قد يؤدي إجهادك في العمل إلى إيذاء قلبك حرفياً، وليس على سبيل المجاز، لمعرفة تأثير الإرهاق الشديد على القلب فقد وجدت دراسة وجود صلة بين الإرهاق الشديد ونوع من عدم انتظام ضربات القلب، هو الرجفان الأذيني، المعروف أيضاً باسم AFib أو AF، وهو أكثر أنواع اضطراب نبضات القلب شيوعاً.
بالإضافة إلى عدم انتظام ضربات القلب يمكن أن يسبب الرجفان الأذيني أعراضاً مثل ألم الصدر وخفقان القلب والدوخة وضيق التنفس والشعور بالتعب، كما أنه يمكن أن يُزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، التي قد تحدث حتى في حالة عدم ظهور الأعراض.
في الدراسة الجديدة، التي نُشرت في 13 يناير/كانون الثاني 2020، في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، وجد الباحثون وجود صلة بين الإرهاق الشديد وخطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وقال الدكتور ديفيد فريدمان، مدير خدمات فشل القلب في لونج آيلاند، نيويورك، إن هذه الدراسة تشير إلى أن "الإجهاد وضعف القدرة على التكيف، إلى جانب أعراض الاكتئاب، يمكن أن تسهم في الرجفان الأذيني".
تأثير الإرهاق الشديد على القلب
الإرهاق الشديد هو أكثر من مجرد اكتئاب، تربط منظمة الصحة العالمية الإرهاق بـ "الإجهاد المزمن في مكان العمل الذي لم تتم إدارته بنجاح"، والذي قد يظهر كإرهاق من العمل أو الشعور بفاعلية أقل في العمل.
أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب، وهي شركة تقدم الاستشارات الإدارية والموارد البشرية والبحوث الإحصائية، وتمتلك ما يقرب من 40 مكتباً عبر دول العالم، ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة واشنطن، مؤخراً، أن حوالي ثلثي العاملين بدوام كامل يعانون من الإرهاق في أثناء العمل، مع شعور ربعهم تقريباً بالإحباط "كثيراً أو دائماً".
ومع ذلك، قال مؤلف الدراسة الدكتور بارفين جارج، أستاذ مشارك في الطب السريري في كلية الطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، لشبكة CNN، إن الإرهاق يمكن أن يحدث بسبب أي ضغوط، بما في ذلك التوتر الشخصي أو التوتر في المنزل أو في عائلتك.
– مستمراً لفترة طويلة: يستمر هذا النوع من الرجفان الأذيني ويبقى لمدة أطول من 12 شهراً.
– دائماً: في هذا النوع من الرجفان الأذيني لا يمكن إعادة نظم القلب إلى الحالة الطبيعية، سيظل الرجفان الأذيني للأبد، وستحتاج في الغالب إلى تناول أدوية للتحكم في معدل ضربات القلب والوقاية من تكوين جلطات الدم.
الرجفان الأذيني والصحة النفسية علاقة متبادلة
في إحدى الدراسات، كان لدى المحاربين القدامى من الشباب ومتوسطي العمر الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) خطر أعلى للإصابة بمرض الرجفان الأذيني.
وتُشير دراسة أخرى إلى أنه قد تكون العلاقة بين الرجفان الأذيني والصحة النفسية مُتبادلة، فيمكن أن يتسبب الرجفان الأذيني في حدوث الاكتئاب والقلق، لكن أيضاً الاكتئاب والقلق قد يخلقان بيئة في القلب تسمح ببدء الرجفان الأذيني أو تفاقمه.
يقول الدكتور ماثيو بودوف، أخصائي أمراض القلب في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا: "إنه ليس من المستغرب أن يزيد الإرهاق من خطر إصابة شخص ما بالرجفان الأذيني، فعندما يتوتر المرضى ترتفع مستويات الأدرينالين لديهم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث الرجفان الأذيني".
في الدراسة الجديدة، تابع الدكتور بارفين جارج وزملاؤه أكثر من 11000 شخص لمدة 25 عاماً تقريباً، باحثين عن علامات الإرهاق الشديد والغضب والاكتئاب وضعف الدعم الاجتماعي، وقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم أعلى مستويات من الإرهاق كانوا أكثر عرضة لخطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وأثناء المتابعة تمت المقارنة بأولئك الذين لا يعانون من الإرهاق الشديد.
وكانت النتيجة أن الأشخاص الذين أبلغوا عن استخدام مضادات الاكتئاب أكثر عرضة لخطر الإصابة بالرجفان الأذيني.
وجد الباحثون أن 20.7% من الأشخاص الأكثر إجهاداً في العمل قد طوروا الرجفان الأذيني، في حين أن 18.2% فقط من الناس الأقل إجهاداً قاموا بذلك.
يقول الدكتور نيكولاس سكيبتاريس، مدير الفيسيولوجيا الكهربية القلبية في مستشفى لينوكس هيل في مدينة نيويورك، إن الفرق البسيط بين هاتين المجموعتين ليس ذا مغزى سريري، خاصة أن المجموعة الأكثر إجهاداً كانت تتعامل مع الإرهاق الشديد لعدة سنوات.
وهناك العديد من عوامل الخطر الراسخة للإصابة بالرجفان الأذيني، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشراهة.
لكن الدكتور ديفيد فريدمان يقول إن الإجهاد يمكن أن ينشط استجابة الجسم للضغط النفسي، ويسبب إطلاق جزيئات مؤيدة للالتهابات قد تتلف أنسجة القلب، والتي يمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى حدوث الرجفان الأذيني.