تُعتبر الوذمة الرئوية حالة مرضيّة تُسبب تراكم السوائل في الرئتين، ما يجعل المصاب بها يعاني من خلال التنفس، وهي حالة محفوفة بالمخاطر قد تؤدي إلى الموت.
يمكن أن تكون الوذمة الرئوية حادة (تحدث فجأة)، أو مزمنة (تحدث ببطء أكثر بمرور الوقت)، إذا كانت حادة يتم تصنيفها على أنها حالة طبيّة طارئة تحتاج إلى عناية فورية.
أسباب الوذمة الرئوية
عندما تأخذ نفساً عميقاً يجب أن تمتلئ رئتاك بالهواء، ولكن في حال كنت مصاباً بالوذمة الرئوية فإنهما تمتلئان بالسوائل بدلاً من ذلك، وعندما يحدث ذلك لا يمكن أن ينتقل الأوكسجين من رئتيك إلى دمك.
الحصول على العلاج في الوقت المناسب للوذمة الرئوية ومعرفة الأسباب الكامنة وراءها يمكن أن يحسن النتائج المحتملة في العلاج منها.
تتنوع أسباب الوذمة الرئوية، إذ يتم تقسيمها إلى فئتين، اعتماداً على مكان بدء المشكلة وفقاً لما ذكره موقع Mayoclinic الطبي.
1- إذا تسببت مشكلة في القلب في حدوث الوذمة الرئوية فإنها تسمى الوذمة الرئوية القلبية، وفي أغلب الأحيان يكون تراكم السوائل في الرئتين ناتجاً عن مرض في القلب.
2- إذا لم تكن الوذمة الرئوية مرتبطة بالقلب، فإنها تسمى الوذمة الرئوية غير القلبية.
ولذلك يمكن أن يساعد فهم العلاقة بين رئتيك وقلبك في تفسير سبب حدوث الوذمة الرئوية.
كيف تعمل الرئتان؟
تحتوي رئتاك على العديد من الأكياس الهوائية الصغيرة والمرنة التي تسمى الحويصلات الهوائية.
مع كل نفس تمتص الأكياس الهوائية الأوكسجين، وتطلق ثاني أكسيد الكربون، وعادة يحدث هذا التبادل للغازات دون مشاكل.
لكن في بعض الأحيان تمتلئ الحويصلات الهوائية بالسوائل بدلاً من الهواء، ما يمنع امتصاص الأوكسجين في مجرى الدم.
كيف يعمل القلب؟
يتكون قلبك من حجرتين علويتين وحجرتين سفليتين، تستقبل الغرفتان العلويتان (الأذينان الأيمن والأيسر) الدم الوارد ويضخانه إلى الغرف السفلية (البطين الأيمن والأيسر)، بينما تضخ الغرف السفلية الدم من قلبك.
عادة يدخل الدم غير المؤكسج من جميع أنحاء الجسم إلى الأذين الأيمن ثم البطين الأيمن، حيث يتم ضخه عبر الأوعية الدموية الكبيرة (الشرايين الرئوية) إلى رئتيك.
هناك، يطلق الدم ثاني أكسيد الكربون ويلتقط الأوكسجين أثناء تدفقه من الحويصلات الهوائية.
ثم يعود الدم الغني بالأوكسجين إلى الأذين الأيسر عبر الأوردة الرئوية، ويتدفق عبر الصمام التاجي إلى البطين الأيسر ويخرج أخيراً من قلبك عبر أكبر وعاء دموي في الجسم، يسمى الشريان الأورطي.
تحافظ صمامات القلب على تدفق الدم في الاتجاه الصحيح، ويمنع الصمام الأبهري الدم من التدفق للخلف إلى قلبك، فيما ينتقل الدم من الشريان الأورطي إلى باقي أجزاء الجسم.
الوذمة الرئوية القلبية
تحدث الوذمة الرئوية القلبية بسبب زيادة الضغط في القلب، وعادة ما يكون نتيجة لفشل القلب، ذلك عندما يتعذر على البطين الأيسر المصاب أو المنهك في العمل ضخ ما يكفي من الدم الذي يخرج من رئتيك، فيرتفع الضغط في القلب.
يدفع الضغط المتزايد السائل عبر جدران الأوعية الدموية إلى الأكياس الهوائية.
تشمل الحالات الطبية التي يمكن أن تسبب قصور القلب وتؤدي إلى الوذمة الرئوية القلبية ما يلي:
مرض القلب التاجي: بمرور الوقت يمكن أن تضيق الشرايين التي تمد عضلة القلب بالدم بسبب الترسبات الدهنية (اللويحات)، يمكن أن يؤدي التضييق البطيء للشرايين التاجية إلى ضعف البطين الأيسر، في بعض الأحيان تتشكل جلطة دموية في أحد هذه الشرايين الضيقة، ما يؤدي إلى منع تدفق الدم وإتلاف جزء من عضلة القلب، ما يؤدي إلى نوبة قلبية، ولن تعد عضلة القلب التالفة قادرة على ضخ الدم كما ينبغي.
اعتلال عضلة القلب: هذا المصطلح يعني تلف عضلة القلب، إذا كنت مصاباً باعتلال عضلة القلب، فيجب أن يضخ قلبك بقوة أكبر، والضغط يرتفع، قد يكون القلب غير قادر على الاستجابة للحالات التي تتطلب منه العمل بجدية أكبر، مثل التمارين الرياضية أو العدوى أو ارتفاع ضغط الدم، عندما يتعذر على البطين الأيسر مواكبة المتطلبات المفروضة عليه، يرتد السائل إلى رئتيك.
مشاكل صمام القلب: يؤثر تضيق الصمام الأبهري أو الصمام التاجي أو الصمام الذي يتسرب أو لا يغلق بشكل صحيح على تدفق الدم إلى القلب، فيجب أن يعمل القلب بجهد أكبر، والضغط يرتفع، إذا حدث تسرب من الصمام فجأة، فقد تصاب بالوذمة الرئوية المفاجئة والشديدة.
ارتفاع ضغط الدم: يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم غير المعالج أو غير المنضبط إلى تضخم القلب.
مشاكل قلبية أخرى: قد يتسبب التهاب عضلة القلب وعيوب القلب الخلقية واضطراب نظم القلب أيضاً في الإصابة بالوذمة الرئوية.
مرض الكلية: يمكن أن يتسبب ارتفاع ضغط الدم الناتج عن تضيق الشرايين الكلوية أو تراكم السوائل، بسبب أمراض الكلى في حدوث الوذمة الرئوية.
الظروف الصحية المزمنة: قد يُسهم أيضاً مرض الغدة الدرقية وتراكم الحديد (داء ترسب الأصبغة الدموية) أو البروتين (الداء النشواني) في فشل القلب ويسبب الوذمة الرئوية.
الوذمة الرئوية غير القلبية
تُسمى الوذمة الرئوية التي لا تنتج عن زيادة الضغط في القلب بالوذمة الرئوية غير القلبية.
تشمل أسباب الوذمة الرئوية غير القلبية ما يلي:
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة: يحدث هذا الاضطراب الخطير عندما تمتلئ رئتاك فجأةً بالسوائل وخلايا الدم البيضاء الالتهابية، ويمكن أن تسبب العديد من الحالات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، بما في ذلك الإصابة الشديدة (الصدمة)، وانتشار العدوى (الإنتان)، والالتهاب الرئوي والنزيف الحاد.
تفاعل دوائي ضار أو جرعة زائدة من المخدرات: من المعروف أن العديد من الأدوية -من الأسبرين إلى العقاقير غير المشروعة مثل الهيروين والكوكايين- تسبب الوذمة الرئوية.
جلطة دموية في الرئتين (انسداد رئوي): إذا انتقلت الجلطة الدموية من الأوعية الدموية في ساقيك إلى رئتيك، فقد تصاب بالوذمة الرئوية.
التعرض لبعض السموم: استنشاق السموم أو استنشاق بعض محتويات معدتك عند القيء يسبب تهيجاً شديداً للممرات الهوائية والحويصلات الهوائية الصغيرة، ما يؤدي إلى تراكم السوائل.
ارتفاعات عالية: شوهدت الوذمة الرئوية لدى متسلقي الجبال والمتزلجين والمتنزهين وغيرهم من الأشخاص الذين يسافرون إلى ارتفاعات عالية، عادة ما يزيد ارتفاعها عن 8000 قدم (حوالي 2400 متر)، إذ تحدث الوذمة الرئوية في المرتفعات بشكل عام عند أولئك الذين لم يتأقلموا أولاً مع الارتفاع (والذي يمكن أن يستغرق من بضعة أيام إلى أسبوع أو نحو ذلك). لكن الأشخاص الذين يعيشون على ارتفاعات عالية يمكن أن يصابوا بالوزمة الرئوية دون تغيير في الارتفاع إذا كانوا مصابين بعدوى في الجهاز التنفسي.
الغرق: يتسبب استنشاق الماء في تراكم السوائل في الرئتين والذي يمكن علاجه بالرعاية الطبية الفورية.
الوذمة الرئوية ذات الضغط السلبي: يمكن أن تحدث الوذمة الرئوية بعد أن يتسبب انسداد في مجرى الهواء العلوي في ضغط سلبي في الرئتين نتيجة بذل جهود مكثفة للتنفس على الرغم من الانسداد، مع العلاج يتعافى معظم المصابين بهذا النوع من الوذمة الرئوية في غضون 24 ساعة تقريباً.
إجراءات الجهاز العصبي: يمكن أن يحدث نوع من الوذمة الرئوية يسمى الوذمة الرئوية العصبية بعد إصابة في الرأس أو نوبة صرع أو جراحة في الدماغ.
استنشاق الدخان: يحتوي دخان الحريق على مواد كيميائية تلحق الضرر بالغشاء الموجود بين الأكياس الهوائية والشعيرات الدموية، ما يسمح للسوائل بالدخول إلى رئتيك.
إصابة الرئة المرتبطة بنقل الدم: قد يؤدي نقل الدم إلى زيادة السوائل في البطين الأيسر، ما يؤدي إلى الوذمة الرئوية.
العدوى الفيروسية: يمكن أن تحدث الوذمة الرئوية بسبب فيروسات مثل فيروس هانتا وفيروس حمى الضنك.
أعراض الوذمة الرئوية
أما أبرز أعراض الوذمتين الرئوية الحادة والمزمنة فهي وفقاً لما ذكره موقع WebMD الطبي:
أعراض الوذمة الرئوية الحادة:
- ضيق مفاجئ في التنفس المفاجئ، خاصة بعد النشاط أو أثناء الاستلقاء
- الشعور وكأنك تغرق أو قلبك يسقط
- قلق
- صعوبة في التنفس مع كثرة التعرق
- التنفس الذي يبدو على شكل أزيز أو لهاث
- السعال مع بصاق وردي ورغوة
- يكون الجلد بارداً ورطباً أو يبدو أزرق أو رمادياً
- سرعة ضربات القلب غير المنتظمة (خفقان القلب)
- الشعور بالدوار والضعف والتعرق، ما قد يشير إلى انخفاض ضغط الدم
أعراض الوذمة الرئوية المزمنة
- التعب الدائم
- زيادة الوزن بسرعة (قد يكون علامة على تراكم السوائل وفشل القلب الاحتقاني)
- مشاكل في التنفس أكثر من المعتاد
- مشاكل في التنفس عند الاستلقاء
- انتفاخ الساقين والقدمين
- الاستيقاظ ليلاً والشعور بضيق التنفس
- أزيز في الصدر
علاج الوذمة الرئوية
تتطلب مشاكل التنفس تشخيصاً وعلاجاً فورياً، يمكن لطبيبك إجراء تشخيص أولي للوذمة الرئوية بناءً على علاماتك وأعراضك ونتائج الفحص البدني وتخطيط القلب والأشعة السينية على الصدر.
بمجرد أن تصبح حالتك مستقرة سيطرح طبيبك أسئلة حول تاريخك الطبي، خاصةً ما إذا كنت قد عانيت من قبل من أمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض الرئة.
تشمل الاختبارات التي يمكن إجراؤها لتشخيص الوذمة الرئوية أو لتحديد سبب تطور السوائل في رئتيك ما يلي:
- الأشعة السينية الصدر
- تصوير الصدر بالأشعة المقطعية
- قياس النبض
- إجراء تحاليل الدم
- تخطيط القلب
- الموجات فوق الصوتية للرئتين ويستخدم لقياس تدفق الدم عبر الرئتين
- قسطرة القلب وتصوير الأوعية التاجية ويمكن إجراء هذا الاختبار إذا لم يُظهر مخطط كهربية القلب أو الاختبارات أخرى سبب الوذمة الرئوية
أما العلاج الأول للوذمة الرئوية الحادة فهو قناع الأوكسجين للمريض الذي من شأنه أن يخفف بعض الأعراض.
اعتماداً على شدة حالتك وسبب الوذمة الرئوية قد تتلقى أيضاً واحداً أو أكثر من الأدوية التالية وفقاً لوقع مايو كلينيك:
- مدرات البول لتقليل الضغط الناجم عن السوائل الزائدة في القلب والرئتين.
- المورفين عن طريق الفم أو الوريد لتخفيف ضيق التنفس والقلق.
- أدوية ضغط الدم إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه عند إصابتك بالوذمة الرئوية.
- مقويات التقلص العضلي لتحسين وظيفة ضخ القلب والحفاظ على ضغط الدم.
الوقاية من الوذمة الرئوية
قد تكون قادراً على منع الوذمة الرئوية عن طريق التحكم في أمراض القلب أو الرئة الحالية واتباع نمط حياة صحي.
على سبيل المثال، يمكنك تقليل مخاطر الإصابة بأنواع عديدة من مشاكل القلب عن طريق اتخاذ خطوات للسيطرة على الكوليسترول وضغط الدم.
اتبع هذه النصائح الذي يقدمها موقع Medical News Today للحفاظ على صحة قلبك:
- اتبع نظاماً غذائياً صحياً غنياً بالفواكه الطازجة والخضراوات والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان الخالية من الدهون أو قليلة الدسم ومجموعة متنوعة من البروتينات.
- تحكم في وزنك.
- مارس التمارين الرياضية بانتظام.
- لا تدخن.
- قلل من تناول الملح.
- سيطر على التوتر.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.