يحتاج المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي إلى غسيل الكلى بانتظام، وهو علاج جائر ومحفوف بالخطر. إلا أن باحثين بجامعة كاليفورنيا نجحوا في تقديم نموذج أولي لكلية اصطناعية حيوية تغني المريض عن هذا العناء وتعيد له حريته.
وفاز "مشروع الكلى" بجائزةٍ قيمتها 650 ألف دولار إلى جانب 5 ابتكارات أخرى من قبل مؤسسة كيدني إكس الأمريكية.
وأنشئت هذه المؤسسة كمشروع مشترك بين وزارة الصحة الأمريكية والجمعية الأمريكية لأمراض الكلى، وذلك لدعم وتطوير العلاجات المبتكرة لأمراض الكلى.
كلية اصطناعية تعمل بضغط الدم
ويتم العمل على "مشروع الكلى" منذ عدة سنوات تحت إشراف البروفيسور شوفو روي، الذي توصل مع فريقه إلى كلية يمكن زراعتها دون الحاجة إلى أدوية مع توفير التنقل الكامل للمريض.
ويشمل الجهاز أيضاً أجهزة استشعار تعمل كمنصة لمساعدة الأطباء في مراقبة الصحة العامة للمرضى.
بدوره قال الدكتور أيرا كورتز الذي عمل على تطوير هذه الكلية، إن الكلى هي أكثر الأعضاء تعقيداً في جسم الإنسان، حتى أكثر من الدماغ.
وأضاف لموقع Healthcare It News: "من الأسهل بناء طائرة 747 من الخلايا الجذعية بدلاً من بناء كلية".
يبلغ حجم هذه الكلية الصناعية حجم الهاتف المحمول وتقوم بإزالة الفضلات والسموم من الدم دون الحاجة إلى تسييله كما يحصل في عملية الغسيل الحالية أو حتى دون الحاجة لتناول أدوية مثبطة للمناعة.
يتكون الجهاز من جزأين رئيسيين:
- مرشح الدم المصنوع من أغشية السيليكون شبه الموصلة التي تزيل الفضلات من الدم.
- المفاعل الحيوي الذي يحتوي على خلايا الأنابيب الكلوية، والتي تنظم حجم الماء وتوازن الكهارل ووظائف التمثيل الغذائي الأخرى.
تحمي الأغشية أيضاً هذه الخلايا من التعرض لهجوم من قبل جهاز المناعة لدى المريض.
تتصل الكلية الاصطناعية بشريانين رئيسيين في المريض؛ أحدهما ينقل الدم المراد لتصفيته، والآخر ينقل الدم المصفى مرة أخرى إلى الجسم وكذلك إلى المثانة، حيث يتم ترسيب الفضلات على شكل بول.
وأظهر الفريق الرابح أن الكلية الاصطناعية الحيوية بضغط الدم وحده، دون الحاجة إلى مضخات أو مصادر طاقة خارجية.
ومكافأة لكل هذه الجهود، حصل باحثو جامعة كاليفورنيا على جائزة بقيمة 650 ألف دولار أمريكي من KidneyX، كأحد الفائزين بجائزة المرحلة الأولى للكلى الاصطناعية.
فائز آخر: كلى محمولة في حقيبة ظهر
جائزة أخرى حصل عليها فريق من جامعة واشنطن؛ لابتكارهم كلية صناعية أيضاً تمنح المرضى مزيداً من المرونة في حياتهم من خلال تحريرهم من علاجات غسيل الكلى بالمركز، حسبما جاء في البيان الصحفي للفريق الطبي الفائز.
تم تصميم الجهاز على شكل قلب صناعي قابل للزرع يتم تشغيله بواسطة مضخة بحجم حقيبة الظهر تدعمها بطارية، ويتم التخلص من السموم والفضلات عبر تحويلها إلى غازات تطلق في الجو.
أما الفائزون الباقون فتلخصت ابتكاراتهم على الشكل التالي:
ديفيد كوبر من جامعة ألاباما: كلى الخنازير المعدلة وراثياً والتي ستقلل من إمكانية الرفض مع توفير كلى متبرعة أكثر قابلة للحياة.
imec USA Nanoelectronics Design Centre: نظام لا سلكي مصغر لإزالة السموم من قبل الكلى الاصطناعية، وهو نظام قابل للزرع أو يمكن ارتداؤه أو حمله أو وضعه بجانب السرير.
علاجات ماكانا: كلى خنازير معدلة وراثياً، ستزيد من إمداد الأعضاء القابلة للزرع، عن طريق القضاء على حاجز الأجسام المضادة التي تحول دون زرع الأعضاء.
ماذا تفعل الكلى؟
وأخيراً، تؤدي الكلية التي لا يتعدى حجمها حجم قبضة اليد العديد من الوظائف الحيوية في الجسم، أبرزها تصفية السموم والفضلات من الدم، وكذلك تنظيم ضغط الدم وتركيزات الإلكتروليت وسوائل الجسم الأخرى.
تصفي يومياً نحو 140 لتراً من الدم، وتتخلص من نحو لترين من الماء والنفايات عبر البول.
لذلك عندما تفشل الكلى، فإن تكرار هذه العمليات أمر في غاية التعقيد.
يبدأ المرضى بغسيل الكلى، وهو علاج غير مريح ويتوجب زيارة المريض مركز الغسيل 3 مرات في الأسبوع وفي كل مرة يضطر للبقاء ما لا يقل عن 4 ساعات.
وغالباً ما يكون الحل على المدى الطويل هو زراعة الكلى، التي تعيد المريض إلى حياته الطبيعية إلى حد كبير، ولكن هذا الحل أيضاً يأتي بمخاطره لناحية الأدوية المثبطة للمناعة لمنع الجسم من رفض العضو الجديد.
جميع هذه التحديات والمخاطر دفعت العلماء إلى محاولة البحث عن علاج جديد عبر الكلى الاصطناعية والتي بدأت منذ عقود، لكنها تلقت دعماً مادياً عام 2019 من الحكومة الأمريكية؛ لتسريع جهود التوصل إلى حلول طبية مبتكرة.
أمل لمرضى الفشل الكلوي
ويعاني 850 مليون شخص حول العالم من أمراض الكلى، حسب موقع الجمعية الدولية لأمراض الكلى ISN، وهو رقم قابل للارتفاع نتيجة انتشار الأمراض الأخرى التي تؤدي إلى فشل الكلى كالسمنة والضغط وغيرهما.
ويعد هذا الرقم ضعف عدد المصابين بالسكري (422 مليون حول العالم) وحتى المصابين بمرض نقص المناعة (36.7 مليون نسمة)، حسب ما نشرته مؤسسة كيدني أكس.
وبينما يعتبر علاج الكلى مكلفاً للغاية في بلد مثل أمريكا (88 ألف دولار في السنة)، فإن العديد من دول العالم النامية لا تستطيع تقديم العلاج؛ يحصل ثلث المرضى في آسيا فقط على العلاج، وتقل النسبة أكثر في إفريقيا.
أما الكلية الاصطناعية التي حازت الجائزة، فتنتقل إلى مراحل التجارب البشرية إذا ما تلقت الدعم اللازم، وهو ما يأمله فريق جامعة كاليفورنيا قريباً، من خلال إبرام شراكات مع مستثمرين وجهات طبية أخرى.
وتتوقع مؤسسة كيدني أكس إطلاق المرحلة التالية من المسابقة العالمية، والتي ستمنح جوائز تصل إلى 6 ملايين دولار في وقت لاحق من عام 2021؛ لضخ مزيد من الأموال في هذا القطاع البحثي الذي تم إهماله.