تعيش العديد من النساء خلال منتصف العمر مشكلة تراكم الدهون في منطقة البطن، وهو أمر طبيعي، ليس له علاقة بالسلوك الغذائي الخاطئ، أو بمرض السمنة، بل هو تغير فيسيولوجي طبيعي تعيشه أغلب النساء في هذه المرحلة العمرية.
ويعتبر السبب الأول لتراكم الدهون في وسط الجسم عند النساء، هو فترة ما قبل انقطاع الطمث، التي تبدأ خلال 54 و55 سنة، وينتج عنها خلل في توزيع الدهون.
انقطاع الطمث سبب تراكم الدهون حول البطن
حسب صحيفة The New York Times، قالت الدكتورة فيكتوريا فييرا بوتر، أستاذ مساعد في فسيولوجيا التغذية والتمارين الرياضية بجامعة ميزوري، إن التغير الهرموني الذي تعيشه المرأة في الفترة ما قبل انقطاع الطمث، والتي قد تدوم مدة 7 سنوات، إضافة إلى تقلبات المزاج، وعدم انتظام الدورة الشهرية، يؤدي إلى مجموعة تغيرات في الجسم، من بينها تراكم الدهون بداية في الفخذين والوركين، ثم تنتقل وتترسب في منطقة حول البطن.
كما أن انخفاض هرمون الإستروجين، وتزايد الكورتيزول، وهو الهرمون الذي ينتجه الجسم في حالات الضغط، يعتبر من أسباب تراكم دهون البطن.
وتختلف الدهون المتراكمة على مستوى البطن، أو الدهون الحشوية، عن الدهون الموجودة بالقرب من الجلد، فهي دهون تتمركز في مكان أعمق في البطن وتحيط بأعضاء الجسم، إذ من الممكن أن تسبب عدة أمراض خطيرة، من بينها أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان، حتى وإن كانت هذه الدهون قد تشكلت بشكل طبيعي.
12 عاماً لدراسة تغير مكان استقرار الدهون
في دراسة نُشرت عام 2021، تابع عدد من الأطباء، من بينهم جيل جريندال، الأستاذة بجامعة ديفيد غيفين في كاليفورنيا، 380 امرأة في منتصف العمر من بوسطن ولوس أنجلوس، على مدى 12 عاماً، من أجل معرفة ما إذا كان هناك تغيرات في أمكنة تخزين الدهون خلال هذه السنوات، خصوصاً في مرحلة انقطاع الدورة الشهرية.
وبالرغم من اختلاف العرق، لكن النتائج الإجمالية كانت متقاربة، إذ تبين أن الدهون تقل في منطقتي الفخذين والوركين، وتتزايد عند منطقة البطن، كلما اقتربت مرحلة الطمث.
وحسب الدراسة نفسها، بالنسبة للنساء صاحبات البشرة البيضاء والسمراء، لم يعرفن تغيرات كبيرة خلال سنوات المتابعة الطبية، فيما زادت دهون البطن بنسبة 24% عند صاحبات البشرة البيضاء، و17% عند صاحبات البشرة السمراء، وتزايدت نسبة الدهون المتراكمة خلال السنوات الأخيرة قبل انقطاع الدورة الشهرية، فيبدأ الجسم بالتحول إلى شكل التفاحة بدلاً من شكل الكمثرى.
وحسب مجلة healthfully الطبية، يمكن أن يكون السبب وراء تكتل الدهون خلال هذه المرحلة من العمر في البطن، هو أن هذه المنطقة تعرف حركة قليلة، مقارنة ببقية أجزاء الجسم مثل الذراعين والساقين، لذلك يختار الجسم هذا الجزء من أجل عملية التخزين.
أما الباحثون، حسب ما ذكرته الدكتورة جيل، فلم يتوصلوا بعد للسبب الرئيسي وراء عملية تخزين الدهون هذه، لكن الشيء المؤكد أنه يجب مراقبتها بشكل مستمر من أجل تفادي الإصابة بأمراض مزمنة، لأن هناك أسباباً أخرى تسبب في تزايدها بعيداً عن انقطاع الطمث، من بينها التوتر والقلق، وقلة ممارسة الرياضة، واتباع حمية غذائية سيئة.
أما فيما يخص الدهون المتراكمة في منطقة الفخذين والوركين، والتي تجعل الجسم يبدو مثل الكمثرى، من الممكن أن تكون سبباً في الوقاية من السكري ومرض القلب.
الحمية والرياضة للحماية من الأمراض المزمنة
كشفت الدكتورة جييل أن الحلول المنتشرة عبر الإعلانات عن تقليص دهون منطقة البطن، غالباً لا تكون مجدية بالنسبة للنساء في منتصف العمر، لأن السبب وراء تراكم هذه الدهون عندهن هو انقطاع الطمث، وليس لسبب آخر كما هو الحال عند بقية النساء، مشيرة إلى أنه لا يمكن الترويج لأي نوع من الحلول حالياً، دون معرفة كيفية تراكم هذه الدهون.
وبالرغم من أن ممارسة الرياضة لا تساعد على حرق دهون البطن الحشوية، فإن ممارستها بشكل منتظم، بمعدل ساعتين إلى خمس ساعات في الأسبوع، يساعد على التصدي للتغيرات المزاجية خلال فترة انقطاع الطمث، والحفاظ على كتلة العضلات والعظام، ومنع الإصابة بمرض القلب والسكري، المرتبطان بدهون البطن.
كما أن الوقاية من هذه الأمراض من الممكن أن تكون عن طريق اتباع الحمية التي تعتمد على الخضر، والفواكه، والأسماك، والحبوب الكاملة، ومشتقات الحليب منخفضة الدسم، وتسمى بحمية "البحر الأبيض المتوسط".
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.