خلال مقابلةٍ لها مع ديفيد لاترمان، عبر منصة نتفلكس، كشفت مغنية البوب الأمريكية بيلي إيليش أنها تُعاني من حالةٍ عصبية تُعرف باسم متلازمة توريت (Tourette Syndrome).
وقد أعلنت إيليش عن حالتها، عندما قامت بحركةٍ مفاجئة في وجهها ضمن برنامج My Next Guest؛ ظنّ لاترمان على أثرها أنها منزعجة من حشرةٍ طائرة، وسألها عن الأمر، لكنها ردّت قائلة: "كلا، هذه عرّة لا إرادية" (I'm ticking).
ديفيد لاترمان استأذن إيليش ليغوص أكثر في حالتها الصحيّة؛ وحين وافقت على ذلك، استفسر عن السبب الذي استفزّها لتقوم بحركةٍ لا إرادية، فأجابت: "الإضاءة". وأعلنت إيليش: "تمّ تشخيصي حين كان عمري 11 عاماً، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من تشنّجاتٍ مفاجئة تُصيبني وأنا أتحدث".
نادراً ما تتحدث مغنية البوب الأمريكية عن حالتها الصحية، لكنها كانت قد كشفت عنها للمرة الأولى عبر حسابها الخاص على إنستغرام في العام 2018، ثم مع إيلين ديجينيريس في العام 2019 ضمن برنامجها The Ellen Show.
فما هي متلازمة توريت؟
هي اضطرابٌ عصبي يظهر غالباً في مرحلة الطفولة، وقد اكتُشف في القرن التاسع عشر. يشتمل الاضطراب على حركاتٍ وتشنّجاتٍ صوتية تكرارية لا إرادية، يُطلق عليها اسم "عرّات". ويعود السبب في تسمية المتلازمة إلى طبيب الأعصاب الفرنسي الرائد جورج جيل دو لا توريت، الذي قام بتشخيص أول حالةٍ لهذه المتلازمة في العام 1885.
من يُعاني من المتلازمة يقوم بحركاتٍ أو أصواتٍ مفاجئة، تُسمّى تشنجات لا إرادية، ولا يمكنه السيطرة عليها.
على سبيل المثال: قد يرمش، أو يكرّر حركة في رقبته، أو ينظّف حلقه مراراً وتكراراً؛ كما قد تخرج من المُصاب بالحالة بعض الأصوات غير العادية، أو الكلمات التي لا ينوي قولها، والتي غالباً ما تكون عبارة عن شتائم.
تظهر التشنجات اللاإرادية عادةً بين الرابعة والـ15 عاماً، بمتوسّطٍ يبلغ نحو 6 سنوات من العمر. ووفق موقع Mayo Clinic، فإن الذكور أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة توريت من الإناث، بنحو ثلاث إلى أربع مرات.
أعراض متلازمة توريت وأسبابها
أعراض المتلازمة الأولى هي التشنّجات اللاإرادية في الحركة، والتي يحدث أكثرها في منطقة الرأس والرقبة. وعادةً ما تكون التشنجات اللاإرادية أقوى في الأوقات العصيبة أو المثيرة، التي يكون فيها المُصاب قلقاً أو مضغوطاً، وتصبح أخفّ كلما كان الشخص هادئاً ومركزاً في حديثه أو في نشاطه.
ومع مرور الوقت، تتغير كثيراً أنواع التشنجات اللاإرادية، وعدد مرات إصابة الشخص بها. وعلى الرغم من أن الأعراض قد تظهر وتختفي، وتعاود الظهور مجدداً، فإن متلازمة توريت تُعتبر مزمنة.
تختلف الأعراض من شخصٍ إلى آخر؛ في معظم الحالات تقلّ التشنجات اللاإرادية خلال المراهقة والبلوغ المبكر، وفي بعض الأحيان تختفي تماماً.
ومع ذلك فإن العديد من الأشخاص المُصابين بالمتلازمة يعانون من التشنجات اللاإرادية في مرحلة البلوغ، وأحياناً قد تصبح هذه التشنجات أسوأ في مرحلة البلوغ.
يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة توريت من التشنج الحركي، المرتبطة بحركات الجسد، إضافةً إلى التشنج الصوتي، حيث تخرج من المُصاب أصوات لا إرادية أو كلمات نابية.
وخلصت دراسةٍ نُشرت في العام 2017، إلى أن هذه المتلازمة شديدة التعقيد وتُسبّبها تشوّهات في أجزاءٍ مختلفة من الدماغ والدوائر الكهربائية التي تربطها به. وحين يُصاب المرء بالتوريت، فقد يكون هناك خللٌ في العقد القاعدية، وهي جزء من الدماغ يُساهم في التحكّم بحركات جسم الإنسان.
وبحسب موقع Healthline، قد تشارك أيضاً المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ -والتي تنقل النبضات العصبية، وتُعرف هذه المواد بـ"الناقلات العصبية"- قد تشارك بالأسباب.
وتشمل النواقل العصبية على:
- الدوبامين
- السيروتونين
- النوربينفرين
ومن المهم هنا الإشارة إلى أنه لا يوجد اختبارٌ لتشخيص متلازمة توريت، لأن مستويات تصوير الدماغ والناقلات العصبية في الدم تبدو طبيعية لدى المُصابين بالمتلازمة.
ولكن يُمكن القول إن سبب متلازمة توريت غير معروف بشكلٍ واضح، ولا توجد طريقة لمنع الإصابة بها. يعتقد الباحثون أن الاختلاف الجيني الموروث قد يكون هو السبب، ويعملون على تحديد الجينات المرتبطة مباشرةً بتوريت.
هل يمكن معالجة متلازمة توريت؟
لا يوجد علاجٌ موحّد وواضح لمتلازمة توريت، لكن هناك علاجات يمكنها المساعدة في إدارة التشنجات اللاإرادية التي تسبّبها المتلازمة. هناك بعض التشنجات اللاإرادية التي لا تعيق حياة المرء، وبالتالي لا يحتاج إلى أي علاج.
ومع ذلك فإن الأدوية والعلاجات السلوكية متاحة، في حال تسبّبت التشنجات اللاإرادية بالألم أو الإجهاد، أو أثرت على الحياة اليومية والاجتماعية، وفقاً للمراكز الأمريكية للتحكم في الأمراض والوقاية منها (CDC).
والأهم من كلّ ذلك، يمكن لمُحيط الإنسان المُصاب بمتلازمة توريت أن يلعب دوراً رئيسياً في تخفيف الأعراض والمساعدة على اعتبار تشنّجاتها أمراً طبيعياً، من خلال عدم التعليق أو الضحك أو التعليق على الحركات أو العرّات التي تصدر عن الشخص المُصاب بالمتلازمة. فالدعم ضروري في تقليل بعض الأعراض.
من الشائع أن يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة توريت من اضطراباتٍ أخرى، لا سيما اضطراب "نقص الانتباه وفرط النشاط" (ADHD) و"اضطراب الوسواس القهري" (OCD).
سيحتاج الأشخاص الذين يعانون من حالاتٍ إضافية إلى علاجاتٍ مختلفة، بناءً على الأعراض. وفي بعض الأحيان، قد يساعد علاج الحالات الأخرى في تقليل التشنجات اللاإرادية.
في عرضه الأخير SuperNature، الذي يُعرض على نتفلكس، أخبر الكوميديان البريطاني ريكي جيرفيس عن غاري ماسترمان، الذي كان زميله في المدرسة عندما كان عمره 14 عاماً عام 1976.
يُخبرنا جيرفيس عن حادثة مُضحكة حصلت بين غاري وإحدى المعلّمات الشابات، عندما قال عبارة مُسيئةً لها في الصفّ، وكيف اعتقد زميلهما الآخر أنه يتحدث بجدية، فأكّد كلامه.
وفقاً لجيرفيس، الذي ختم عرضه بهذه القصة، فإن غاري طوّر أعراض توريت بحيث كان يشتم مع كلّ جملةٍ يقولها، ولكنه يؤكد في الوقت نفسه: "اعتقدتُ أحياناً أن الشتائم التي يقولها غاري كان توقيتها مناسباً جداً".
وفي العام 2021، كثُرت عبر تطبيق TikTok الفيديوهات التوعوية حول متلازمة توريت؛ وصارت عدة شابات مؤثرات يظهرن في مقاطع مصوّرة تُبرز التشنّجات اللاإرادية والأصوات التي لا يُمكنهنّ السيطرة عليها. إحدى الشابات كانت تعاني من أعراض متطوّرة جداً، وبشكلٍ كثيف، وقد ظهرت في برنامج Dr. Phil مطلع شهر مارس/آذار الماضي. الشابة تُدعى بايلن دوبري، وتحدثت عن تجربتها ورحلتها المريرة مع متلازمة توريت، وكيف تعرّضت طوال حياتها للتنمّر.