إذا كنت ممن يداومون على ارتياد صالة الألعاب الرياضية لبناء العضلات، أو كنت من أصحاب البنية الجسدية القوية الذين يحرصون على لياقتهم البدنية، مع وضع هدف يومي متمثل في السير لـ10 آلاف خطوة على الأقل، فإنك بالأحرى قد دار في ذهنك هذا التساؤل، هل: المشي يبني العضلات؟
وعلى كل حال، يُعدّ المشي التمرين الأساسي في المطلق، وهو بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يواجهون معاناة مع رفع الأثقال أو تمارين الكارديو عالية الكثافة، يمثل الشكل الوحيد من التمارين التي يستطيعون أداءها.
هل المشي يبني العضلات؟
يعتبر المشي، وفقاً لما ذكره موقع Live Science الأمريكي، شكلاً من أشكال تدريبات الكارديو منخفضة الكثافة، لأنه يقع ضمن فئة تمرينات التحمل، التي يُعرف عنها أنها تبني الألياف العضلية بطيئة الانقباض، وهي الألياف التي تُستخدم في الغالب لفترات النشاط المستمر.
قد يلاحظ الأشخاص زيادة طفيفة في حجم الساق بعد المشي؛ نظراً إلى أن الساقين "تنتفخان" للحصول على العناصر الغذائية والتخلص من الفضلات، مثل حمض اللبنيك.
ولعل هذا ما يفسر ضخامة الساقين بعد المشي الاعتيادي حول الحديقة القريبة من المنزل، لكن للأسف لا يدوم التغير في حجم الساق لمدة أكثر من ساعة.
ومع ذلك، يُنصح بمواصلة المشي لمدة طويلة بانتظام، وسوف يبقى حجم الساق هكذا، وذلك وفقاً لما توصلت إليه دراسة أُجريت عام 2018 عن طريق جامعة ناغويا اليابانية، وأفادت بأن جودة العضلات تحسَّنت بين 31 مشاركاً بعد أن انتظموا في المشي يومياً لمدة 30 دقيقة على مدى 10 أسابيع.
لذا في حين أنك لن تبني عضلات ساقيك لتصبح كبطل أثقالٍ أوليمبي عن طريق المشي فقط، توجد عضلات يمكن بناؤها عن طريق هذه الرياضة.
ما هي العضلات التي تعمل أثناء المشي؟
بما أنّ المشي يُعتبر أحد أكثر طرق التمرين شيوعاً، فإنه يمكن تصميم برنامج المشي، ليناسب أي مستوى لياقة، وكونه تمريناً منخفض التأثير يجعله مناسباً لكل فئة عمرية تقريباً.
يمكن لبرنامج المشي المنتظم أن يحسن الكوليسترول، ويخفض ضغط الدم، ويحسن قوة العظام، ويمنع زيادة الوزن، إلى جانب فوائده الصحية العديدة، فإن المشي يعمل أيضاً على تمرين عضلات مختلفة.
وتشمل العضلات الأساسية المستخدمة في المشي، وفقاً لما ذكره موقع Physiopedia، عضلات الفخذ الرباعية، وأوتار الركبة، وعضلات الربلة والورك، كما تلعب عضلات البطن والألوية أيضاً دوراً مهماً في الحركة الأمامية.
الألوية الكبيرة، الألوية المتوسطة، الفوقية، أوتار الركبة، عضلة الساق، والبطن والظهر هي العضلات الأساسية التي تعمل أثناء المشي.
في حين أنّ الجزء العلوي من الجسم، مثل عضلات الذراعين والكتفين، لا تتأثر بالمشي.
هل يمكن حرق الدهون عن طريق المشي؟
الجواب هو "نعم" بكل تأكيد، إذ إنّ المشي يساعد على حرق مزيد من السعرات الحرارية.
وفي الواقع، فإن المشي مسافة 2 كيلو متر، تساعدك على حرق 100 سعرة حرارية، حسب الجنس والوزن.
ووفقاً لما ذكره موقع Health Line الطبي الأمريكي، فإنّ المشي يعتبر من أكثر الطرق فاعلية لحرق دهون البطن.
كما يساعد المشي المنتظم في الحفاظ على الكتلة العضلية في المعدة، إذ إن العضلات، على عكس الدهون، تكون نشطةً أيضياً، مما يعني أنك تحرق مزيداً من السعرات الحرارية إذا اتبعت الأمر على أساس يومي.
تعزيز بناء العضلات أثناء المشي
يُنصح بدمج الفواصل عن طريق التبديل بين المشي بوتيرة ثابتة والمشي السريع، وبين الركض الخفيف والعدو السريع.
سوف يحمل هذا فوائد متعددة لقدرة تحمل القلب والأوعية الدموية وزيادة القوة من خلال إشراك الألياف العضلية سريعة الانقباض.
يمكنك كذلك التوقف أثناء المشي بهدف إضافة بعض التمارين التي تعتمد على وزن الجسم، مثل تمارين الطعنات أو الاندفاع، أو تمارين القرفصاء، أو تمارين الضغط، أو تمارين البلانك.
حاول ممارسة تمارين صغيرة لـ20 إلى 30 ثانية من فواصل تمارين القوة التي تعتمد على وزن الجسم، وأدخلها مع تمرين المشي الخاص بك؛ لتعزيز أثر التمرين المتبادل.
أو بدِّل اتجاه المشي عن طريق إضافة فواصل من المشي للوراء أو المشي بالجانب من أجل تحسين التوازن والاستقرار.
كما توجد طريقة رائعة أخرى لتعزيز بناء العضلات، وهي الابتعاد عن الطرق المستوية واستبدالها بالمنحدرات.
فوائد المشي الأخرى
إذا ما قمنا بالبحث عن فوائد المشي، فإننا سنجد الكثير والكثير من المنافع الجسدية والذهنية، وليس غريباً أنّ يسميه العالم أبقراط أنه أفضل دواء للإنسان، لذلك سنقدم لك أبرز الفوائد للمشي اليومي.
نوم أفضل في المساء
وفقاً لما ذكره موقع Stuff النيوزلندي، فإن من يمشون 7000 خطوة في اليوم أو أكثر أبلغوا عن أنهم يحظون بنومٍ أفضل كثيراً، بل إن المشي لمسافات قصيرة يومياً يمكن أن يساعد أيضاً.
لذا، فإن كنت مستريحاً فستزيد احتمالية ارتفاع النشاط البدني، وإن كنت نشطاً على المستوى البدني فستزيد احتمالية أن تصبح متعباً، وبالتالي ستنام أفضل.
انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسرطان، والسكري
إلى جانب المساعدة على تحسين تدفق الدم (وضخ مزيد من المغذيات والأوكسجين إلى أعضائنا)، يزيد المشي من معدل ضربات القلب، وهو ما من شأنه تقوية قلوبنا ومساعدتنا على ضبط وزن أجسادنا (وهو عامل خطر للعديد من الأمراض المزمنة).
مزاج أفضل
إلى جانب المساعدة في تخفيف التوتر البدني الناتج عن الضغط، تؤثر التدريبات، ومن بينها المشي، تأثيراً إيجابياً على الأجزاء المسؤولة عن تنظيم المزاج في المخ، وبالتالي فإن المشي يساعد على تخفيف أعراض الاكتئاب.
نصائح للمشي
المشي الطويل: حاول ألا تنحني أثناء المشي، وحافظ على عمودك الفقري طويلاً.
انظر إلى الأمام: إن إبقاء عينيك على الطريق أمامك، بدلاً من النظر للأسفل، سيقلل الضغط على رقبتك.
أرجح ذراعيك بشكل لطيف: يجب أن تؤرجح ذراعيك للأمام والخلف من الكتفين أثناء المشي.
كم خطوة يجب أن نمشي يومياً؟
ستتفاجأ بمعرفة أن هدف الـ10 آلاف خطوة ليس هدفاً مبنياً على الأبحاث والدراسات العلمية، إنما انتشر بين صفوف المهتمين باللياقة البدنية عن طريق الصدفة البحتة.
فوفقاً لما ورد في شبكة BBC البريطانية، يعود الرقم السحري "10 آلاف" إلى حملة تسويقية أُجريت قبل وقت قصير من بدء دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 1964.
حيث أنتجت شركة مملوكة لصانع ساعات ياباني عداداً للخطوات بكميات ضخمة، وقد حمل العداد اسماً تبدو حروفه باليابانية أشبه برجلٍ يمشي. وكان اسم العداد "مان بو كي"، حيث إن "مان" تعني 10 آلاف، و"بو" تعني خطوات، بينما "كي" تعني متراً.
وقد لاقى عداد الـ10 آلاف حظوة شعبية واسعة استمرت لعقود وارتبط الرقم بأذهاننا بعدد الخطوات المثالية التي يجب أن نمشيها يومياً.
من الناحية الواقعية، لا يصل الكثيرون منا إلى تحقيق هدف الـ10 آلاف خطوة على أي حال. فوفقاً للتقديرات الحديثة، يمشي غالبية البالغين في أمريكا وكندا وغيرها من الدول الأوروبية أقل من خمسة آلاف خطوة يومياً في المتوسط، وفقاً لما ورد في صحيفة New York Times الأمريكية.
وإذا بلغنا هدف الـ10 آلاف خطوة، فإننا لا نحافظ على استمراريته في المعتاد.
وإذا كنت تمشي نحو خمسة آلاف خطوة يومياً، مثل غالبية الناس خلال أنشطتك اليومية مثل التسوق والأعمال المنزلية، فإن السير ألفين وثلاثة آلاف خطوة إضافية تقريباً سيرفع الإجمالي إلى سبعة أو ثمانية آلاف خطوة في اليوم، وهو الرقم المثالي.