارة سلس البول
في بعض الأحيان، هناك تغييرات في حياتك اليومية يمكن أن تساعد بالفعل في علاج سلس البول.
غالباً ما تتضمن هذه التغييرات تمارين يمكنك القيام بها لتقوية عضلات قاع الحوض، وتغييرات في عاداتك الطبيعية، ونظاماً غذائياً محسناً.
يلاحظ بعض الأشخاص تحسناً من خلال إجراء هذه التغييرات في المنزل ولا يحتاجون إلى علاج إضافي.
تحدث إلى طبيبك حول خيارات العلاج المنزلي لسلس البول قبل البدء في أي منها، فيما قد لا تتمكن من علاج جميع أنواع سلس البول بهذه التغييرات في نمط الحياة.
يمكن أن تتضمن تغييرات نمط الحياة للمساعدة في تحسين سلس البول، ما يلي:
إفراغ مثانتك وفقاً لجدول زمني منتظم: يُطلق عليه اسم "الإبطال الموقوت"، أي ممارسة الذهاب إلى الحمام وفقاً لجدول زمني منتظم بدلاً من انتظار الرغبة في الذهاب.
إفراغ مثانتك قبل ممارسة الأنشطة البدنية: إذا كنت تخطط لممارسة الرياضة أو القيام بنشاط بدني، فخطِّط لتفريغ مثانتك قبل بدء النشاط؛ لتجنب التسرب.
تجنب رفع الأشياء الثقيلة: إذا كنت بحاجة إلى نقل شيء كبير، فاستعن بشخص إضافي لمساعدتك.
ممارسة التمارين: يمكن لممارسة تمارين كيجل بانتظام، المساعدة في تقوية عضلات قاع الحوض.
تجنب شرب الكافيين أو الكثير من السوائل: إذا كنت تعاني من التبول المتكرر والتسرب في الليل، فقد ترغب أيضاً في تجنب شرب المشروبات قبل النوم مباشرة.
التدريبات: تدريب المثانة للمساعدة في إطالة الفترة الزمنية بين كل رحلة إلى الحمام، الهدف من تدريب المثانة هو محاولة الانتظار فترة أطول قليلاً بين التبول في كل مرة لبناء القوة.
الحفاظ على وزن صحي: يمكن أن تكون زيادة وزن الجسم أحد أسباب سلس البول. من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، يمكنك تقليل خطر الإصابة بسلس البول.
علاج سلس البول من خلال الجراحة
إذا فشلت خيارات العلاج غير الجراحية الأخرى في علاج سلس البول، فهناك العديد من الإجراءات التي قد يقترحها طبيبك، تتراوح هذه الإجراءات بين الحقن البسيط والعمليات الجراحية الأكثر تعقيداً.
ويمكن أن تشمل إجراءات علاج سلس البول ما يلي:
العوامل المتضخمة: خيار العلاج هذا عبارة عن حقنة تُستخدم عادةً في النساء المصابات بسلس البول الإجهادي، يتم حقن مادة دائمة في بطانة الإحليل؛ للمساعدة في زيادة حجم بطانة الإحليل.
حقن توكسين البوتولينوم (البوتوكس): قد تفكر في البوتوكس كعلاج تجميلي، ولكن يمكن أيضاً استخدامه لإرخاء العضلات في جسمك. قد يقوم مزودك بحقن البوتوكس في مثانتك للمساعدة في إرخاء العضلات، مما يساعد في سلس البول.
أجهزة التعديل العصبي: يمكن زرع أجهزة تنظيم ضربات القلب التي تحفز أعصاب المثانة لتحسين التحكم. علاوة على ذلك، يمكن تحفيز العصب القريب من الكاحل لتحقيق تحكم أفضل في المثانة.
إجراءات حبال: هناك إجراءات حبال لعلاج سلس البول لكل من الرجال والنساء، عند النساء، عادةً ما يتم استخدام مادة اصطناعية أو شريط من الأنسجة الخاصة بك لدعم قناة مجرى البول.
المصرة الإحليلية الاصطناعية: هي جهاز يستخدم في الرجال المصابين بسلس البول الإجهادي الذي يتم وضعه لإغلاق الإحليل عند عدم التبول، ويتم استخدامه عادةً للتسرب بعد جراحة سرطان البروستاتا.
عوامل الخطر لسلس البول
من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسلس البول، ما يلي:
جنس الشخص: النساء أكثر عرضة للإصابة بسلس البول الإجهادي. ويرجع ذلك لعدة أسباب، منها الحمل والولادة وانقطاع الطمث والتشريح الطبيعي للأنثى، غير أن الرجال أيضاً الذين لديهم مشاكل في غدة البروستاتا تزداد لديهم مخاطر سلس البول الإلحاحي والفيضي.
العمر: كلما تقدم العمر، تفقد عضلات المثانة والإحليل بعض قوتها، حيث تقلل التغيرات الناتجة عن التقدم في العمر من قدرة المثانة على التحكم، وتزيد من فرص انفلات البول لا إرادياً.
زيادة الوزن: يزيد الوزن الزائد من الضغط على المثانة والعضلات المحيطة بها، مما يضعفها ويسمح للبول بالتسرب للخارج عند السعال أو العطس.
التدخين: قد يزيد التدخين من خطر الإصابة بسلس البول.
التاريخ العائلي: في حال إصابة أحد أفراد العائلة المقربين بسلس البول، خاصةً السلس الإلحاحي، تزداد مخاطر الإصابة بهذه الحالة.
الوقاية من سلس البول
لا تكون الوقاية من سلس البول ممكنة على الدوام، ولكن يمكنك فعل ما يلي لتقليل مخاطر الإصابة بتلك الحالة:
1- الحفاظ على وزن صحي.
2- ممارسة تمارين القاع الحوضي.
3- تجنب مهيجات المثانة مثل الكافيين والكحوليات والأطعمة الحمضية.
4- تناول مزيد من الألياف التي يمكنها منع الإمساك، فهو أحد مسببات سلس البول
5- عدم التدخين، أو طلب المساعدة للإقلاع عنه إن كنت مدخناً.
المزيد من الناس يواجهون سلس البول الإجهادي أكثر مما تعتقد
تعاني واحدة من كل ثلاث نساء تقريباً من سلس البول في مرحلة ما من حياتها، وفقاً لمؤسسة الاعتناء بأمراض المثانة، ويمكن أن يحدث ذلك في أي عمر.
يحدث سلس البول الإجهادي عندما تصبح عضلات قاع الحوض -وهي مجموعة عضلات تشبه الأرجوحة تدعم المثانة والمستقيم والرحم- مشدودة أو تالفة أو تضعف، أو عندما يكون مجرى البول، وهو الأنبوب الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم- لا يمكن الإغلاق بالكامل أو كليهما.
أحد الأسباب التي تجعل الإناث أكثر عرضة للإصابة بهذه المشكلة هو أن مجرى البول لديهن أقصر بكثير مقارنة بالذكور.
وجود مجرى البول الأقصر يُترجم عموماً إلى قوة عضلية أقل، مما يعني أن أي ضرر أو ضعف في المنطقة يمكن أن يجعل من الصعب التحكم في تدفق البول، وفقاً لمكتب البحوث حول صحة المرأة.
سبب كبير آخر هو أن الإناث أكثر عرضة للإصابة بسلس البول الإجهادي هو الحمل والولادة.
يمكن أن يؤدي إنجاب طفل إلى إضعاف عضلات قاع الحوض المسؤولة عن تثبيت الأعضاء في مكانها، مثل المثانة، ويمكن أن تضغط على الأعصاب التي تشير إلى النشاط لإخراج البول أو تصيبها.
بالنسبة لكبار السن، قد يكون انقطاع الطمث هو السبب أيضاً، حيث يُعتقد أن التغيرات الهرمونية تؤثر على عضلات الحوض، والتي يمكن أن تؤدي إلى سلس البول.
على أية حال، فإن "سلس البول ليس طبيعياً أو مجرد جزء من الشيخوخة. إنه أمر شائع جداً -ربما أكثر شيوعاً مما يعتقده معظم الناس- ولكن الكثير من الناس يعانون من ذلك في صمت.
علاج سلس البول للنساء
تقول ميراندا هارفي، مديرة التعليم في أكاديمية العلاج الطبيعي لصحة الحوض، لمجلة Self الأمريكية: "الولادة هي ببساطةٍ أحد العوامل المساهمة أو عامل الخطر".
في حين تشمل عوامل الخطر الأقل وضوحاً، مرض الانسداد الرئوي المزمن، والحساسية، والإمساك، والتي يمكن أن تسبب جميعها سعالاً أو إجهاداً متكرراً وقوياً يمكن أن يضعف عضلات الحوض هذه بمرور الوقت، على حد قول هارفي.
يمكن أيضاً أن تكون بعض العمليات أو العلاجات الطبية، مثل جراحة الحوض(استئصال الرحم أو نحو ذلك أو علاج سرطان عنق الرحم أو سرطان بطانة الرحم بالإشعاع، من عوامل الخطر المحتملة.
ويمكن أن تؤثر كل هذه الأشياء على كيفية تواصل الأعصاب مع المثانة والإحليل، إضافة إلى الدعم المناسب للأنسجة وعضلات قاع الحوض.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.