يمكن تعريف الـ"أكروفوبيا" على أنها الخوف الشديد من المرتفعات الذي يمكنه أن يسبّب قلقاً وذعراً كبيرين، وتُشير بعض الأبحاث إلى أن هذا الرُّهاب قد يكون أحد أكثر أنواع الرهاب شيوعاً.
ولسنا نتحدّث هنا عن الانزعاج الطفيف الذي قد يشعر به أيّ فرد في الأماكن المرتفعة، كالدوار البسيط أو التوتر عند النظر إلى أسفل. فهذه مشاعر طبيعية لن تدفعك إلى الامتناع عن التواجد في المرتفعات.
نحن نتحدث عن فوبيا المرتفعات، حين يمكن لمجرّد التفكير في عبور جسر أو رؤيتك لصورة جبل ووادٍ يحبط به، أن يثير في نفسك الخوف الشديد والقلق؛ ولن يمكنكَ التخلّص من هذه الضائقة بسهولة، بل ستكون قوية بما يكفي للتأثير على حياتك اليومية.
ما هي الأعراض؟
الأعراض الأساسية تتمثّل في الخوف الشديد الذي يُترجم من خلال نوبة هلع أو قلق كبيرين. وبالنسبة للبعض، فإن المرتفعات العالية جداً من شأنها أن تغذّي هذا الخوف؛ في حين أنه يمكن للمرتفعات الأقل علواً -كالسلالم الصغيرة مثلاً- أن تخيف البعض الآخر.
والأعراض تتنوع بين الجسدية والنفسية، وتشمل الأعراض الجسدية:
- ألماً في الصدر أو ضيقاً في التنفّس.
- الشعور بالغثيان أو الدوار.
- ضربات قلب قوية.
- زيادة في التعرّق.
- الارتجاف.
- عدم دخولك في أي طريق به مرتفعات، حتى لو كان أطول أو أكثر صعوبة.
- فقدان التوازن، والشعور بأنك ستسقط. وهذه الحالة قد تحدث حين تنظر من أعلى إلى أسفل، أو العكس أيضاً.
أما الأعراض النفسية فيمكنها أن تتلخّص بالآتي:
- الإصابة بنوبة هلع، حتى بمجرد التفكير بأنه عليك التواجد في مرتفع.
- اختبارك لقلقٍ شديد حين يتعيّن عليك صعود السلالم، أو المصاعد المكشوفة للخارج، أو حتى القيادة على طول جسرٍ عالٍ.
- التوجّس من فكرة أنّك ستسقط من أعلى.
ما هي المسبّبات؟
يمكن لفوبيا المرتفعات أن تتطوّر أحياناً، بحيث تتصاعد حدّتها، استجابةً لتجربة مريرة قد مررتَ بها، كالسقوط من أحد المرتفعات مثلاً، أو شهدتَ سقوط أحدٍ من مكانٍ عالٍ. ويمكن أن يكون تعرّضك لتجربة سلبية لا علاقة لها بالمرتفعات، إنما صادف وجودك في مكانٍ عالٍ، سبباً بإصابتك بالرهاب.
لكن في الإجمال فإن الرُّهاب، أي نوع رُهاب -بما في ذلك رهاب المرتفعات- يمكن أن يتطوّر من دون وجود محفّزٍ واضح أو مسبّبٍ معروف.
يمكن في بعض الحالات أن يلعب عامل الوراثة دوراً، بمعنى أنه يمكنك أن تكون أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الرهاب إن كان أحد أفراد عائلتك مُصاباً به. فينتقل إليك الخوف من المرتفعات؛ لأنه أصبح سلوكاً مألوفاً بالنسبة لك نوعاً ما.
وفي هذا الإطار، يُشير موقع Cleveland Clinic إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة ولتطوير هذا النوع من الرهاب، على أن يصبح واضحاً حلال المراهقة والشباب.
فوبيا المرتفعات وعلاجها
لا بدّ من الإشارة في البداية إلى أنه لا يمكن تشخيص أي نوع رُهاب أو فوبيا، إلا من قبل أخصائي صحة نفسية. فإذا كنتَ تجد أن خوفك من المرتفعات يشكّل عائقاً في حياتك اليوميّة وله تأثير كبير على نشاطاتٍ تريد القيام بها، تأكّد من أن تلجأ للعلاج.
ليس طبيعياً أن تلغي زيارة صديق مثلاً لأنه يعيش في طابقٍ علوي، أو ألا تذهب في رحلةٍ مع أصدقائك لأنك ستضطر إلى المرور من فوق جسرٍ عالٍ. هذه الإشارات وغيرها هي دليلٌ واضح على أنّك بحاجة لأن تلجأ لأخصّائي.
وقد خلُصت بعض الدراسات إلى أن النساء تزداد احتمالية تشخيصهم برهاب المرتفعات أكثر من الرجال، إذا أن نسبة الرجال المصابين بفوبيا المرتفعات هي 4.1%، في حين أنها تصل إلى نسبة 8.6% لدى النساء.
علاج "التعرّض":
هو أكثر العلاجات فاعلية في حال كنتَ مصاباً بأي نوع رهاب. هذا النوع من العلاج قد يطلب منك الأخصائي أن تلجأ إليه، أو يمكن في بعض الأحيان أن يلجأ إليه الأفراد الذين يشعرون بأنهم يطوّرون نوعاً من الرهاب من تلقاء نفسهم.
ستقوم في هذا النوع بتعريض نفسك لما تخاف منه، لكن تدريجياً وببطء.
بالنسبة إلى رهاب المرتفعات مثلاً، يمكن في البداية أن تنظر إلى صورٍ التُقطت من العالي أو مشاهدة فيديو لأشخاصٍ يتسلّقون مبنى، أو يعبرون جسراً عالياً وهم مربوطون بحبلٍ مشدود، أو فيديو لأشخاصٍ يمارسون هواية القفز بالحبال أو المظلات.
لاحقاً، وفي حال تعلّمت بعض التقنيات التي يمكنها أن تساعدك على الاسترخاء، بهدف التغلّب على هذا الخوف، يمكنك أن تطوّر علاج "التعرّض"؛ فتبدأ بالخروج إلى شرفةٍ عالية، أو تستخدم السلالم العالية.
العلاج السلوكي المعرفي
في حال شعرتَ بأنك لستَ جاهزاً لتجربة العلاج بالتعرّض، فستعمل مع الأخصّائي على العلاج السلوكي المعرفي.
في هذا النوع من العلاج ستعمل على تحدّي الأفكار السلبية التي تراودك حين تكون في مكانٍ مرتفع من خلال إعادة تأطيرها ووضعها في حجمها المناسب.
يتضمن هذا العلاج أيضاً التعرّض للأماكن المرتفعة أيضاً، لكن في مراحله المتقدمة حين يشعر المعالج بأنك جاهز لمواجهة خوفك.