عندما تحتار في اتخاذ القرارات، أو تشغلك حفلة لم تحضرها.. عن الـ”فومو” أو الخوف من فوات الأشياء

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/02 الساعة 15:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/31 الساعة 11:01 بتوقيت غرينتش
الـ"فومو" أو الخوف من فوات الأشياء - مصدر الصورة: iStock

أعجبتك فتاة جميلة وذكية وبينكما توافق ديناميكي لطيف لكنك متردد في اتخاذ خطوة جدية لإظهار إعجابك بها، وذلك لأنك تعتقد من داخلك أنك ستجد فتاة أكثر جمالاً أو ذكاءً أو تربطكما ديناميكية أقوى؟ ربما أنت مُصاب بالـ"فومو"(FOMO) وهي اختصار للمصطلح الإنجليزي (Fear of Missing out) أو "الخوف من فوات الأشياء".

هذا الاضطراب النفسي الذي يجعلك تخاف من اتخاذ خيار لانتظارك الخيار الأفضل، أو يُقلقك من اتخاذ قرارٍ خاطئ قد تندم عليه لاحقاً، قد تلاحظه في أبسط الأمور، مثل أن تُعجبك حافظة للهاتف، فتقرر ألا تشتريها إلا بعد جولة في عشرات المحال أو المواقع الإلكترونية، لتقرر أنها الأفضل في السوق فعلاً وأنه لا توجد حافظة أفضل منها.

 الـ"فومو" أو الخوف من فوات الأشياء

الخوف من فوات الفرص الأفضل أو الندم على اتخاذ قرارات حالية تضيّع فرصاً مستقبلية أفضل، أو تفويت فرصة للتفاعل الاجتماعي والشعور بأن الآخرين قد يتمتعون بمزيد من المرح في المكان الذي لا توجد فيه، أو يحظون بحياة أفضل منك، وهو ما يولّد حرصاً دائماً على البقاء على الاتصال بالآخرين ومتابعة ما يفعلونه، للشعور بالإرضاء والعزاء.

الـ
الـ"فومو" أو الخوف من فوات الأشياء قد يحدث بسبب استخدام الشبكات الاجتماعية – iStock

شعور أن "شيئاً ما أفضل قد يفوتك أو يحدث من دونك" عضَّده الانتشار الكبير لاستخدام الشبكات الاجتماعية، ويقول علماء النفس المتخصصون، ومن بينهم أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا شيري توركل، لموقع Psych Central المتخصص بمواضيع الصحة النفسية والعقلية، إن هذا القلق الاجتماعي أصبح أكثر انتشاراً بين الشباب، بسبب اطلاعنا على حياة الآخرين طوال الوقت.

لكن اللوم ليس فقط على الشبكات الاجتماعية، بل أيضاً على الضغط المجتمعي وأحياناً النفسي، سواء بسبب توقعات المحيط الاجتماعي للشخص أو توقعاته هو نفسه لتحقيق تفرُّد وتميُّز عن الآخرين سواء بالوجود في علاقات اجتماعية معينة، أو كسب فرص أفضل سواء من العمل وكسب المال والارتباط أو حتى في الترفيه وغيره من الأنشطة الأقل.

هل الخوف من فوات الأشياء أمر يستحق الخوف؟ 

التوتر والقلق ومشاكل النوم أبرز المشاكل التي قد يعانيها المصابون باضطراب الخوف من فوات الأشياء هذا، وهذا ما خلصت إليه دراسة كندية أجريت لعام 2018 بجامعتي كارلتون وماكجيل.

إذ ركزت الدراسة على تأثير هذا القلق الاجتماعي على طلاب السنة الأولى بالجامعة، وراقبوا سلوكهم في التعامل مع هواتفهم لأسبوع كامل، وخلال الدراسة كان الطلاب يتلقون 5 استبيانات يومية لتسجيل شعورهم الحالي، ومدى رضاهم عن الحياة أو شعورهم بالسعادة والرفاهية.

في نهاية الدراسة خلص الباحثون الكنديون إلى أن المشاركين الذين بدت سلوكياتهم أشبه بالتزامات شخصية بدراسة أو عمل، عانوا من التوتر والتعب ومشاكل النوم بمتابعة ما يدور على هواتفهم. بعدها قام الباحثون بمقارنة شعور المشاركين، في حال القيام بخطط مسائية مرتبة مع آخرين ونشاط آخر بديل صممه الباحثون، وكان القلق يظهر في حالة وضع المشاركين، في الخيار الثاني وتفويتهم نشاطاً مرتبطاً مع آخرين.

الدراسة التي نقلتها مجلة Psychology Today الأمريكية، أظهرت أيضاً مشاعر تشتت انتباه لدى المشاركين في النشاط المخطط له معملياً رغم حرص الباحثين على إظهار ميزاته، وفسروا هذا الشعور بأنه بسبب فقدان الشخص المشاركة في نشاط آخر سمع به من شخص آخر أو عرفه عن طريق الشبكات الاجتماعية.  

تاريخ الـ"فومو"

الدراسة سالفة الذكر تركز بشكل أساسي على تأثر هذا الخوف والقلق النفسي بالاستخدام الحالي الواسع للشبكات الاجتماعية ومعرفتنا ما يدور في حياة الآخرين، لكن في الحقيقة أن هذا القلق بدأ استخدام هذا المصطلح قبل أكثر من ربع قرن.

تاريخ الـ
تاريخ الـ"فومو" أو الخوف من فوات الأشياء – iStock

إذ أشار موقع Very Well Mind المتخصص بتغطية مواضيع الصحة النفسية والجسدية إلى دراسة أجريت في عام 1996 (بواسطة مخطط تسويق يدعى دان فيرمان)، وصاغ فيها لأول مرةٍ مصطلح "الخوف من فوات الأشياء"، وربطه أيضاً بالاطلاع على ما يحدث حولنا واطلاعنا على الخيارات الأفضل المتوافرة، لكن الكلمة وجدت طريقها إلى قاموس "أكسفورد" في عام 2013 فقط.

كيف تتخلص من هذا الخوف؟

نصائح مواقع الصحة النفسية سالفة الذكر ركزت في نصائحها على تغيير إدراك الشخص لنفسه بنفسه، عن طريق التركيز على المكاسب الفورية مما يفعله، وتقليل التفكير في الخسائر المحتملة من الحدث الآخر الذي يفوته، وكذلك تنظيم استخدام الشبكات الاجتماعية مقابل تحقيق التوازن الاجتماعي بعلاقات اجتماعية حقيقية سواء بالمشاركة في الفعاليات مع الأصدقاء أو ممارسة بعض الأنشطة الخاصة.

أيضاً من النصائح المذكورة في هذا الصدد، والتي تتوارد أمامنا كثيراً في منشورات على الشبكات الاجتماعية، أن المشاركات عليها تكون من الجانب المشرق اللامع من حياتنا، لكن هذا لا يعني أن كل الفعاليات الاجتماعية وما يفعله الآخرون بهذا الجمال الذي نراه من بعيد، وهكذا لن يكون على الشخص البحث عن خيارات أفضل لتحقيق الإرضاء لذاته بأنه يملك الخيار الأفضل. 

قد يهمك أيضاً: هل شاهدت يوماً شخصاً يضحك في عزاء؟ هو لا يقصد الإهانة.. فلماذا نضحك في المواقف الحزينة إذاً؟

علامات:
تحميل المزيد