حدث شيء سيئ للتو لكنك تشعر بالحماسة، أو يُسعدك القيام بالأشياء الخطيرة؟ تعالَ نشرح لك السبب

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/18 الساعة 15:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/07 الساعة 14:20 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية من iStock

قد تشعر بأن هناك شيئاً خطأً فيك عندما تشعر بنوعٍ من الحماسة- أو قد تظنها السعادة- عندما تحدث أشياء سيئة لك أو لأحدهم أمامك، أو عندما تقوم بممارسة أشياء خطيرة، هل هذا الشعور طبيعي أم أنه إنذار بأن أمراً ما خطأً في إدراك مشاعرك للأحداث حولك؟

الأمر يتعلق بالدوبامين

عندما نتحدث عن ممارسة الأشياء الخطيرة فإن الأمر يتعلق بشكل أساسي بـ"الدوبامين"، وهي مادة كيميائية يفرزها الدماغ، وتنقلها الخلايا العصبية، ويربطها العلماء بشعور المتعة أو الحماسة بشأن "المكافأة" المنتظرة من أحداث معينة.

نظام الدوبامين النشط يمكن أن يجعلنا نخوض مزيداً من المخاطر ونتحمّس لها، ففي دراسة أجريت على مرضى "الباركنسون"، وهو مرض عصبي يعرف باسم الشلل الارتعاشي، ونشرت نتائجها المجلة الطبية الأمريكية JAMA Network عام 2010، تناول المرضى أدوية تُحفِّز مستقبِلات الدوبامين المستخدمة لعلاج أعراض حركتهم، وبعدها أصيب 17% منهم بإدمان سلوكيات غير متوقعة مرتبطة بالجنس أو التسوق أو الأكل، إضافة إلى حماستهم لمزيد من المخاطر.

وأظهرت الدراسة أنَّ توقع الفوز يرتبط بزيادة نشاط الدماغ بمناطق الدوبامين، في حين أنَّ توقع الخسارة يرتبط بانخفاض هذا النشاط. والفوز قد يكون متعلقاً بإنجاز مهمة صعبة وتجاوز موقف سيئ أيضاً.

لكن في بعض الحالات تكون زيادة إفراز الدوبامين لها علاقة بخلل في بعض المستقبِلات العصبية، أو خلل جيني، وليس مجرد حماسة لنتائج بها مكافأة، وفق التفسير الذي وضعه موقع The Conversation العلمي.

الأمر الأساسي الذي تذهب إليه الدراسة هو حماسة الشخص ناحية النتائج الإيجابية والمكافأة المنتظر أن يحصل عليها، لكن العكس تماماً وهو أن إدراك المخاطر والنتائج السلبية يُمكن أن يقلل إفراز الدوبامين، وهي نتائج استخلصتها دراسة معملية أخرى أجريت في عام 2016 ونشرت نتائجها في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب (NCBI).

مشاعرك تجاه الشخص الذي يتعرض لموقف سيئ

وفقاً لدراسة أجريت عام 2020 نُشرت في مجلة Personalality and Individual Differences، فإن الإجابة قد تتلخص ببساطة فيما إذا كنت تحب هذا الشخص الذي يتعرض لموقف سيئ أمامك أم لا.

ففي هذه الدراسة، راقب الباحثون ردود فعل مجموعة من المشاركين في لعبة رهان، حيث ربحوا أو خسروا أو شاهدوا غرباء يلعبون، وأظهرت النتائج أنه عندما يكون المُراهِن محبوباً حتى لو كان غريباً، يُظهر جميع الأشخاص التعاطف، أما الأشخاص غير المحبوبين مثل النرجسيين المتمحورين حول ذواتهم، فكانوا أكثر عرضة لتجربة الشماتة مقارنة بأولئك الذين كانوا أكثر تعاطفاً مع الآخرين.

أيضاً في دراسة أجريت عام 2015 على مجموعة أطفال ونُشرت نتائجها في مكتبة الطب الوطنية الأمريكية (NCBI)، توصل الباحثون إلى نتائج متشابهة، وذلك عندما طُرح على الأطفال أسئلة حول مجموعة متنوعة من القصص المستندة إلى الصور لأبطال عانوا من نوع من أنواع الأزمات أو المشاكل.

أشارت النتائج إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات، كانوا قادرين على تجربة كل من الشماتة والتعاطف حسب الموقف، إذ كان الأطفال أكثر تعاطفاً عندما كان أبطال الرواية محبوبين، وكذلك عندما كانوا أكثر إيجابية من الناحية الأخلاقية، وعندما كان من الواضح أن الأشياء السيئة التي حدثت لهم لم تكن ذنبهم، بينما شعر الأطفال بالشماتة عندما كان بطل الرواية مكروهاً، وإذا كانوا غير أخلاقيين، وإذا كانوا سبباً فيما حدث لهم.

لكن موقع مجلة علم النفس الأمريكية Psychology Today طمأن بأن شعور الشماتة أو عدم التعاطف من وقت لآخَر طبيعة بشرية، خصوصاً عندما يكون نتيجة لأفعال الأشخاص السيئة أو يستحقونها.

الهرمونات مرة أخرى، أو ربما اضطراب!

سأل أكثر من مستخدم على موقع Reddit وQuara أسئلة قريبة، وكانت إجابات البعض منطقية في تحليل هذا الشعور الذي لم يفرد له الباحثون أبحاثاً كثيرة بعد.

فكانت هناك أسئلة مثل: "كان لديَّ صديق مريض بالمستشفى ودخل في غيبوبة، كنا جميعاً نود الاطمئنان عليه، وننتظر أياماً للحصول على أي أخبار جيدة عن تحسن صحته، وعندما بدأ في التحسن، شعرت كأن أملي خاب! رغم أني أحب هذا الصديق.. هل هذا الشعور طبيعي؟ أن القلق يُشعرني بالإثارة؟ أم أن الإحباط فقط جاء لفقدي شعور الأمل الذي كنت أعيش عليه في انتظار خبر جيد؟ أم أنني شخص سيئ؟".

وكانت الأجوبة تدور حول أن الحماسة جاءت من إفراز الجسم الأدرينالين نتيجة الموقف الصعب، ما يعطي جسمك هزة لا تصدق، وشعوراً بالإثارة، أو الهرمونات التي تفرزها الغدة الكظرية في الأحداث الصعبة، والتي قد يحسبها بعض الأشخاص شعوراً بالإثارة، رغم أنها مجرد طاقة عصيبة زائدة مع الموقف.

لكن بادي ثورنتون، خريج جامعة جراند كانيون الأمريكية، يعتقد أن توصيف هذا الشعور أقرب إلى "اضطراب الهوية التفارقي/Dissociative identity disorder" المعروف سابقاً باسم اضطراب تعدد الشخصيات، وقال إن من أعراضه الانجذاب إلى شيء سلبي لا يؤثر علينا بشكل مباشر، باعتباره شكلاً من أشكال التشويق الاجتماعي بأن أمراً غير عادي على وشك الحدوث، لكن يلازمه شعور عدم التعاطف مع من يتعرضون للأحداث السيئة.   

قد يهمك أيضاً: هل شاهدت يوماً شخصاً يضحك في عزاء؟ هو لا يقصد الإهانة.. فلماذا نضحك في المواقف الحزينة إذاً؟

علامات:
تحميل المزيد