اعتادت شونا أوين أن تجيب عن الاستفسارات المتعلقة بالجنسية، ويعود الفضل في ذلك إلى المكان غير الاعتيادي الذي وُلدت فيه: في السماء، على علو 36 ألف قدم. ولكن ما أثار دهشة إدارة الهجرة البريطانية آنذاك كان عبارة "حامله وُلد على متن طائرة"، المكتوبة على جواز سفر شونا.
في العام 1990، وبشكلٍ غير متوقع، دخلت ديبي أوين (والدة شونا) في المخاض حين كانت في طريق عودتها إلى لندن عائدة من غانا حيث كانت تعمل، على متن رحلة الخطوط الجوية البريطانية.
وُلدَتْ على متن طائرة وتعمل في شركة طيران
تم نقلها إلى الدرجة الأولى التي تم إخلاء الركاب منها، وعبر مكبر الصوت طُلب من أي شخص يملك بعض المقومات الطبية أن يتقدم للمساعدة. كانت الأم محظوظة. فقد صودف وجود الطبيب الهولندي ويم باكر، الذي يساعد النساء على الولادة في أدغال غانا، على متن الطائرة.
وخوفاً من البقاء بمفردها مع طفلٍ حديث الولادة في غانا، حاولت ديبي الصمود حتى وصلت الطائرة إلى أوروبا. وعند الاقتراب من المطار في لندن، ولدت شونا كيرستي إيف على يد الطبيب باكر وبمساعدة طاقم الطائرة.
ولو جمعنا الأحرف الأولى من اسم شونا كيرستي إيف Shona Kirsty Yves الثلاثي، فسنحصل على اسم SKY أي السماء.
وشونا التي وُلدت على متن طائرة، تعمل اليوم مديرة تنفيذية للتسويق لشركة طيران كبيرة، وتقول لـCNN: "أعتقد أن قصتي جيدة حقاً، يمكن اعتبارها وسيلة لكسر الجليد".
خلال دراستها، صبت شونا اهتمامها في رسالة الماجستير -لجامعة Goldsmiths في لندن- على معرفة عدد الأطفال الذين وُلدوا على متن الطائرة، وتقول: "كلما أخبرتُ قصتي، كنتُ أسأل عن مدى ندرة حصول ذلك. فاعتقدتُ أنها فرصتي المناسبة لإيجاد الجواب".
خلال ذلك الوقت، وجدت شونا عدداً من الشباب والشابات الذين وُلدوا على متن الطائرة، وتحدثت إلى بعضهم. لكن ولأن معظم شركات الطيران لا تحتفظ بسجلات المواليد على متنها، فقد صعُب عليها الحصول على إحصاءات.
لكن مهلاً.. على أي جنسية حصلت شونا؟ وعموماً، إذا وُلد طفلٌ على متن طائرة، أي جنسية سيحمل؟ البلد الذي أقلعت منه الأم؟ أم البلد الذي ستهبط فيه؟ أم البلد الذي توجد في سمائه؟
الفرق بين حق الأرض وحق الدم
لا توجد قاعدة أساسية مُتبعة عالمياً لتحديد جواز السفر الذي سيحمله المولود الجديد في الفضاء. لكن هناك عاملين أساسيَين تتبعهما بعض الدول في هذا الإطار:
- حق الأرض.
- حقّ الدم.
فبعض الدول، وتشمل على الأغلب الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والأرجنتين، تمنحه لأي شخص وُلد على أرضها، أو في مجالها الجوي، أو حتى مياهها بغض النظر عن جنسية الوالدين. وفي "العالم القانوني"، يندرج ذلك تحت إطار قانون ما يُسمى بـ"حق الأرض" أو ما يُعرف باللاتينية بقانون Jus Soli.
في حين تعتمد دول أخرى على ما يُسمى بـ"حق الدم"، أو Jus sanguinis، في الحالات المشابهة. وهذا يعني أن جنسية الطفل تعتمد على جنسية والديه. فالأم الأمريكية لا يمكنها الحصول على الجنسية الفرنسية مثلاً لطفلها، لمجرد أنها ولدته في الأجواء الفرنسية، بل سيحصل على الأمريكية.
فالولايات المتحدة نفسها، التي تمنح حق الأرض لأي مواطن على أرضها، تتبع قانون الدم حين يتعلق الأمر بمواطنيها. ما يعني أنه حين يولد طفل من أبوَين أمريكيين خارج أراضي الولايات المتحدة، سيحصل الطفل على الأمريكية.
حق الدم ينطبق، على نطاقٍ واسع، في أوروبا وشمال إفريقيا (خصوصاً تونس والمغرب) وآسيا (اليابان)، وهو القاعدة الأكثر شيوعاً حول العالم. فمن المرجح أن ينتهي الأمر بمعظم الأطفال الذين وُلدوا على متن الطائرة بحصولهم على جنسية والديهم.
فمنذ التعديل الـ27 لدستور أيرلندا في العام 2004، لم تمنح أي دولة أوروبيةٌ الجنسية على أساس قانون الأرض أو الإقليم. وقانون الأرض كان جزءاً من القانون العام الإنجليزي، عكس قانون الدم الآتي المشتق من القانون الروماني الذي كان له تأثير كبير على أنظمة القانون المدني في أوروبا.
لكن ماذا لو وُلد الطفل فوق المحيط حيث لا تضطلع الحقوق الإقليمية بدور، ولم يكن قانون الدم خياراً متاحاً لسببٍ ما؟
في هذه الحالة، يمكن منح الطفل جنسية الطائرة نفسها. جميع الطائرات تحمل جنسية البلد الذي سُجلت فيه، بغض النظر عن موقع الإقلاع والهبوط. إلا أن هذه القاعدة لا تنطبق إلا إذا كان الطفل بدون تطبيقها سيصبح عديم الجنسية.
ماذا عن عديم الجنسية؟
في الحالة التي تكون فيها الأم نفسها لا تحمل جنسية رسمية، وتلد في الطائرة، فمن المرجح أن يحصل الطفل على جنسية الدولة التي تسجلت الطائرة فيها، وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن خفض حالات انعدام الجنسية.
وهذه الاتفاقية التي وُضعت في أغسطس/آب 1961، وبدأ نفاذها في ديسمبر/كانون الأول 1975، تخص جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
لكن في معظم الحالات، عادةً ما يتم اللجوء إلى تحديد جنسية الطفل من خلال بلد تسجيل الطائرة. فأثناء عملية الإجلاء الأمريكية من أفغانستان في العام 2021، أنجبت سيدة أفغانية طفلتها على متن طائرة نقل جنود من طراز C-17.حملت الطفلة الجنسية الأفغانية مثل والديها، لأنه -وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية– فالطائرة المسجلة في الولايات المتحدة "لا تعد جزءاً من الأراضي الأمريكية عندما تكون خارج مجالها الجوي. والطفل الذي يولد على متن طائرات خارج المجال الجوي الأمريكي لا يكتسب الجنسية الأمريكية بسبب مكان الولادة".