هناك بعض الأشخاص يُسبب لهم اللمس ألماً ورعباً حقيقياً، هناك من لا يحتاجون للأحضان كي يشعرون بالدفء والأمان، بل على النقيض تكون الأحضان بالنسبة لهم شئ مُرعب وكابوساً مُفزعاً، هؤلاء هم الأشخاص الذين يُعانون من رُهاب اللمس.
الأشخاص الذين يعانون من رُهاب اللمس يكون لديهم خوفاً شديداً من التعرض للمس، وهو المرض الذي يُطلق عليه اسم هافيوفوبيا Haphephobia، ويمكن للمُصابين بهذا المرض أن تتسبب اللمسة الإنسانية العابرة في إحداث الألم لهم، في بعض الحالات، يكون الخوف مُرتبطاً بالجنس الآخر فقط، بينما في حالات أخرى، يرتبط هذا النوع من الرُهاب بخوف اللمس من جميع الناس.
هافيوفوبيا هكذا يكون الضيق من اللمس مرضياً
مرض Haphephobia أو رُهاب اللمس، هو اضطراب قلق يتسم بالخوف من التعرض للمس، يمكن للمس من قِبل الغرباء أو بدون موافقة أن يجعل الكثير من الناس غير مرتاحين ويُسبب لهم هذا الشئ الكثير من الضيق، ومع ذلك، إذا كان الخوف شديداً، ويظهر حتى عند يتم لمس الشخص من قِبل العائلة أو الأصدقاء، ويتسبب في حدوث ضائقة كبيرة ورُعباً مُبالغاً فيه، فقد يُصبح الأمر مرضاً.
يختلف هذا الاضطراب عن فرط الحساسية للمس، وهو ما يسمى allodynia، وهو المرض الذي قد يتجنب فيه الشخص اللمس أيضاً، لكنه يفعل ذلك لأنه يسبب له الشعور بالألم بدلاً من الخوف.
أعراض هافيوفوبيا أو رُهاب اللمس
يُعدّ Haphephobia هافيوفوبيا أكثر من مجرد شعوراً سلبياً داخلياً يحدث عندما يمنحك شخص ما عناق غير مرغوب فيه أو يغزو مساحتك الشخصية في مترو الأنفاق، الأمر أعمق من ذلك، فقد يُسبب شللاً ناتجاً عن الشعور بالخوف، وغالباً ما يمكن أن يكون له تأثير مدمر على حياتك إذا لم تتم معالجته، هذا الشعور بالشلل هو ما يُفرق بين شخص لا يشعر بالارتياح عند اللمس، وشخص أخر لديه رهاب حقيقي من اللمس.
في حالة رهاب اللمس، غالباً ما يكون هناك رد فعل جسدي عنيف وغير مُتوقع أو طبيعي، وقد يشمل:
نوبات الهلع، القشعريرة، الإغماء، الغثيان، خفقان القلب وتسارع نبضاته، حالات الإختناق.
قد يُظهر الأطفال الأعراض التالية عند لمسهم: البكاء، التجمد في أماكنهم، نوبات الغضب الغير مُبررة، التشبث بمقدمي الرعاية لهم.
في بعض الحالات، يمكن أن يصبح الخوف شديداً لدرجة تجنب الشخص للأماكن والمواقف التي تسبب القلق، وفي حالة الأشخاص الذين يعانون من رُهاب اللمس، فقد يتجنبون المواقف التي قد تؤدي إلى التعرض للمس.
يُعتبر هافيوفوبيا الخوف من اللمس رُهاباً عندما يظهر الخوف تقريباً في كل مرة يتم فيها لمس الشخص، وعندما يتسبب في إضعاف العلاقات أو يُسبب أزمات في الحياة العملية.
كيفية تشخيص هافيوفوبيا رُهاب اللمس
يُشبه Haphephobia هافيوفوبيا أنواعاً أخرى من الرُهاب، ولكنه من الأنواع النادرة، يتم تشخيص هذا الاضطراب بنفس المعايير التي يحددها الإصدار الجديد من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، لتشخيص أي رهاب محدد يجب استيفاء المعايير التالية لتشخيصها من الرهاب:
خوف مُفرط وغير عقلاني من الموقف الذي يُصبح في هذه الحالة اللمس، التعرض لهذا الموقف يسبب استجابة فورية من القلق أو نوبة فزع، يعلم الشخص الذي يُعاني من هذا الأمر أن خوفه مُفرط وغير عقلاني، يتم تجنب الوضع بأي شيء أخر عندما يكون ذلك ممكناً، يتداخل الخوف الزائد أو القلق مع قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية العادية.
ما الذي يُسبب رُهاب اللمس؟
لا يوجد سبب معروف لهذا الاضطراب، وإن كان الباحثون يعتقدون أن الناس يولدون به أو أن التغيير في وظائف المخ قد يلعب دوراً في حدوث الاضطراب، يعتقد البعض الآخر أنه ناجم عن تجارب الماضي المؤلمة.
وقد يكون الاضطراب هافيوفوبيا أكثر عرضة للتطور عند أولئك الذين عانوا من الاعتداء الجنسي أو صدمة أخرى في الطفولة، فيكون لديهم تجربة أو صدمة حدث مؤلم ينطوي على اللمس، قد لا يتذكر الشخص الحدث الذي أثار الرُهاب، خاصةً إذا كان صغيراً جداً في ذلك الوقت.
هذا الرُهاب يمكن أن ينتقل أيضاً إذا تواجد لدى واحد من أفراد الأسرة، فيمكن لأي شخص أن يتعلم الخوف الزائد من لمسه إذا لاحظ أحد أفراد أسرته لديه خوف زائد من اللمس أو يتجنب التعرض للمس، وقد يكون رُهاب اللمس مُرتبطاً باضطرابات أخرى، مثل:
1- الخوف من الجراثيم (mysophobia): فقد يتجنب الشخص لمسه بسبب الخوف من التلوث أو عدم النظافة ومن ثم الإصابة بالجراثيم.
2- الخوف من الحشود: فيمكن أن يشعر الشخص المصاب برهاب اللمس بالقلق من التعرض للغرباء عند الحشود.
3- الوسواس القهري (OCD): قد يخشى الشخص المصاب بالوسواس القهري بعض المواقف الخارجة عن سيطرته، مثل التعرض للآخرين ولمساتهم.
4- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يمكن أن يأتي الخوف من التعرض للمس من تجربة صادمة سابقة تنطوي على اللمس، مثل مشاهدة أو التعرض للاعتداء الجنسي.
كيفية التعامل مع هافيوفوبيا رُهاب اللمس.
لا يوجد "علاج" واحد ل هافيوفوبيا، ولكن هناك خيارات علاجية يمكن أن تساعدك على التحكم في حالتك، مثل:
1- علاج التعرض:
في هذا النوع من العلاج، تتعرض ببطء للموقف المخيف، والذي يكون في هذه الحالة اللمس، تحت إشراف المعالج أو المدربين، بحيث يمكنك إنشاء بيئة آمنة تتمكن من خلالها أن تُصالح نفسك ببطء على مخاوفك، التجارب الإيجابية المتكررة من خلال التعرض للمس قد تغير ببطء مشاعرك السلبية تجاه الأمر.
2- الأدوية:
الأشخاص الذين يعانون من رُهاب اللمس، غالباً ما يعانون من القلق أو الاكتئاب، لذلك يكون من المفيد في بعض الحالات علاج تلك الحالات الشديدة بمضادات الاكتئاب أو القلق، ولكن يجب أن يحدث الأمر تحت إشراف طبي.
3- العلاجات السلوكية:
يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي، والذي تتم خلاله مساعدتك على فهم جذور خوفك وتعلم تغيير الأفكار والمعتقدات التي تسبب الخوف، الأشخاص في بعض الأحيان على السيطرة على المخاوف والرهاب.
هناك أشياء أخرى قد تكون مُفيدة، مثل:
1- تمارين التنفس وغيرها من تقنيات الاسترخاء قد تكون مفيدة لإدارة نوبات القلق والذعر، فالتركيز على أخذ الأنفاس الطويلة والعميقة يمكن أن يقلل من الأعراض الفورية للقلق عند لمس الشخص.
2- التأمل يمكن أن يساعد الشخص على فهم طرق تفكيره وسلوكياته وتطوير طرق أفضل للتعامل مع القلق.
3- ممارسة الرياضة، وقضاء بعض الوقت للاسترخاء والحصول على قسط كاف من النوم، من الوسائل القوية لتعزيز الصحة العقلية الشاملة، فغالباً ما تستخدم الرعاية الذاتية لتقليل القلق والذعر ويمكن أن تساعد أيضاً الشخص على معالجة الرهاب.
4- يمكن أن يساعد الطبيب الأزواج أو العلاج الأسري أولئك الأقرب إليك على فهم خوفك وتطوير طرق بديلة عن اللمس والاحتضان للتعبير عن حبهم لك .