كثيراً ما يتم التقليل من قيمة الفوائد التي تعود على الصحة العقلية والنفسية من خلال ممارسة التمارين الرياضية؛ لكون جل تركيزنا ينصبّ على التأثير الجسدي أو بمعنى آخر، إبراز العضلات.
ولكن عند ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وبمستوى كثافة مناسب، يمكن أن تسبب لك تحسينات عقلية وإدراكية لا تصدَّق.
أينما كنت تمارس التمارين الرياضية، في ملعب أو صالة ألعاب أو مضمار أو حتى على جهاز الجري المنزلي، فعندما تمارس مقداراً صحيحاً من الرياضة، ستكون لذلك تأثيرات رائعة على الصحة العقلية والنفسية.
الصحة العقلية والنفسية من خلال ممارسة التمارين الرياضية
تقول جوزفين بيري وهي اختصاصية علم النفس المعتمد في الرياضة: "إن التمارين الرياضية تمنحنا الشعور بالانتماء والهدف والطاقة والتحفيز، وهي أيضاً فعالة في تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع مشاعرنا ونستجيب لها، وتقلل من مقدار تفكيرنا الزائد، وتبني المرونة العاطفية الكافية لتحمُّل الضغوط".
وأكدت بيري لموقع Live Science، أن ذلك يساعد في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق، مما يجعلنا نتصرف بشكل مختلف، ويعزز تقديرنا لذاتنا، ويقلل من شعورنا بالوحدة من خلال أن نصبح أكثر اجتماعية.
1 – الرياضة والاكتئاب
من الصعب حقاً التعامل مع الاكتئاب، إنه لا يجعلك تشعر بالضعف وحسب، بل يمكن على المدى الطويل أن يؤدي إلى انخفاض جودة الحياة وانخفاض متوسط العمر المتوقع.
وبما أنَّ الخيارات الدوائية ليست مُناسبة دائماً مع المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب، يظهر دور التمارين الرياضية التي يمكن أن تكون بديلاً ذا قيمة.
ويمكن أن تساعد التمارين الرياضية في منع بدء الاكتئاب، فقد أشارت دراسة مثيرة للاهتمام، نُشرت في عام 2017 بمجلة American Journal of Psychiatry، وتضمنت أكثر من 33 ألف شخص، إلى أنه يمكن الوقاية من 12% من حالات الاكتئاب الجديدة إذا مارس الجميع الرياضة ساعة واحدة على الأقل في الأسبوع.
وإذا كان الفرد مشخَّصاً بالاكتئاب بالفعل، فقد وُجد أيضاً أن التمرينات وسيلة فعالة للوقاية من الأعراض وتقليلها لكل من الأشكال الحادة والخفيفة.
2 – الحد من التوتر
يعد التقليل من التوتر إحدى أهم فوائد الصحة العقلية والنفسية التي يمكنك الحصول عليها من التمارين الهوائية وغيرها من أشكال النشاط البدني.
وقد أوضحت جمعية علم النفس الأمريكية أن 44% من البالغين الذين يقومون بالمشي يومياً يعيشون يومهم بعيداً عن التوتر، وبالتالي يؤدي الحد من التوتر إلى تحسين جودة حياتك وصحتك العقلية والنفسية بشكل إيجابي.
3 – أفكار وذكريات أوضح
ومن بين فوائد الصحة العقلية والنفسية التي سنجنيها من ممارسة الرياضة، أن الشخص ستكون لديه ذكريات وأفكار أوضح من ذي قبل.
فوفقاً لـBetter Help يطلق الجسم هرمون الإندورفين عندما يتحرك الجسم بكثرة، وهو الهرمون المسؤول عن تحسين مهارات التركيز، إضافة إلى تعزيزه نمو خلايا دماغ جديدة تساعد على تقوية الذاكرة.
ليس ذلك وحسب، بل إن هذا الهرمون السحري لديه فوائد متعلقة بمكافحة الأمراض العقلية والنفسية المتعلقة بالشيخوخة.
4 – تحسين السلوك
لا شك في أن العلاقات الاجتماعية تلعب دوراً حيوياً في الصحة العقلية والنفسية لكل فرد، ولحسن حظنا فإن ممارسة التمارين الرياضية تمهد الطريق لك لتحسين علاقاتك تلك والتواصل بشكل أكبر مع البشر.
إذا كنت من الأشخاص الذين يحبون الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بمفردهم فننصحك بالتفكير مجدداً من أجل الذهاب رفقة أصدقائك أو أن تنشئ علاقات جديدة هناك.
إذ يمكن للعلاقات الإيجابية على المدى الطويل أن تمهد لك الطريق لتشكيل مهارات تواصل لم تكن لديك من قبل.
5 – شعور أقل بالوحدة
نحتاج جميعاً إلى الشعور بالانتماء والتواصل مع من حولنا حتى نشعر بالدوافع الإيجابية والحماسة، التي من دونها يمكننا أن نقع داخل دوامة الشعور بالوحدة وما يُعرف بالشعور بالاغتراب، وهو انهيار الروابط الاجتماعية.
وقد وُجد أن التمارين طريقة رائعة لتعزيز التواصل، ويعطي النشاط البدني المنتظم إحساساً بالانتماء لكيان أو مجموعة ويعطي أيضاً الشعور بوجود هدف، لذا فالتمارين ذات قيمة خاصة إذا كان الشخص يمر بمرحلة انتقالية في الحياة.
فوائد ممارسة التمارين الرياضية الأخرى
بعيداً عن فوائد الصحة العقلية والنفسية، فإن لممارسة التمارين الرياضية فوائد جسدية أخرى، وهي وفقاً لما ذكره موقع Health Direct الطبي:
الحد من مخاطر الأمراض مثل أمراض القلب والرئة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسمنة، والسرطان، والخرف، والزهايمر، وباركنسون.
تساعد الناس على التعافي من السكتة الدماغية والعديد من الأمراض والحالات الأخرى.
تساعدك على إنقاص الوزن إذا كنت ترغب في ذلك، وهو أمر جيد لصحتك بشكل عام وقد يكون مفيداً لتقديرك لذاتك.
ما مقدار التمرين الذي تحتاجه يومياً؟
توصي الإرشادات البالغين بممارسة 30 دقيقة على الأقل، من النشاط البدني المعتدل إلى المكثف في معظم أيام الأسبوع أو كلها، كما يمكنك قضاء 30 دقيقة على مدار اليوم، من خلال الجمع بين جلسات أقصر من 10 إلى 15 دقيقة.
وتشمل التمارين المعتدلة أنشطة مثل المشي السريع وركوب الدراجات والسباحة والجري.
كما يذكر موقع Mayo Clinic أنه من المهم أيضاً تقليل وقت الجلوس، فكلما زاد عدد ساعات جلوسك كل يوم، زاد خطر إصابتك بمشاكل التمثيل الغذائي.
إذ يمكن أن يؤثر الجلوس كثيراً بشكل سلبي على صحتك وطول العمر، حتى لو حصلت على المقدار الموصى به من النشاط البدني اليومي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.