الخصوبة هي إحدى المشاكل الرئيسية التي قد تخلق نوعاً من التوتر والقلق بين الزوجين، إذ يعاني حوالي 80 مليون شخص حول العالم من ضعف الخصوبة (سواء صعوبة الحمل أو الإجهاض)، وفقاً لخدمة الصحة الوطنية بالمملكة المتحدة NHS، ويواجه زوج واحد من بين كل 7 أزواج في المملكة المتحدة صعوبات في الحمل.
التوتر إزاء الخصوبة قد يكون مانعاً أساسياً لحدوث الحمل
تقول كريستين هايوارد، خبيرة الخصوبة والولادة: "نحن بشر، والرغبة في الإنجاب وتكوين العائلة أمر طبيعي. لكن عندما لا يحدث ذلك بسهولة، فقد ينتاب الناس شعور بالفشل أو الظلم أو الأذى. وتؤدي تلك المشاعر إلى مزيد من التوتر مما قد يدخلنا في حلقة سلبية مفرغة".
سمعنا كلنا حكاياتٍ عن أزواج قيل لهم إنهم عاجزون عن الإنجاب بشكل طبيعي، ثم حدث الحمل بعد ذلك بشهور، في وقتٍ لم يتوقعوا فيه ذلك.
تقول هايوارد إن الأمر قد لا يكون محض مصادفة، "عندما نتوتر، تتحول أجسامنا إلى وضع المقاومة، وتؤجل حدوث الحمل إلى أن نشعر ثانية بالأمان الكافي".
بعبارة أخرى، يمكن أن يكون توترك إزاء الخصوبة هو ما يمنعك من الحمل، وفقاً لما ورد في مجلة Glamour Magazine البريطانية.
لكن الحفاظ على هدوئك واسترخائك بينما تجرين اختبارات الحمل واحداً تلو الآخر، وتتساءلين إذا كانت تلك التقلصات إشارة إلى قرب دورتك الشهرية أم لها علاقة بحدوث الحمل، واللجوء إلى مواقع الدردشة للحصول على بريق من الأمل، كل ذلك قد يجعل الاسترخاء مستحيلاً.
ففي كل مرة تأتي فيها الدورة الشهرية ويخيب أملك مجدداً لعدم حصول الحمل، سترتفع مستويات التوتر والإجهاد أكثر وأكثر.
تقول هايوارد: "لكن الأمر لا يقتصر على القلق، بل تظهر كذلك مجموعة أخرى من المشاعر المختلفة. منها أن تشعر النساء أو الأزواج بالوحدة والاستبعاد عندما يرون أصدقاءهم وعائلاتهم ورفاقهم ينجبون طفلاً بعد طفل بسهولة. ينتابهم حينها شعور مفهوم بالغضب والغيرة من نجاح الآخرين. لكنهم عادة يعجزون عن مشاركة مشاعرهم، وإذا فعلوا، يجيبهم الناس بتعليقات مُزعجة عن غير قصد".
كما أن هناك القلق المتعلق بالحالة المادية، إذ عادة ما تُجرى عملية التلقيح الصناعي على دورتين أو ثلاث، وفقاً للمكان الذي تعيش فيه. وبينما يكون في وسع بعض الأزواج "استكشاف كل الخيارات" بما في ذلك طلب المساعدة الخاصة، يشعر غيرهم بالحنق من حدود قدراتهم المالية، بحسب ما تقول هايوارد.
ما الحل إذاً عندما تشعرين وكأنك تحاربين القلق بشأن الخصوبة؟
تقول هايوارد: "من الضروري أن تخلقي شبكة دعم قوية سواء من العائلة أو الأصدقاء أو سواهم لمساعدتك في تجاوز التوتر الناتج عن تأخر الحمل أو مشاكل الخصوبة الأخرى، وأن تفكري بعناية بالأشخاص الذين تودين إخبارهم عن مشاكلك، وفيمن يمكنه تقديم الدعم الحقيقي لك، ومن لا يجب أن يعرف القصة كاملة إذا كان ثمة احتمال أن يزيد من توترك بتعليقاته أو اقتراحاته أو حتى مشاعره الخاصة".
وتضيف: "تُعد الخصوبة رحلة شخصية للغاية، وعادة ما لا يُتداول الحديث عنها. إلا أنه قد يفيدك في بعض الأحيان أن يعرف شخص ما في العمل عما تمرين به. قد لا يكون ذلك الشخص زميل عمل مباشر أو رئيسك، بل ربما الأنسب أن يكون شخصاً من قسم الموارد البشرية، لكي يكون لديك من يتفهم تواصل مواعيدك عند الطبيب وأن يُغطي غيابك ويساندك بالعبارات اللطيفة. ولا يعني ذلك أن عليك الإفصاح عن كل التفاصيل، بل إن مجرد معرفتك أن هناك من يعرف ما تمرين به يُقلل شعورك بالوحدة".
نصائح كريستين هايوارد للتغلب على القلق إزاء الخصوبة
1- طوري وعيك بمشاعرك وأقري بأنها مجرد مشاعر وليست شيئاً فعلياً "ملموساً". ثم اختاري روتيناً قصيراً يومياً تؤدينه لخلق طريقة تفكير إيجابية.
2- خذي أنفاساً طويلة وبطيئة، إذ من شأن ذلك أن يساعدك على تهدئة جهازك العصبي وإرخاء عقلك وجسدك.
3- التصورات وعبارات التشجيع القصيرة والإيجابية: افعلي ذلك أثناء الاستحمام، وعندما تذهبين إلى النوم، واكتبي العبارات التشجيعية ووزعيها في أنحاء المنزل أو اطلبي من أحدهم أن يُرسلها لك بانتظام.
4- النشاط البدني: مارسي اليوغا أو تمارين البيلاتيس أو أي شيء غير مجهد للغاية.
5- حددي مشاعرك السلبية -الغضب أو الغيرة أو القلق أو الوحدة أو الذنب أو العجز أو المخاوف- وحاولي التخلص من جميع المشاعر التي تؤثر على صحتك العامة.
6- تحكمي في قوة عقلك واستغليها، وتذكري أن المخاوف ما هي إلا مشاعر سلبية مقترنة بأفكارنا، لذا فإن تحويل مصدر القلق إلى فكرة واقعية وإطلاق سراحها، سيصفي عقلك ويسمح لك بالمضي قدماً بحرية وإيجابية أكبر.
7- دربي عقلك على التركيز على يومك الحاضر، واعثري على الإيجابيات فيه، ولا تسمحي لعقلك بالتفكير في الأسابيع والشهور والسنوات القادمة وفي مختلف الاحتمالات.
8- تحرري من التوتر على مستوى عقلك الباطن، إذ يُعد التفكير الإيجابي جوهرياً عند اختيار كيفية الاستجابة للمعلومات والمواقف بشكل واعٍ.
9- اختاري بعناية بضعة أشخاص تشاركين رحلتك معهم. وتذكري أن أقرب أصدقائك أو أفراد عائلتك ليسوا بالضرورة أنسب من يدعمك في هذا الأمر.
10- تجنبي البحث المستمر على جوجل ومجمعات الخصوبة المنتشرة على الإنترنت، وكوني واعية بما هو مفيد وما يُسبب لك ضغطاً أو توتراً إضافياً. وقد لا يكون الطريق الذي سلكته إحداهن هو ما يناسبك، حتى لو كانت تجربتها ناجحة.
11- تذكري أننا نحب أن نكون على صواب، لذا فإن عقولنا تبحث دوماً عن إقرارات تفيد بأننا على حق. املئي عقلك بالأفكار الإيجابية، وسيجعله ذلك يسعى لإثبات تلك الإيجابيات بدلاً من التركيز على السلبيات.
12- لا توقفي حياتك حتى مجيء الطفل، بل استمري في خططك والارتقاء في حياتك المهنية وسافري (كلما أمكن!). يأتي الأطفال عادة حينما لا تتوقعينهم، وعندما ينصب التركيز على شيء آخر.