إذا كنت من أولئك المهتمين باللياقة البدنية بشكل عام فلا بد وأنك -في مرحلة من المراحل على الأقل- وضعت هدفاً للمشي 10 آلاف خطوة يومياً، وتابعت عدد خطواتك اليومي من خلال مراقبة ساعتك الذكية أو أحد التطبيقات على هاتفك.. لكن هل تساءلت مسبقاً إذا كنت تحتاج بالفعل للسير 10 آلاف خطوة يومياً؟
هل نحتاج بالفعل إلى المشي 10 آلاف خطوة يومياً؟
ستتفاجأ بمعرفة أن هدف الـ10 آلاف خطوة ليس هدفاً مبنياً على الأبحاث والدراسات العلمية، إنما انتشر بين صفوف المهتمين باللياقة البدنية عن طريق الصدفة البحتة.
فوفقاً لما ورد في موقع BBC، يعود الرقم السحري "10 آلاف" إلى حملة تسويقية أجريت قبل وقت قصير من بدء دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 1964.
حيث أنتجت شركة مملوكة لصانع ساعات ياباني عداداً للخطوات بكميات ضخمة، وقد حمل العداد اسماً تبدو حروفه باليابانية أشبه برجلٍ يمشي. وكان اسم العداد "مان بو كي" حيث إن "مان" تعني 10 آلاف، و"بو" تعني خطوات، بينما "كي" تعني متر.
وقد لاقى عداد الـ10 آلاف خطوة شعبية واسعة استمرت لعقود وارتبط الرقم بأذهاننا بعدد الخطوات المثالية التي يجب أن نمشيها يومياً.
لكن وفقاً للدكتورة آي-مين لي، أستاذة علم الأوبئة وخبيرة الصحة، فإن الدراسات اليوم تُشير إلى أننا لسنا بحاجةٍ للمشي 10 آلاف خطوة من أجل الصحة والعمر المديد.
حيث وجدت دراسةٌ أجرتها آي-مين وزملاؤها عام 2019 أن النساء في السبعينات من عمرهن تقل مخاطر وفاتهم مبكراً بنسبة 40% عند السير 4400 خطوة يومياً، وذلك عند مقارنتهن بالنساء اللواتي يمشين أقل من 2700 خطوة يومياً.
كما تقل مخاطر الوفاة المبكرة أكثر لدى النساء اللواتي يمشين أكثر من خمسة آلاف خطوة يومياً، لكن فوائد المشي تتوقف عند السير نحو 7500 خطوة يومياً.
وبعبارةٍ أخرى، يمكن القول إن كبار السن من النساء، اللواتي أتممن نصف الـ10 آلاف خطوة الموصى بها أسطورياً -أو أقل قليلاً- سوف يتمتعون بصحة أفضل وحياةٍ أطول مقارنةً بالنساء الأخريات.
بينما وجدت دراسةٌ موسعة أخرى، أُجريت العام الماضي على نحو خمسة آلاف رجل وامرأة من مختلف الأعراق في منتصف العمر، أن المشي 10 آلاف خطوة يومياً ليس أمراً ضرورياً من أجل طول العمر.
وتبيّن في تلك الدراسة أن الأشخاص الذين يمشون نحو ثمانية آلاف خطوة يومياً تقل احتمالات وفاتهم المبكرة نتيجة أمراض القلب وغيرها بنسبة النصف، وذلك عند مقارنتهم بمن يمشون نحو أربعة آلاف خطوة يومياً.
وكانت فوائد الخطوات الإضافية قليلةً من الناحية الإحصائية، ما يعني أن المشي الإضافي لن يضر الناس وصولاً إلى 10 آلاف خطوة وما بعدها. لكن الخطوات الإضافية لم تُقدم ما يثبت أنها توفر حمايةً إضافية من الموت المبكر أيضاً.
هل هو هدف نستطيع تحقيقه فعلياً؟
من الناحية الواقعية، لا يصل الكثيرون منا إلى تحقيق هدف الـ10 آلاف خطوة على أي حال. فوفقاً للتقديرات الحديثة، يمشي غالبية البالغين في أمريكا وكندا وغيرها من الدول الأوروبية أقل من خمسة آلاف خطوة يومياً في المتوسط، وفقاً لما ورد في صحيفة New York Times الأمريكية.
وإذا بلغنا هدف الـ10 آلاف خطوة، فإننا لا نحافظ على استمراريته في المعتاد.
إذ زوّدت دراسةٌ شهيرة في مدينة غنت البلجيكية عام 2005 المواطنين بعدادات الخطوات وشجعتهم على السير 10 آلاف خطوة يومياً على الأقل لمدة عام.
ومن بين 660 رجلاً وامرأة شملتهم الدراسة، وصل نحو 8% منهم فقط إلى هدف الـ10 آلاف خطوة يومياً بحلول نهاية العام.
ولكن دراسةً تكميلية بعد أربع سنوات وجدت أنهم توقفوا جميعاً بالكامل عن السير لتحقيق هذا الهدف. وعاد غالبيتهم إلى معدلاتهم الطبيعية، ليسيروا نفس عدد الخطوات التي كانوا يمشونها قبل بدء الدراسة تقريباً.
لكن الأنباء الجيدة هي أن زيادة عدد خطواتنا اليومية الحالية ببضعة آلاف فقط قد يكون هدفاً مقنعاً وكافياً وقابلاً للتحقيق بحسب آي-مين.
وتقول آي-مين إنّ الإجمالي قد يصل إلى نحو 16 ألف خطوة من التدريب الأسبوعي أو أكثر قليلاً لغالبية الناس، أي ما يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف خطوة يومياً تقريباً.
وإذا كنت تمشي نحو خمسة آلاف خطوة يومياً مثل غالبية الناس خلال أنشطتك اليومية مثل التسوق والأعمال المنزلية، فإن السير ألفين وثلاثة آلاف خطوة إضافية تقريباً سيرفع الإجمالي إلى سبعة أو ثمانية آلاف خطوة في اليوم، وهو رقم مثالي بحسب الدكتورة آي-مين.