هل تساءلتم يوماً: ما هي أحلام اليقظة؟ وهل هي مجرد سهو عديم الفائدة أم أنها وسيلة للاسترخاء والخروج بأفكار إبداعية؟
بحسب موقع Psychologies الفرنسي، فإن أحلام اليقظة طريقة من الطرق التي تنتهجها أدمغتنا
للوصول إلى توازن داخلي، ومعالجة ذكرياتنا، بل حتى تحديد هوياتنا، فكيف يحدث ذلك؟
ما هي أحلام اليقظة؟
يضع القاموس تعريفاً لمصطلح "أحلام اليقظة" ينطوي على شيء من الازدراء لهذا النوع من الأحلام.
فهو يعرفها بأنها: "التوقف عن التفكير، وضياع الخيال في أحلام مبهمة ومتغيرة وكثيراً ما تكون وهمية".
ومع ذلك، فالأوقات الوحيدة التي نستطيع فيها إطلاق العنان لأخيلتنا، هي تلك الأوقات التي لا تكون فيها عقولنا تحت سيطرة مؤثرات خارجية.
صحيح أنه في غياب المحفزات الخارجية (مثل الضوضاء المحيطة بنا)، ينزلق العقل إلى أحلام اليقظة، لكن من الخطأ الزعم أنَّ هذا النشاط غير مجدٍ، فالعكس صحيح تماماً.
فمنذ زمن بعيد، اكتسب ما يُسمى الخمول الدماغي دعاية سلبية؛ نتيجة الخلط بينه وبين الكسل.
وفي مدينة فانكوفر الكندية، سلَّط مختبر The Cognitive Neuroscience of Thought المتخصص في دراسة أحلام اليقظة، الضوء على عدد من المفاهيم المغلوطة حول هذا الأمر.
فوائد أحلام اليقظة
حين يتوقف المخ -ظاهرياً- عن التركيز على نشاط ما، تبدأ شبكة "الوضع الافتراضي" بالعمل.
وتضطلع هذه الشبكة بدور أساسي في معالجة الذكريات الشخصية وبناء الهوية.
ويكون المخ في تلك الحالة أبعد ما يكون عن وضع الخمول.
وفي الواقع، يتداخل الانغماس في أحلام اليقظة مع مجموعة كبيرة من الأنشطة الإدراكية، بدايةً من التصورات الخيالية وحتى التخطيط أو الخروج بأفكار إبداعية.
لكن في جميع الأحوال، ينتج عن أحلام اليقظة تدفق فوضوي من جميع أنواع الأفكار التي تشق طريقها إلى الوعي بطريقة مباغتة وخارجة عن السيطرة.
وفي هذا الصدد، تُشبِّه كالينا كريستوف، مؤسسة المختبر الكندي، العقل البشري بنظام عضلي يقوم على نشاط القوى المعاكسة؛ فمثلاً حين تقبض عضلات ذراعك، تتقلص عضلة وترتخي أخرى.
ومن ثم، فحين ترخي عقلك، تحدث العملية المعاكسة فوراً.
وتؤكد البروفسورة كريستوف
أنَّ الثقافة الغربية تشجع على التركيز وتثبط جميع طرق التفكير الأخرى التي نمارسها حين نكون بمفردنا، كأن نحلم في يقظتنا على سبيل المثال.
أينشتاين نفسه أدرك أهمية أحلام اليقظة
تقول كالينا كريستوف إنَّ التجول بعقولنا له عدد من المزايا؛ أبرزها أنه يسمح لعقولنا بتأسيس روابط ليست ممكنة في أي وضع آخر.
ويصف جون جاك روسو، في كتابه "أحلام يقظة جوال منفرد" "Les Rêveries du promeneur solitaire"، المتعة التي يجدها في أحلام اليقظة، ويبرز كذلك أحد أهم أدوارها؛ وهي أنها تسمح بإطلاق العنان للخيال.
ويقول روسو، في كتابه، إنَّ أحلام يقظته تنتهي بتأملات، لكن في الأغلب تأملاته هي التي تنتهي بالانغماس في أحلام اليقظة.
وفي أثناء هذه الضلالات، تتجول روحه وتحوم في الكون على أجنحة الخيال، في نشوة تتجاوز أي متعة أخرى.
وفي الحقيقة، تعد أحلام اليقظة في جوهرها عملية إبداع.
ففي خيال صاحب الأحلام، تظهر عديد من الخيارات، بعضها حقيقي وبعضها غريب.
ألبرت أينشتاين نفسه فهم القوة الكامنة في أحلام اليقظة.
إذ رأى أنَّ هذه القدرة التي يتمتع بها العقل البشري تُمكِّنه من الربط بين أفكار مختلفة، وأنها واحدة من الوسائل القليلة الممكنة لتوليد أفكار جديدة.
الوصول للتوازن
هل هناك أماكن مناسبة للاستغراق في أحلام اليقظة؟ وهل توجد أوقات أفضل من غيرها لممارسة ذلك؟
بالنسبة للبعض، الغروب هو أفضل وقت للاستغراق في هذه الأحلام.
ومع ذلك تختلف الأماكن واللحظات المناسبة من شخص إلى آخر.
ومن المهم أن نتذكر أنَّ أحلام اليقظة ممارسة ينبغي قبولها والتسليم بها نتيجة فوائدها.
فالعقل يحتاج لحظات من الانقطاع والتأملات الفوضوية للوصول إلى التوازن في مواجهة موجات البيانات من جميع الأنواع التي تتدفق إلى عقولنا يومياً.