إذا كنت قد أُصِبت بكسور العظام من قبل فربما تعتقد أنه من الأفضل الراحة وعدم القيام بأي جهد لحين التعافي بالكامل، إلا أن الأصح هو العكس. إذ يعجّل التدريب الخفيف والحركة الحريصة تعزيز التعافي، وتلعب التمارين دوراً مهماً في التأكيد على التئام الكسور بشكل صحيح.
في الواقع تُظهر الأبحاث العلمية في هذا الشأن أن النشاط البدني يمكن أن يعزز التئام العظام، وحتى يساعدك على تجنب كسور العظام في المستقبل.
العوامل التي تهددك بمخاطر كسور العظام
يحدث ما يقرب من 178 مليون كسر عظام جديد في جميع أنحاء العالم كل عام، وفقاً لموقع The Conversation الأمريكي.
ويمكن أن تحدث الكسور لعدد من الأسباب، بما في ذلك السقوط أو الإصابات الرياضية.
في حين أن معظم الناس يتعافون بشكل جيد من إصاباتهم، فإن الأشخاص الأكبر سناً أو مرضى السكري أو أولئك المصابين بهشاشة العظام مثل السيدات بعد دخولهن في مرحلة انقطاع الطمث، يواجهون خطراً أكبر بكثير للوفاة أو الإعاقة بسبب كسر العظام.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه ما يتراوح بين 5% و10% من حالات الكسور من عدم الالتئام بشكل صحيح. الأسباب الشائعة لتلك المشكلة هي الكسور التي يصعب تماسكها أو انخفاض تدفق الدم إلى المنطقة المصابة.
بعض عوامل الخطر المهمة أيضاً تشمل الكسر المضاعف، والتدخين المفرط، والمعاناة من الشيخوخة والسمنة ومرض السكري.
كما أن عظام اليد والساق والشظية (العظام القاسية البارزة في كل من الساقين) وعظم الفخذ والحوض أيضاً أكثر عرضة للشفاء غير السليم.
وفي تلك الحالات تحديداً تُعد ممارسة التمارين الرياضية عاملاً مهماً في تعزيز التعافي السليم لكسور العظام، وفقاً لبحث علمي منشور، في فبراير/شباط 2022، بمجلة Cellular and Molecular Medicine.
كيف يؤثر التمرين الخفيف على تعافي العظم من الكسر؟
اكتشفت دراسة مُجمعة بحثت في 166 من كسور عظام الساق التي تم علاجها جراحياً، أن التمارين الرياضية بدون أدوات كانت مرتبطة بالتعافي الأسرع، حتى عند المشاركين الذين تعرضوا لكسور لم تلتئم بشكل صحيح كلياً.
وفي الدراسة المنشورة عام 2018 بمجلة Springer العلمية للأبحاث، تم تعريف الشفاء على أنه قدرة الشخص على تحمل تمارين رياضية خفيفة دون الشعور بأي ألم في المنطقة المصابة، إضافة لصور الأشعة السينية التي تظهر أن الكسر قد التئم أو تم إصلاحه.
من ناحية أخرى، تناولت الدراسة في بحث متصل ما يمكن أن يحدث إذا لم يمارس الناس التمارين الرياضية المتوسطة بعد ستة أسابيع من الجراحة لعلاج كسور العظام، ووجدت أن المشاركين يعانون من فقدان كبير في العظام.
يمكن تفسير سبب هذه الأهمية للتمرينات في تعافي الكسور بسهولة، لأنه عندما نكسر العظم يكون الأوكسجين وتدفق الدم مهمين للغاية للمساعدة في التئام الكسر. لذلك عندما نمارس الرياضة تتضخم أوعيتنا الدموية، ما يسمح بتدفق المزيد من الأوكسجين والمغذيات وعوامل النمو والتعافي إلى موقع الكسر.
يؤدي التمرين أيضاً إلى إطلاق جزيء طاقة يسمى أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP). وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الخلايا العظمية أن التحفيز الميكانيكي (على غرار ما يحدث أثناء التمرينات الرياضية) يؤدي إلى إطلاق هذا المكون، ما يشجع على تكوين عظام جديدة، وهي خطوة حيوية لشفاء العظام وتعافيها بالكامل.
هناك أيضاً آلية ثالثة تساعد التمارين الرياضية من خلالها في التئام عظامنا المكسورة أيضاً.
وتشير الدراسات إلى أن الخلايا العظمية، يتم تنشيطها من خلال تقلصات العضلات التي تحدث أثناء ممارسة تمارين الجسم المعتادة بدون أدوات أو أوزان.
ويؤدي هذا إلى قيام الخلايا العظمية بتوجيه الخلايا العظمية الأخرى لإنشاء نسيج جديد وأقوى، ما يسمح لها بترقيع حواف العظم المكسور، وإطلاق البروتينات المشاركة في نمو العظام.
كما أظهرت دراسة أخرى أجريت عام 2021، ونُشرت بمجلة Nature العلمية، أن التحفيز الميكانيكي للخلايا العظمية يساعد على تحسين التئام العظام وقمع الالتهابات، وكلاهما مهم للمساعدة في إصلاح الكسور.
كيف يمكنك ممارسة التمارين الرياضية بعد الإصابة بكسر العظام؟
بطبيعة الحال، يجب أن تستمع دائماً إلى النصيحة التي يقدمها لك الطبيب فيما يتعلق بالتمارين الرياضية وكيفية أدائها، خاصة مع مراعاة العمر ومستوى اللياقة البدنية وشدة الكسر عند المصاب.
وبحسب موقع The Conversation، إذا كانت لديك رجل مكسورة في قالب من الجبس، فقد يتضمن التمرين الاستلقاء على الأرض ورفع الساق في الهواء والإمساك بها لمدة خمس ثوانٍ قبل إنزالها، وتكرار التمرين حوالي عشر مرات.
أما أثناء الجلوس، فيمكنك أيضاً الضغط على قدمك على الأرض لمدة خمس ثوانٍ ثم تحريرها، وتكرار التمرين مرة أخرى عشر مرات. كما أن شد وإرخاء أصابع قدميك مفيد أيضاً في تعزيز تدفق الدم من وإلى الأطراف.
وفي حالة كان رسغك هو المنطقة المصابة بكسور العظام، يمكنك مثلاً ثني مرفقك، أو الإمساك بكرة الضغط اللينة، والضغط عليها والاسترخاء عدة مرات متتالية، مع تكرار التمرين عشر مرات.
عندما يبدأ العظم المكسور في الالتئام، سيطلب منك طبيبك عادةً القيام بتمارين جزئية أو كاملة للجسم.
طول مدة عملية التعافي يختلف من شخص لآخر
وعادة ما يستغرق التئام الكسر الطفيف من 6 إلى 8 أسابيع، ونحو 20 أسبوعاً للكسر الأكبر، بحسب موقع Science Nordic العلمي.
وفي حين أننا تابعنا أن التمارين الرياضية الخفيفة تعمل على تحسين التئام العظام، فمن الصعب تحديد مقدار المدة الزمنية التي ستساعد بها على التئام العظام.
إذ قد يعتمد وقت الشفاء على مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى، مثل العمر والأمراض الموجودة مسبقاً واللياقة البدنية ونمط الحياة وما إذا كان الشخص يمارس التمارين بالفعل في حياته قبل الكسر أم لا.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.