أثر الوباء عميقاً على الصحة البدنية والعقلية للناس في جميع أنحاء العالم. ازدادت التقارير عن ارتفاع مستويات التوتر والقلق والاكتئاب وحتى التفكير في الانتحار. وبينما ركزت الكثير من الأبحاث على البالغين، لا بد من الإقرار بأن الصحة العقلية لدى الأطفال معرضة للخطر أيضاً.
فعلى غرار الآباء، يؤثر الوباء على الأطفال من نواحٍ كثيرة، وفي بعض الأحيان كان أكثر وقعاً عليهم من ذويهم حتى!
تعرَّض روتينهم اليومي لتغيير جذري، ربما كان صعباً على الكثير منهم تقبُّل ظواهره الجديدة، فلا تجمعات للأطفال ولا حفلات أعياد ميلاد ولا حتى صفوف مدرسية كما عهدوها.
وحتى لو ادعى المراهقون أنهم لا يمانعون الجلوس في المنزل والانعزال عن الآخرين، إلا أن آثار كل هذه الخسائر ستطفو على السطح لاحقاً.
وإضافة إلى العمر، فإن التأثير يعتمد أيضاً على أنواع شخصياتهم؛ فالأطفال الأكثر انطوائية وخجلاً قد يستمتعون مؤقتاً بسبب قضاء مزيد من الوقت في المنزل والتعلم عبر الإنترنت، لكن سرعان ما يتسلل الملل.
أما الأطفال الذين يتمتعون بشخصية منفتحة، فقد خسروا القدرة على التواصل الاجتماعي مع أقرانهم والعمل ضمن فريق، وتبادل الطاقة الإيجابية مع الآخرين.
نستعرض في هذا التقرير 4 علامات تدل على تدهور الصحة العقلية لدى الأطفال.
4 علامات تدل على تدهور الصحة العقلية لدى الأطفال
بحسب ما نشره موقع Mindbodygreen، لا يوجد تشخيص واحد يناسب الجميع، وإذا كان الآباء يعانون أيضاً من القلق أو الاكتئاب، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد التعرف على مشاعر الأطفال بشكل أكبر.
بشكل عام، هناك بعض العلامات الشائعة على أن الأطفال لا يتأقلمون جيداً، وما يحتاج الآباء بالتأكيد معرفته هو كيفية مساعدة أطفالهم خلال هذه الأوقات الصعبة.
عادات النوم المتغيرة أو السيئة: انتبه إلى طريقة نوم أطفالك. لاحظ ما إذا كانوا لا ينامون طوال الليل بأكمله أو يواجهون صعوبة في النوم.
الشكاوى الجسدية: قد يشتكي الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية من أعراض جسدية مثل آلام الرأس أو المعدة.
التغييرات في النظام الغذائي: يعد فقدان الشهية فجأة أو أي تغيرات أخرى مع أنماط الأكل الخاصة، من مؤشرات معاناتهم النفسية.
التقلبات المزاجية: إذا بدأ الأطفال في اختبار نوبات انفعالات سلوكية أو عاطفية، أو شعروا بالضيق والإحباط بسهولة، أو كانوا ينهارون سريعاً بسبب المواقف البسيطة، فلا ينبغي إلقاء اللوم على العمر أو الهرمونات أو الجنس فقط؛ الأمر أكثر تعقيداً.
كيف أتعامل مع كل هذه السلوكيات؟
يجب أﻻ تكون خبيراً نفسياً كي تتمكن من مساعدة أولادك. فإذا أظهر الأطفال أي علامات تدل على أنهم يعانون من مشاكل نفسية، يمكن التدرج في هذه المحاولات:
الحوار: وإجراء محادثات صريحة وصادقة مع الأطفال؛ لمحاولة الكشف عما يزعجهم، سواء كان ذلك في المدرسة أو المنزل أو الأصدقاء، وما إلى ذلك. تذكَّر أن تظل هادئاً واسأل كيف يمكنك المساعدة.
المدرسة: اسأل عما إذا كان لدى مَدرسة الأطفال مستشار مدرسي أو أخصائي نفسي؛ للمساعدة في تعليم الأطفال استراتيجيات التكيف.
مساعدة متخصصة: إذا استمرت المشاكل التي يواجهها الأطفال لأكثر من أسبوعين، فاطلب المساعدة المتخصصة؛ حتى يتمكن الأطفال من تعلم الاستراتيجيات ومهارات التأقلم التي يمكن أن تفيد صحتهم العقلية الآن وفيما بعد.
دراسات وإحصائيات
في هذا السياق، كشفت دراسة أمريكية جديدة نُشرت في دورية طب الأطفال Pediatrics Show وشملت 1011 من الآباء في أوائل يونيو/حزيران 2020، ما يلي:
27 % قالوا إن صحتهم العقلية قد ساءت منذ مارس/آذار.
14 % قالوا إن سلوك أطفالهم أصبح أسوأ.
وأبلغ ما يقرب من 18% من الآباء عن تدهور صحتهم البدنية.
وقال 4% إن صحة أطفالهم تدهورت أيضاً.
وتبيَّن أن هذه المشاكل ظهرت أكثر لدى العائلات التي كان عمر أطفالها أصغر نسبياً، بسبب توقف دور الرعاية عن العمل وتراجع مدخول الأسرة والخوف من عدم القدرة على تأمين الغذاء اللازم.
وفي تعليق على الدراسة، قال الطبيبان رايان كولير وسارة ويبر، من جامعة ويسكونسن ماديسون: "العواقب الفريدة التي فرضتها جائحة كورونا على الأطفال قد يتم تجاهلها… والتقارير الأخيرة عن زيادة العنف الأسري تنذر بالسوء".